- أسئلة إلى أحزاب مريضة بعقدة الحكم.. هل المغرب لنا جميعا؟ أم فقط، لفئة واحدة، دون غيرها؟ الجواب في "خزانة" أحزاب توارثت الحكم منذ الاستقلال إلى الآن.. أحزاب بينها علاقات ظاهرة وخفية، يتوجب فك شفراتها القبلية والعائلية والمصلحية، وحل مختلف الألغاز التي تحركها.. أحزاب تبدو في الظاهر متصارعة، متقاتلة، وفي العمق هي أسرة واحدة، على مائدة واحدة.. أليس من حقنا أن نفهم عمق العلاقات بين هذه الأحزاب؟ هل لنا أبحاث ودراسات تنسج طبيعة هذه العلاقات؟ وتفك رموز سيناريوهاتها العلاقاتية والمذهبية والاقتصادية؟ وما حجم ثروات زعمائها والفاعلين المتمركزين خلفها؟ والمستفيدين من "حواراتها" النقابية؟ وهل يؤدي زعماؤها ومن معهم ضرائب للدولة؟ من أين لهم بكل ثرواتهم؟ هل هذه أحزاب سياسية؟ أم شركات تجارية؟ وما نوعية تقاطعاتها الداخلية، وربما أيضا مع الخارج؟ وما تقاطعاتها مع ضغوطات شوارع البلد؟ الحاجة إلى شروحات لهذه التقاطعات، لضبط ما تقودنا إليه سياساتها الفردية والجماعية؟ ويبدو أن حلقات ما زالت مفقودة في العلاقات الحزبية، رغم انها في الظاهر كلها مسقية بمغرفة واحدة، وذات بعد واحد، ومنهجيات مختلفة شكلا، ومشتركة في المضمون.. في الشكل، كلها "تخدم" الشعب، وفي العمق لا ندري من هو هذا الشعب الذي هي في خدمته.. هل كل المواطنين، بدون أي استثناء أو إقصاء؟ هل أحزابنا كلها تخدم كل فئات الشعب المغربي؟ أم بينها اتفاق ضمني على اقتسام هذا الشعب إلى قطع صغيرة، وكل حزب "يتعاطف" مع قطعة منسوبة إليه؟ ويتجاهل باقي الفئات الشعبية؟ وإذا لم يكن بين الأحزاب اتفاق ضمني، ألا يكون في سلوكاتها، تشابه في التعامل مع مختلف فئات المواطنين؟ هل كل حزب "يجتهد" في طريقة التعامل مع الناس؟ وفي هذه الحالة، قد تكون أهداف هذه الأحزاب تصب كلها في هدف واحد.. ما هو هذا الهدف المشترك؟ ومن أين يمكن أن نستقي قناعات سياسية، فردية وجماعية؟ هل من تنظيرات هذه الأحزاب؟ أم من سلوكاتها الشعبية؟ وهل نعتمد على نتائج "انتخابية" عددية؟ أم على السياسة التي تنهجها أحزاب "فائزة"؟ هل عندنا فرق واضح بين التشكيلات الحزبية؟ فرق بين حزب يميني وحزب يساري وآخر في الوسط؟ المعروف أن عندنا قرابة 40 حزبا.. فهل بينها فرق واضح، فكرا وسلوكا؟ إذا كان بينها فرق واضح، فلماذا الترحال الذي يأخذ شكلا جديدا: "الفائزون" يركبون حزبا ما، للانتقال بعدئذ إلى حزب آخر؟ وحتى إذا لم يرحلوا، بسبب فصول قانونية، يبقى كثيرون منهم مع أحزاب (كذا)، في الشكل، بينما قلوبهم تشتغل مع أحزاب "مضادة"؟ ولماذا كل الانفصام الحاصل في شخصية عضو بمجلس جماعي؟ وفي شخصية برلماني؟ وشخصية وزير؟ وحتى شخصية رئيس الحكومة؟ وكل هؤلاء وغيرهم من أحزاب فيها ما فيها.. فما مرد هذا الانفصام؟ وما علاجه؟ ألا ينعكس انفصام الشخصية الحزبية على متحزبين؟ وأيضا على مواقف مواطنين؟ أليس الانفصام ممرا لتسلل "جهات خفية" إلى عملية توجيه الأحزاب؟ هل أحزابنا تقود نفسها بنفسها؟ أم وراء الكواليس جهات هي تحرك الخيوط؟ هل أحزابنا مستقلة الشخصية؟ ومستقلة القرار؟ أم مجرد كراكيز؟ وهل فعلا تعتمد على قواعد شعبية؟ هل لكل حزب قاعدة شعبية واضحة؟ هل نستطيع أن نجزم أن حزب (كذا) هو الحزب الأول شعبيا؟ وحزب (كذا) هو أضعف حزب؟ من يصنع الأحزاب؟ من ينجبها؟ وينفخ فيها؟ ويعلن النتيجة: هذا هو الأول، وذاك هو الثاني، وذلك هو الثالث؟ هل الأحزاب عندنا نسخة طبق الأصل من نتائج امتحانات المدارس؟ هل التنقيط هو مقياس النجاح والسقوط؟ وهل عندنا أحزاب لا تسقط؟ أم هي "طالعة"؟ دائما "خدامة"؟ في خدمة من؟ وماذا؟ وماذا عن رسالة الإحزاب؟ وما مضمون "التأطير"؟ أي خطاب تقدم لمناضليها في ملتقيات التأطير؟ وكيف أثرت الأحزاب "الوطنية" على السلالات الحزبية التي ظهرت من "صلبها"؟ هل كانت تبلغ مناضليها أن الناس سواسية؟ وألا فرق بين المواطنين؟ أم تردد لهم: "نحن أحسن من غيرنا وأعقل وأنضج، وأحق بخيرات بلدنا، وبالحكم، وأن الحقيقة، أية حقيقة، هي عندنا لا عند غيرنا!" - وأن "المغرب لنا، لا لغيرنا؟ ألم تكن، وما تزال، تخاطب مناضليها بهذا اللاتساوي في الحقوق والواجبات؟ وبأسلوب قبلي، فئوي، عنصري، انتهازي؟ وبأسانيد فيها تطرف هو نفسه قد ولد الإرهاب المعاصر؟ ما علاقة أحزاب - في بلدنا - بالتطرف والإرهاب؟ ألم تكن هذه الأحزاب تستند في خطاباتها إلى "اجتهادات" تأويلية موغلة في القدم، كلها إضرار بحقوق "التنوع البشري"؟ أليس من واجبنا، نحن بسطاء البلد، أن نعرف كيف انتشر فيروس الأنانية والاستغلال والاستعلاء بين أحزابنا وفئات الشعب المغربي؟ وكيف أنتجت هذه الأحزاب سياسة "جوع كلبك، يتبعك!"، وشعار: "فرق تسد!".. ألم تكن هذه بالضبط هي سياسة أحزاب على رأس حكومات متاعقبة؟ أليست مسؤولة عن التواطؤات "السياسية والاقتصادية والاجتماعية" ضد فقراء المغرب؟ من كان يردد للفقراء، في البوادي والأحياء المهمشة بالحواضر، في مطلع الاستقلال، أن الفوسفاط المغربي سيتم توزيعه بنسبة (10دراهم يوميا)، أي 300 درهم شهريا، لكل مواطن؟ من كان يقدم هذه الوعود الكاذبة في المداشر والقرى المغربية؟ لماذا كذبوا وما زالوا يكذبون على الناس؟ لماذا بنوا ثقافتهم الإيديولوجية على أساس "التفرقة" بين المواطنين؟ لماذا كانوا يحفزون الفقراء للدفاع عن الوطن، وفي نفس الوقت، يرسلون أبناءهم للدراسة في الخارج؟ ألم تكن لهم "ازدواجية المفاهيم": الوطن لهم ولأبنائهم، والوطنية للفقراء؟ ألم تكن الثروة والجاه لهم؟ والنضال والتضحية للفقراء؟ خلفيات يجب الكشف عنها لإصلاح الحالة الحزبية الرديئة في بلدنا.. ولا خوف من إصلاح عيوبنا الحزبية، ما دام الهدف هو البحث عن علاج جذري، كي تنتعش الأحزاب، وتحظى بثقة المواطنين، فيتحمس الناس للذهاب إلى صناديق الانتخابات.. لا بد من علاج، ما دامت أحزابنا في حالة مرضية مزمنة.. بالعلاج نستطيع إنهاء العزوف الانتخابي.. ولا مجال لتقليد النعامة، لأن واقعنا الإيديولوجي مرير، ولا يجور أن ندفن رؤوسنا تحت الرمال.. إن أحزابنا قد كذبت علينا.. ونهبت بلدنا.. وفرقت بيننا.. وما تزال.. وما زالت كالثعابين تغير جلودها، ولا تغير سلوكها.. والتاريخ الوطني لا ينسى! والشعب في كامل قواه.. ولا يمكن التخلي عن حق بناء الديمقراطية الحقيقية، على أساس "المغرب للجميع".. - الجميع بدون استثناء! [email protected]