أنهى قرار الملك محمد السادس، بإعفاء الأمين العام لحزب العدالة والتنمية من رئاسة الحكومة وتكليف شخصية أخرى من الحزب نفسه، الجدل حول استمرار بنكيران في هذا المنصب، بعد ستة أشهر من حالة الجمود التي عرفها مسار تشكيل الحكومة. بنكيران شدد، خلال عدد من المناسبات قبيل انتخابات السابع من أكتوبر الماضي، على أنه سيعتزل السياسة في حال لم يفز في تلك الاستحقاقات؛ لكن وبعد فوزه فيها، جرى تكليفه بتشكيل الحكومة، في حين أن المستجدات الأخيرة تسائل وضعيته المستقبلية، خاصة مع اقتراب مؤتمر حزب العدالة والتنمية، الذي يحدد ولايتين فقط للأمين العام، ما يعني أن وجود بنكيران على رأس الحكومة لن يستمر إلا في حال تغيير النظام الداخلي ل"البيجيدي". وفي مقابل ذلك، قدّم بنكيران، مباشرة بعد القرار الملكي، تصريحا يلمح فيه إلى استمراره في العمل السياسي ودعمه لقرار إعفائه، حيث قال رئيس الحكومة السابق: "أنا ذاهب لأداء الوضوء، والصلاة، ومواصلة العمل في الميدان". وعاد بنكيران ليقول أمام عدد من الصحافيين، صباح اليوم الخميس أمام مقر حزبه، إن "قرارات جلالة الملك لا تعليق عليها"، مضيفا بعبارته الشهيرة: "انتهى الكلام، وانتهت الحكومة بالنسبة إلى عبد الإله بنكيران". ويقول المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير إنه من الناحية السياسية تبقى وضعية بنكيران جيدة، مستدلا بتجربته الحكومية وقيادته للحملة الانتخابية وتزكيته من قبل الجماهير؛ وهو ما جعل القصر أمام ضغط الدستور وصناديق الاقتراع، يكلفه بتشكيل الحكومة، "وبذل مجهوده وصبر على التجريح وأظهر التوازن والرزانة والخصوم كانوا يردونه أن ينهزم؛ ولكنه صمد"، على حد تعبير بلكبير. واعتبر المحلل السياسي، في حديث لهسبريس، أن من اعتبرهم أعداء الديمقراطية كشفوا عن أنفسهم، وتعددت أساليبهم، وبعد خمسة أشهر كسب بنكيران الرهان، وأمامه حاليا امتحان آخر، إذا استطاع أن ينتصر فيه للمغرب والديمقراطية، مشيرا إلى أن المستهدف لم يكن بنكيران، وإنما حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، بالنظر إلى أنهما حزبان عتيدان. وتابع المتحدث ذاته التأكيد على أنه مع تعيين شخص آخر من الحزب نفسه، سيتم العمل بشكل أكبر على تنازلات، كما أن المقصود هو إحداث مركز ثان داخل حزب العدالة والتنمية، وكسر مركزية مصدر القوة، التي تتمثل في الإجماع حول بنكيران. كما شدد بلكبير على أن هناك رغبة في إحداث شروخ وثغرات من أجل إعادة تكرار ما جرى للأحزاب الأخرى. وفي الوقت الذي دعا فيه بلكبير كلا من حزب العدالة والتنمية والاستقلال إلى التحالف وإصدار إعلان مشترك لأنهما في سلة واحدة، اعتبر أن هناك استهدافا للحزبين، كما أشار إلى أن اللحظة الحالية دقيقة، كما وقع في السابق مع عبد الرحمان اليوسفي، حيث كان يريد "أعداء الديمقراطية" أن يفشلوه ويستسلم، وهذا ما قام به. "كانت لحظة عبد الله إبراهيم ولحظة عبد الرحمان اليوسفي والآن لحظة ثالثة"، يقول بلكبير، الذي أوضح أن على المستهدفين أن يتضامنوا من أجل إنقاذ الديمقراطية، وفيما اعتبر أن السياقات تختلف إلا أن الجوهر يبقى واحدا، "النكوص الحالي أسوء؛ لأنه بصعوبة استرجع الشعب الأمل واعتبرها استئنافا، وبنكيران استفاد من المرحلة وتواصل مع الشعب وحافظ على وحدة الحزب؛ الشيء الذي لم يفعله الاتحاد، وخسر اليوسفي كل شيء"، يضيف المتحدث ذاته.