في هذا الحوار مع هسبريس، يكشف حمدي ولد الرشيد، القيادي في حزب الاستقلال، تفاصيل الصراع الدائر بين أعضاء اللجنة التنفيذية والأمين العام للحزب، حميد شباط، معلنا أنه لن يترشح لمنصب الأمانة العامة، كما لم يقرر بعد دعم أي مرشح. وطالب عضو اللجنة التنفيذية لحزب "الميزان" بضرورة تعديل المادة 54 من النظام الأساسي للحزب باعتبارها غير ديمقراطية؛ لأنها تفرض على كل مرشح لمنصب الأمين العام أن يكون عضوا في اللجنة التنفيذية، معتبرا إياها تؤسس لمنطق ديكتاتوري يمنع من لهم الحق في الترشح للأمانة العامة. ولد الرشيد قال إن هذه العملية هي لتصحيح الوضع بالنظر لكون الأمين العام للحزب اتخذ قرارات أحادية، ووصل به الأمر إلى طرد أعضاء اللجنة التنفيذية خارج القوانين المنظمة للحزب، مسجلا أنه أصبح يخالف مقررات المجلس الوطني، وأنه لا يطبق قراراته وفقا لما تم الاتفاق عليه داخل اللجنة التنفيذية. من جهة ثانية، سجل المتحدث نفسه أن قرار مساندة الحكومة، سواء كان الحزب داخلها أو خارجها، قرار اتخذه المجلس الوطني، وهو قرار ما زال قائما، مشددا على أن المجلس الوطني وحده يعود له القرار في عدم المساندة؛ لأنه هو برلمان الحزب الذي يقرر في هذه القضايا. إليكم نص الحوار: يعيش حزب الاستقلال نقاشات حادة قبل المؤتمر الوطني، ما الذي يقع داخل الحزب؟ حزب الاستقلال حزب كبير وعمره 90 سنة، والخلافات التي توجد فيه تتم تسويتها بناء على اتفاق لمسؤولي الحزب، لكن، مع الأسف الشديد، الأمين العام الحالي للحزب، حميد شباط، لم يعد يهتم بمواقف اللجنة التنفيذية للحزب، وأصبح يتصرف بهواه. شباط سبق له أن صرح بأنه لن يتجاوز ولاية واحدة، وأنه إذا لم يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية الماضية سيقدم استقالته، وصرح بذلك بمحض إرادته، والحزب لم يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية، وكذلك الانتخابات التشريعية، وهو ما يستدعي تقديم الأمين العام لاستقالته. المشكل مع الأمين العام للحزب الذي لا يريد تطبيق القوانين المنظمة للحزب، واللجنة التنفيذية لا يسمع رأيها، وإعلام الحزب أصبح لا يعبر عن رؤيته، وهو ما أكدته أكثر من خرجة للمحسوبين على شباط، في مخالفة صريحة لقرارات المجلس الوطني. منذ 2015 ونحن ننبه إلى أن الطريقة التي يسيّر بها الحزب غير صحيحة، وأردنا أن يكون التوافق في الحزب، لكن شباط، الله يهديه، لا يريد كل هذا، وانتظرنا الكثير من الوقت، وحاولنا مرات عدة معه لتقديم استقالته وأن يذهب معززا مكرما، ويترك الباب مفتوحا لمن يريد أن يترشح لقيادة الحزب ويرى فيه المؤتمر الكفاءة لهذه المهمة. للأسف، كل من أراد الترشح للحزب يعتبره شباط عدوا، وهذا أمر غير مقبول في الحزب الذي كان يجب أن يحكمه هو الديمقراطية الداخلية التي صوت لها مناضلو الحزب. على ذكر الديمقراطية الداخلية، يتبادر السؤال، لماذا الانقلاب على شباط في هذه المرحلة دون انتظار ما سيقرره المؤتمر؟ هذه العملية هي لتصحيح الوضع بالنظر إلى كون الأمين العام للحزب اتخذ قرارات أحادية، ووصل به الأمر إلى طرد أعضاء اللجنة التنفيذية خارج القوانين المنظمة للحزب، وأصبح يخالف مقررات المجلس الوطني، ولا يطبق قراراته وفقا لما تم الاتفاق عليه داخل اللجنة التنفيذية. مثلا، المجلس الوطني تم خلاله تأييد المشاركة في الحكومة ودعمها، سواء شاركنا أم لم نشارك، وأصبح يخالف ما تم الاتفاق عليه، بالإضافة إلى ذلك قرر طرد ثلاثة من أعضاء اللجنة التنفيذية بسبب تصريحات صحافية، ولكن الحكم الذي تم تطبيقه عليهم هو في الحقيقة حكم عسكري وهم مدنيون يمارسون السياسية. بعد ذلك اجتمع المجلس الوطني، الذي أحالتهم عليه لجنة للتأديب، ولكن لم نتفق معه حول المدة التي يمكنه أن يوقفهم خلالها، ولجنة التحكيم جمدت عضويتهم 18 شهرا، وتوجهوا إلى المحكمة وفقا لما ينص عليه قانون الأحزاب، وتم جمع المجلس الوطني؛ حيث تقلص الحكم إلى توقيف لمدة 9 أشهر. وبعد صدور قرار المحكمة برفض الحكم، عاد ليتخذ قرارا من تلقاء نفسه دون العودة إلى اللجنة التنفيذية أو المجلس الوطني، وتم تجميد عضويتهم. بعد ذلك، أعلن شغور مقاعد أربعة أعضاء آخرين بدعوى أنهم مطرودون رغم أنهم يمارسون مهامهم، باستثناء كنزة الغالي التي تم تعيينها سفيرة، بالإضافة إلى ذلك طلعت علينا جريدة "العلم" لتؤكد فك الارتباط مع العدالة والتنمية، وهذا مخالف لما قرره المجلس الوطني. في هذا السياق جمعتم الفريقين البرلمانيين. هل نعتبر الأمر رفضا لقرار شباط؟ أي حزب ليس له فريق في البرلمان ليس له دور في مساندة الحكومة من عدمها، وهذا الأمر مبني على توفره على النواب والمستشارين، وخلال لقاء الاثنين الماضي حضر 36 من النواب، من أصل 46 برلمانيا، ومن المستشارين البالغ عددهم 25 حضر 22. يعني أن فريقي الحزب في البرلمان يساندان أغلبية العثماني في انتظار تشكيل الحكومة؟ قرار مساندة الحكومة، سواء كنا خارجها أو داخلها، قرار اتخذه المجلس الوطني، والمجلس الوطني وحده له القرار في عدم المساندة؛ لأنه هو برلمان الحزب الذي يقرر في هذه القضايا. هناك تساؤل لدى الكثيرين، كنتم من المساندين لشباط، وفجأة قررتم الانقلاب عليه، ما هو سبب التحول في موقفكم في هذا التوقيت بالضبط؟ كنت من الأوائل الذين ساندوا شباط لتولي مهمة الأمين العام ولا أنكر هذا الأمر وقلتها صراحة لعبد الواحد الفاسي الذي كان معارضا له وقتها، وساندته إلى غاية سنة 2015، ومنذ ذلك التاريخ لم أخرج هذا الأمر للعلن لأني لا أريد أن أفجر الحزب، وعملت على إصلاح ما يمكن إصلاحه من الداخل؛ لأن الذي يهمني هو الحزب، وليس الشخص. حاولت إقناع شباط بالتنازل عن الحزب لكنه يحدد معك موقفا وبعد ذلك يغيره، خروجي في هذا التوقيت هدفه تصحيح المسار عبر عقد مؤتمر قانوني عن طريق عقد اللجنة التنفيذية للقاءاتها؛ لأنه يتخذ القرارات بعيدا عنها. فإذا توافقنا، هذا ممتاز. وإذا لم نتوافق، نلجأ إلى الانتخابات داخل اللجنة التنفيذية، ويتم تحديد المؤتمر. ومن أراد أن يترشح لمنصب الأمين العام يمكنه ذلك. لكن لابد من تعديل المادة 54 من النظام الأساسي للحزب باعتبارها غير ديمقراطية، ووقتها يمكن لأي أن يترشح لقيادة الحزب، وإذا نجح بالديمقراطية والمعقول الله يعاون. ماذا خرق شباط في قوانين الحزب؟ شباط اليوم يتلاعب بالأوقات؛ لأن اللجنة التحضيرية كان يفترض فيها أن تحدد توقيتا للمؤتمر، وطلبنا منه أن يتم تقسيم المنتدبين للمؤتمر على الجهات بناء على نتائج الانتخابات أو المنخرطين، ووضعنا ثمان سيناريوهات للجنة التحضيرية، وقلنا له اختر ما تراه مناسبا ويتم بناء عليه انتداب المؤتمرين، وهو لا يريد ذلك. هل نفهم منكم أنكم تدعمون الطرف الآخر وهو نزار بركة للترشح للأمانة العامة؟ إلى حد الآن لم ندعم أي مرشح، ونزار بركة لم يقدم ترشيحه بعد، ونزار هو عضو المجلس الوطني، ويوم طلب منه شباط الاستقالة من الحكومة قام بذلك، وهو واحد من الحزب الذي له الحق في الترشح، لكن إلى حدود الساعة لم يعلن ترشيحه، ونحن كأعضاء اللجنة التنفيذية موقفنا واضح، هو ضرورة تعديل المادة 54 التي تربط الترشح للأمانة العامة بضرورة التوفر على العضوية في اللجنة التنفيذية الحالية، وهذه ديكتاتورية، وأي واحد يريد أن يترشح له ذلك. هل يمكن أن يترشح الأستاذ حمدي ولد الرشيد للأمانة العامة؟ لا يمكن ذلك وهذه غير واردة، وأقسم لك عليها الآن، ولن أترشح، لكنني عضو في الحزب أطالب باحترام الديمقراطية الداخلية للحزب. من يمكنكم أن تدعموا في المؤتمر المقبل؟ إلى حدود الساعة لم نختر مرشحا بعد، وإن قلت بدعم أحد الآن فأنا لست ديمقراطيا، وعند توافق اللجنة التنفيذية على دعم مرشح، وقتها سأدعمه كذلك. أنتم اليوم 14 عضوا من اللجنة التنفيذية من أصل 26، يمكن لكم أن تميلوا الكفة للمرشح الذي تريدونه القانون يتحدث عن الأغلبية ونحن اليوم أغلبية. هل نفهم من كلامك أن شباط يشتغل خارج اللجنة التنفيذية ما دمتم تتوفرون على الأغلبية؟ الحزب كله يشتغل في وضعية غير قانونية؛ لأن الفترة التي كان مقررا أن يعقد فيها المؤتمر تم تجاوزها، وتم كذلك تجاوز الفترة الإضافية المحددة في 6 أشهر، واليوم الحزب بأمينه العام ولجنته التنفيذية خارج ما ينص عليه قانون الأحزاب. الحزب عندما تريد أن تحله الداخلية، باعتبارها السلطة الوصية، يمكنها ذلك؛ لأنه غير قانوني، وإذا تم حله فإننا نحمّل المسؤولية لحميد شباط. شباط يتحمل مسؤولية كبيرة في التاريخ، ولن نتركه يقوم بهذا العمل. هل يمكن توقع هذا السيناريو؟ يمكن؛ لأن الدولة لا يمكنها السكوت على الفوضى وأنت غير قانوني. ما أنتم فاعلون إذن؟ سنشتغل من أجل تنظيم المؤتمر؛ لأن الجميع اليوم مجمع على صعوبة الوضع الذي يوجد فيه الحزب، وحميد شباط عليه ألاّ يضحي بالحزب من أجل نفسه ومصالحه، ومستعدون للوقوف إلى جانبه ليذهب معززا مكرما. أما أن يتعنت ويستكبر، فسيجر الحزب إلى التهلكة لكونه في وضعية غير قانونية. بعض تنظيمات الحزب الموازية خرجت ضد ما أقدمت عليه النواب والمستشارون الذين وقّعوا لا يمكن لأحد أن يكذب عليهم، والنقابة أصدرت بلاغا ضدا عن مستشاريها الثلاثة في الغرفة الثانية، ولأول مرة نقابة تصدر بيانا ضد حزب، وهي لا علاقة بالحزب، التنظيمات الأخرى، وفي مقدمتها المحامون، خرقوا القانون بإصدارهم بلاغات دون العودة إلى مكاتبهم التنفيذية. الحزب، للأسف، دخل في دوامة لا فائدة منها، واليوم على الجميع الذين يريدون الاشتغال داخل الحزب أن يطبقوا القانون، وشباط لو طبق القانون ما كنا لنعلق على قراراته، ونريد الأمور أن تسير بالديمقراطية والمعقول.