بعد المخاوف التي سادتْ وسط سكان مدينة أكادير، إثر انهيار 550 ألف طن من النفايات المُطمرة تحت تراب مطرح النفايات لأكادير الكبير، بداية شهر مارس الجاري، دخلت وزارة الداخلية على الخط، وتعهدت بتوفير التمويل لإنشاء مطرح جديد، في غضون سنة 2018. وقد أعلن ممثل وزارة الداخلية المكلف بقسم تدبير النفايات الصلبة عن التزام الوزارة، خلال اجتماع رفيع المستوى جمع بين كافة الجهات المعنية في مدينة أكادير، على الاشتغال على ملف مطرح أكادير كأولوية بتعاون مع مختلف المصالح ومع وزارة البيئة، حسب تقرير أعدته جمعية بييزاج للبيئة بأكادير عن اللقاء الذي كانت طرفا فيه. ممثل وزارة الداخلية، حسب التقرير ذاته، أكد استعداد الوزارة لتمويل الدراسات وتوفير المساهمة المالية لمركز تثمين النفايات الجديد لأكادير الكبير في سنة 2018، والذي لم يستفد من أي دعم في مجال تدبير النفايات. وسيُتيح مركز تثمين النفايات، الذي يزمع إحداثه في غضون سنة ونصف السنة إلى سنتيْن، تجنٌّبَ عمليّة الطمر التي تشكل خطرا محدقا بالبيئة. كمَا أنّه سيحوّل مطرح النفايات بأكادير الكبير إلى نشاط مدرّ للدخل بالنسبة إلى الأشخاص المشتغلين في عمليات الفرز، وكذلك إنتاج الطاقة وفق المعايير المعمول بها دوليا. وكان مطرح النفايات "تملاست" بأكادير، الذي يستقبلُ نفايات عشر جماعات ترتبية، قد شهد انهيار "جبل" من النفايات مطلع شهر مارس الجاري، سقطتْ على حوض مخصّص لمعالجة عُصارة النفايات؛ وهو ما أدّى إلى حدوث فيضان جارف لعُصارة النفايات بعد الطمر (الليكسيفيا lixiviat)، ودمّرَ جدارَ المطرح، وكادتْ تنجم عنها كارثة بيئية حقيقية. ويبدو أنّ الحادث لم يؤدِّ إلى مخاطر بيئية، إذ أكدتْ نتائج التحليل المخبرية الأولية سلامة المياه الجوفية للآبار الموجودة في محيط المطرح، بحُكم التركيبة الجيولوجية للموقع. كما أكدت انتفاء أخطار على صحة المواطنين القاطنين في المناطق المجاورة، حسب تقرير جمعية بييزاج بأكادير. من جهته، أوصى مدير وكالة الحوض المائي بسوس ماسة، خلال الاجتماع الذي احتضنه مقر ولاية أكادير ورأسته الوالي زينب العدوي، بربْط الدواوير المجاورة لمطرح النفايات سالف الذكر بشبكة الماء الصالح للشرب وقنوات التطهير السائل، لتفادي ارتفاع نسبة الملوحة للمياه الجوفية. وبالرغم من التطمينات التي جاءت بها نتائج التحليل المخبرية، فإنَّ عُصارة النفايات "الليكسيفيا" لا تزالُ تخلق مشكلا حقيقيا وتشكّل تهديدا للمجال البيئي لمُحيط مطرح النفايات لأكادير الكبير، حيث أكدت مديرة المرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة على ضرورة التخلّص من هذه العصارة التي تشكّل مادّة سامّة، بحُكم تراكُم كمّ هائل منها. التخلّص من "الليكسيفيا"، حسب مدير الوكالة المستقلة متعددة الخدمات، يُمكن أن يعود بالنفع على مستويات عدّة على أكادير، في حال الاشتغال على تثمين النفايات، على غرار ما هو معمول به في تجارب دولية رائدة، حيث يمكن أن توفّر مواردَ جديدة للطاقة بحوالي 750 كيلواطا للطن الواحد. جمعية بييزاج لحماية البيئة ثمّنت التفاعل الإيجابي لمختلف الأطراف مع حادث انهيار "جبل النفايات" بمطرح أكادير، مشدّدة على ضرورة تسريع وتيرة إجراءات إحداث المطرح الجديد في منطقة أبعد، بما يحفظ سلامة وصحّة المواطنات والمواطنين. وأكّدت الجمعية أنّ أفضل سبيل للحدّ من مخاطر مطرح النفايات الحالي بأكادير هو الوقاية، مبرزة أنّ "وضع حد للمخاطر الجانبية خير من مطاردة الأمراض الفتاكة، وحماية البيئة الطبيعية للأودية والأشجار والشاطئ خير من تحول منطقتنا لبؤرة سوداء للإشكالات البيئية التي تضرب في العمق صورة المدينة والوجهة ككل القريبة من المناطق الحضرية الآهلة بالسكان".