وصلت أزمة تشكيل الحكومة مستويات من التصعيد غير المسبوق؛ وذلك بتمسك الأطراف المعنية بها بمواقفها، الرافضة لوجود حزب الاتحاد الاشتراكي، كما عبر عن ذلك رئيس الحكومة المعين ومعه حزبه العدالة والتنمية، أو من خلال تمسك رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار بوجود رفاق عبد الرحيم بوعبيد ضمانا لأغلبية مريحة. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الشارع السياسي والمجتمعي المغربي عودة الملك محمد السادس إلى أرض الوطن من أجل تشكيل الحكومة، نسفت المواقف التي جرى التعبير عنها نهاية الأسبوع الماضي كل الآمال في أن يتجاوز المغرب هذه الأزمة التي تسير نحو تجاوز شهرها الخامس. عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال، في تعليقه على الوضع، إن "المغرب أمام أزمة سياسية، تعطي للملك جميع الصلاحيات للتدخل باعتباره حكما ورئيسا للدولة"، مؤكدا أن التدخل الملكي مسألة حاسمة في استمرار النسق السياسي المغربي. وقال بنخطاب، في تصريح لهسبريس، إن "جميع الأنظمة السياسية تعطي لرئيس الدولة وظيفة التحكيم، ويمكن أن تكون معلنة بنص الدستور، أو مضمرة باعتبار أن الرئيس يكون حتى في الأنظمة التي تعتبره شرفيا"، مضيفا أن "التحكيم عملية أساسية في ظل غياب حكومة بعد 5 أشهر، وحان الوقت لتدخل الملك باعتباره حكما بين مؤسسات الدولة". "التحكيم لا يجب أن يكون خارج الدستور، مثلما كان سابقا في الدساتير السابقة"، يقول أستاذ القانون الدستوري، والذي شدد على أن "تدخل الملك؛ لأن له سلطة التعيين عبر اختيار الأشخاص الذين سيتولون المناصب الوزارية"، متسائلا في هذا الصدد حول وجود قنوات اتصالات بين الملك وبين رئيس الحكومة، لأن الإشكالية تكمن في غياب قنوات للاتصال بين الطرفين. وفي هذا الصدد، قال المتحدث نفسه إن "الملك سيتدخل بشكل مباشر لإعادة الوضع إلى طبيعته، وبالتالي حل الخلافات بين المكونات السياسية"، موضحا أنه من الضروري أن يظل التحكيم في النص الدستوري، عبر إعلان رئيس الحكومة فشله، ومن ثم حل البرلمان وإعادة الانتخابات، أو يطلب من الفرقاء السياسيين تقديم تنازلات لتشكيل الحكومة". من جهة ثانية، لم يستبعد أستاذ التعليم العالي أن يتم تعيين شخص ثان غير الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيسا للحكومة، بالرغم من رفض الحزب لهذا الطرح؛ ولكن إذا رأى الملك أن هذا الأمر يتطلب مثل هذه المخرج، مبررا ذلك بكون "الانتخابات لها كلفة سياسية واقتصادية عاليتين، بالإضافة إلى أنها ستمكن من إعادة الخريطة السياسية نفسها التي كانت في السابق، وفي مقابل ذلك هناك ضياع للجهد والأموال، وتدخل الملك سيمكن لا محالة من تجاوز كل هذا".