وسط بلدة أورلاندو، التابعة لولاية فلوريدا، جنوب شرق الولاياتالمتحدةالأمريكية، تظهر للزائر بُحيرَة عملاقة تتوسط منتزها رفيعا يحمل اسم "حديقة بحيرة إيولا"، يحيط بها رصيف يمتد طوله ل15 كلم، وتعد متنفسا هادئا لساكنة المنطقة، التي تعد مركزا لكبرى الشركات التجارية والمالية في أورلاندو. ما يميز المنطقة الطبيعية، التي تنتصب أمامها مجمعات سكنية علاقة ومقرات مؤسسات مالية وبناية شاهقة لمحكمة مقاطعة "أورانج"، هو ضمّها لفضاء شاسع يتيح لروادها من الساكنة ممارسة ومتابعة مختلف الأنشطة الترفيهية والفنية والرياضية، بجانب احتضانها لسوق أسبوعي مخصص للمنتجات الزراعية؛ فضلا عن تنظيم معارض ومهرجانات ثقافية وحفلات الأعياد والأعراس. أنشطة منتزه "بحيرة إيولا"، التي تحيط بها خمسة شوارع رئيسية (نورث روزالاند، واشنطن، إيست روبينسون، نورث إيولا وإيست سونترال)، وتتوسطها نافورة عملاقة، تعود نشأتها للعام 1957، وتمتد أيضا إلى القوارب الترفيهية التي تتجول بالمرتادين وسط مياه البحيرة الهادئة، يؤثثها مشهد طيور الإوز الأليفة؛ فيما تثير انتباه الزائر انتصاب معالم تذكارية تعود لدول مختلفة، مثل نصب "Chinese pagodas" الصيني الذي يعود للقرن الخامس الميلادي، ونصب آخر يرمز إلى تكريم الجنود الأمريكان الذين قضوا في إحدى معارك الحرب العالمية الثانية بمشاركة بلجيكا ولوكسمبرغ. انطلاقا من هذه المعالم التاريخية، التي تأخذ شكل مجسمات إسمنتية ومناسبة للزوار من أجل اكتشافها، ظهرت فكرة بناء نصب مغربي لمعلمة تاريخية معروفة في المملكة، تبنتها الغرفة التجارية المغربية الأمريكية، وقدمتها لسلطات بلدية أورلاندو، التي أبدت رغبتها في تنزيل المشروع المغربي وفق دفتر تحملات، في انتظار تفاعل السلطات المغربية في شقها الدبلوماسي والرسمي. يونس بوكرين، نائب رئيس الغرفة التجارية المغربية الأمريكية "MACC"، وهو صاحب الفكرة، يقول في لقاء جمعه بهسبريس في أورلاندو، إنّ الفكرة "نابعة من حب الوطن والغيرة عليه والشعور بالوطنية، عبر تخصيص مكان له وسط هذه المساحة التي تعد من أجمل المنتزهات في المنطقة"، مضيفا: "أتردد بشكل مستمر على البحيرة وتساءلت: لماذا لا يكون للمغرب مكان ضمن تلك المعالم التاريخية المنتصبة، خاصة أننا نتوفر على تاريخ وتراث يتيح لنا الانخراط في هذا المشروع". مشروع مغربي واعد وتابع بوكرين بأنّ فكرة إهداء معلمة تاريخية مغربية لأورلاندو عبر نصب تذكاري بمنتزه "إيولا" تم عرضها على المكتب التنفيذي لMACC، في سياق البرامج والمشاريع التي تطرح، وزاد:"تمّ قبولها والترحيب بها، وتم تفويضي بمعية عضوين آخرين، هما نجيب العمري ومحمد الفلالي، لمباشرة الخطوات اللازمة مع سلطات بلدية أورلاندو.. وأخبرك بأننا استجبنا ل75% من دفتر تحملات السلطات ولبينا مطالبها". وحسب يونس بوكرين، فإن الكرة في ملعب الجانب المغربي لإكمال المشروع، مضيفا: "نحن في طور التشاور مع المصالح الدبلوماسية في السفارة المغربية بواشنطن والقنصلية العامة للمملكة بنيويورك من أجل الحسم في المعلمة التاريخية التي ستقام في المنتزه"، وزاد: "بعد نقاش عميق ارتأينا في الغرفة أن نترك الاختيار لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي نتمنى أن تصله رسالتنا ويلقى المشروع إعجابه، وأملنا أن يحصل على الرعاية الملكية السامية". ويرى الشاب المغربي، الذي يدير أكبر شركات لبيع السيارات العالمية في أورلاندو، أن تخصيص نصب تاريخي بمنتزه "بحيرة إيولا" سيكون بمثابة مفخرة للجالية المغربية في المدينة والولاية وكافة أمريكا، مردفا: "وستكون فخرا أيضا للمغاربة، حين يمرون من هنا ويشاهدون العلم المغربي وسط أشهر المنتزهات الأمريكية، ومناسبة لأي مواطن أمريكي للاطلاع على التاريخ المغربي. أملنا أن نترك بصمة لوطننا تفتخر بها كل الأجيال".