يحلو لأفارقة مناداتها ب "ماما جميلة" ليس لأنها تحمل الاسم ذاته، ولكن لأنهم يحظون بنفس العناية التي يلقونها رفقة زملاء لهم من المغاربة ب(دار المواطن)، وهو مركز للقرب متعدد الخدمات بالبطحا، الذي تشرف على تسييره. هي جميلة بلعزيز التي تشتغل في الحقل الجمعوي منذ وقت طويل وتمكنت من أن تصنع لها اسما وإن كان في الظل "لأنها تفضل ذلك"، وترغب في أن يكون عملها لسانا لها تتحدث به، ووسيلة تواصلها مع الفئات المستهدفة. من داخل مكتبها البسيط ب(دار المواطن) والمؤثث بشهادات وتقديرات محلية ممنوحة لها، باحت السيدة جميلة لوكالة المغرب العربي للأنباء بما تكنه من حب للعمل الجمعوي، متحدثة بلغة بسيطة كبساطة مستواها التعليمي الذي لا يتجاوز المستوى الابتدائي. "أنا مأخوذة بالنشاط الاجتماعي، ويكفيني فخرا أن أرأس جمعيتي ( الأيادي البيضاء للعمل الإنساني والحقوقي ) و( مولاي إدريس للإبداع والتسويق )، وأن أكون مسيرة لدار المواطن التي تسدي خدمات جليلة "، تقول السيدة جميلة. واسترسلت أن لا سنها الذي يناهز ال 56 عاما ولا أسرتها التي تضم أربعة أبناء، منعاها من التفرغ للعمل الجمعوي الذي مكنها من مساعدة شباب وشابات في وضعية صعبة ومعهم نساء يعانين الهشاشة، من ولوج سوق الشغل بعد تكوينات وفرتها لهم جمعية ( الأيادي البيضاء ) في مجالات عدة منها الطبخ والحلويات والحلاقة والتجميل والإعلاميات والخياطة. بينما جمعية (مولاي إدريس) فهي مركز للتسويق يضم نحو 15 جمعية تنشط في حرف مختلفة ضمنها الخرازة وصياغة الذهب والخياطة وتموين الحفلات، إلا أن جمعية (الأيادي البيضاء) تبقى لها قيمة مضافة في المسار الجمعوي لهذه المناضلة. وبجولة في ( دار المواطن ) التي توفر تكوينات مختلفة للمنخرطين بها، يتبين مدى التقدير الذي تحظى به السيدة جميلة من لدن المستفيدين من الفئة الهشة (شابا وشابة ) الذين يناهز عددهم ال 280، ضمنهم نحو 50 إفريقيا من جنوب الصحراء يفضلون مخاطبة السيدة بلعزيز ب " ماما جميلة " كلما هموا بالتحدث إليها. يقول أحدهم وهو من جنسية إيفوارية "إنها بحق ماما لأنها تمنحنا الأمان ونستمد منها حنانا كالذي تمنحنه لزملائنا المغاربة، إنهم أخوتي وأمنا واحدة هي ماما جميلة ". تبتسم السيدة بلعزيز لترد على أن كلمة "ماما " تمنحها قوة إضافية للعمل لفائدة هؤلاء المهاجرين الذين من بينهم سوريون، وتساهم في المبادرة الإنسانية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتسوية وضعيتهم القانونية فوق تراب المملكة، موضحة أنها دفعت 18 مهاجرا للتقدم بطلبات في هذا الشأن. و" ماما جميلة " تسهر على تكوين هؤلاء الأفارقة ، ذكورا وإناثا ، في عدة مجالات داخل ( دار المواطن )، أولاها اللغة حيث يتعلمون الدارجة المغربية لتيسير اندماجهم بين أقرانهم المغاربة، فضلا عن أن هذه الرعاية تمتد حتى خارج الدار لفائدة أولئك غير المنخرطين من جنوب الصحراء الذين لا مأوى لهم والذين توفر لهم وجبات أسبوعية وألبسة وأغطية تقيهم شر البرد والتقلبات الطبيعية بمدينة فاس. وعلى الرغم من أن السيدة جميلة بلعزيز تشغل مناصب عدة منها، مستشارة بمقاطعة المرينيين ورئيسة اللجنة الثقافية بمجلسها ورئيسة اللجنة المحلية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أنها تفضل أن يكون التعامل معها تحت بافطة العمل الجمعوي الذي يظل "الرئة التي أتنفس بها لأنه أكثر قربا من المواطن"، مفيدة بأن هذا القرب " تذوقته منذ ريعان شبابها عندما كانت تنشط في مجال الزرابي كحرفة شعبية شكلت انطلاقتها نحو عالم الجمعيات". في يوم 8 مارس، تدعو "ماما جميلة " كافة النساء حيثما وجدن داخل الوطن وخارجه إلى توحيد صوتهن، والقول جهارا بأن " الوقت حان لأخذ حقهن كاملا كما الرجل، وتمكينهن من مزيد من مناصب المسؤولية، لما أبانت عنه من صدق ووفاء في المسؤوليات التي تولينها ". وخلصت " أتمنى أن لا ينسي طموح المرأة أن هناك فئات هشة داخل الأحياء الشعبية في حاجة لالتفاتتها لأنها الأقدر على القرب منها، حتى وإن تم هذا القرب بعيدا عن الأضواء ". *و.م.ع