بدَا وزير العدل والحريات السابق متأثرا وهوَ يتلو خطابَ وداع الطاقم الذي اشتغل بمعيّته في الوزارة، اليوم الخميس، في حفْل تسليم السلط لوزير العدل الجديد، محمد أوجار. ولم يتمالك الرميد نفسه حينَ أشرف على إتمام خطابه، إذ غلبته الدموع حينَ قال: "لقد تحمّلت خلال السنوات الخمس الماضية مهمة نبيلة وثقيلة تستدعي العمل اليومي، وسأغادر الوزارة وأنا مقتنع بأنني تركتها بين أيدٍ أمينة، وأنا راضٍ بما قدمت لقضاء بلادي ومحاكم بلادي". وزير العدل والحريات السابق كشف أنه التمس من رئيس الحكومة الجديد، سعد الدين العثماني، إعفاءه من أيّ مهمة في المرحلة القادمة، لكنّه عدَل عن هذا القرار، بعد أنْ أسند إليه الملك محمد السادس حقيبة وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. الرميد أوْصى خلَفه محمد أوجار بمواصلة مشروع إصلاح منظومة العدالة الذي بدأه قبل خمس سنوات، "والذي بنيناه حجَرا حجَرا"، كما قال، وقدّمَ له نسخة من مشروع ميثاق إصلاح منظومة العدالة، الذي تمخّض عن الحوار الموسّع الذي أطلقته وزارة العدل والحريات في عهد الوزير السابق، ودامَ سنة كاملة. ووصف الرميد مسلسل إصلاح منظومة العدالة ب"الطريق الوعر"، لكنّه بدَا متفائلا باستكمال باقي أطوار هذا المسلسل على يَد وزير العدل الجديد، قائلا وهو يخاطب أوجار: "ثقتنا فيكم كبيرة لاستكمال المسير وتحقيق الغاية المنشودة، ومدِّ مسلسل الإصلاح بنفَس جديد". ومن بين النقاط التي أكّدَ عليها الرميد في "وصاياه" إلى أوجار، الإصرار على محاربة الفساد، إذ دعاه إلى عدم التنازل عن مقتضى تجريم الإثراء غير المشروع الذي جاء به مشروع القانون الجنائي الجديد، معتبرا هذا المقتضى ركيزة أساسية لمحاربة الفساد. ودافع الرميد عن حصيلته على رأس وزارة العدل والحريات، خاصة في ما يتعلق بضمان استقلال السلطة القضائية، قائلا: "بتعيين أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، اليوم يكون استقلال القضاء قد استكمل بنيانه.. ولا يمكن لأي قاضٍ أو قاضية أن يشير إلينا بالبنان أننا تدخلنا يوما في قرارات القضاء". وفي ما يتعلق بمحاربة الفساد، قالَ الرميد إنَّه لم يتمّ الاحتفاظ ولو بملف واحد من الملفات المُحالة على وزارة العدل في عهده من طرف المجلس الأعلى للحسابات، وكذا الشكايات الواردة على الوزارة من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أو الجمعيات أو المواطنين أو الجهات التي تتوفر فيها عناصر الإحالة. وأضاف الرميد أنّ جميع الملفات والشكايات التي توصلت بها الوزارة جرت إحالتها على القضاء، موصيا خلَفه خيْرا بالرقم الأخضر الذي أحدثته الوزارة، والمخصص بالتبليغ عن قضايا الارتشاء، وموضحا أنه يُفترض فيه أن يكون مركز نداء لاستقبال الشكاوى المتعلقة بالفساد. ويبْدو أنّ وزير العدل الجديد، محمد أوجار، لن يجد أيّ صعوبة لمواصلة مشوار إصلاح منظومة العدالة، في الشق المتعلّق بالتمويل، إذ قال الرميد إنَّ وزارة العدل لديها كل الإمكانيات المادية لتنفيذ كافة مشاريعها على أرض الواقع، مشيرا إلى أنَّ صناديق المحاكم وحدها تضمّ 1.6 مليارات درهم.