تستعد المصارف التشاركية المغربية الخمسة، التي حصلت على ترخيص ممارسة نشاطها بداية السنة الجارية من لدن بنك المغرب، لإطلاق خدماتها وسط جدل حول مدى قدرتها على توفير خدمات تمويل المشاريع المقاولاتية بالشكل الذي تنتظره الشركات المغربية والقطاع الخاص الذي يبحث عن تمويلات تتوافق مع أحكام الشريعة. ويؤكد المختصون أن هناك عراقيل ذات طبيعة قانونية ستقف حجر عثرة أمام إمكانية استفادة المقاولات المغربية من التمويلات التشاركية، خاصة تلك المتمثلة في التمويل عن طريق "المشاركة"، الذي يعدّ من أهم الخدمات التي تعوّل عليها فئة عريضة من رجال الأعمال والمقاولات التي يفضّل أصحابها التعامل مع البنوك التشاركية عوض البنوك التقليدية. وبينما يؤكد المسؤولون بالقطاع المصرفي المغربي أن المصارف التشاركية ستعطي دفعة قوية للقطاع، مستفيدة من تنامي حاجيات فئة واسعة من أصحاب المقاولات في مجال تمويل المشاريع، في ظل ضعف تمويل المصارف التقليدية للاستثمارات المقاولات الصغرى والمتوسطة، يرى المتخصص في التمويلات التشاركية حميد خلود، مدير المركز المغربي المالية التشاركية المعروف اختصارا ب(قدوة)، أن هناك بعض الأمور المتعلقة بالشق القانوني التي ستعيق تسريع وتيرة إنعاش هذا النوع من التمويل الشبيه ب"تمويل المجازفة". ويؤكد خلود، الذي تحدث إلى هسبريس، أن تفعيل هذا التمويل يتطلب مرونة قانونية تنظم مسألة دخول المصارف التشاركية في رأسمال الشركات الراغبة في الاستفادة من هذه التمويلات وخروجها منه، وهو ما يجب تصميمها في قانون المالية. وقال الخبير في المالية التشاركية إن "الأمر لا يتعلق فقط بخدمة التمويل عن طريق المشاركة؛ بل يهم أيضا خدمة التمويل عن طريق المضاربة، ولا بد من توضيح مسألة مهمة في هذا الجانب ترتبط بضرورة تبسيط مساطر دخول المصارف وخروجها من رأسمال الشركة عن طريق عقود قانونية دون الحاجة إلى اتباع الطرق التقليدية المعمول بها حاليا، وهذا التنصيص يجب أن يتم نشره في القانون المالي؛ وهو ما لم يتم في القانون المالي الذي ينتظر المصادقة عليه من لدن البرلمان المغربي". وأضاف حميد خلود: "من هنا، يتضح أن من الصعوبة بمكان تفعيل التمويلات، التي تتم عن طريق المشاركة والمضاربة؛ وهو ما يعني أن كافة المصارف التشاركية المغربية يجب أن تنتظر القانون المالي المقبل لتضمينه هذا التعديل، أو إدخاله في المناقشة التي قد تتم في البرلمان بعد تشكيل الحكومة". يشار إلى أن بنك المغرب منح مجموعة من الرخص لإحداث مصرف بشراكة بين مصرفي القرض العقاري والسياحي وبين مصرف قطر الدولي الإسلامي، وتأسيس مصرف آخر بشراكة بين المصرف المغربي للتجارة الخارجية وبين المجموعة السعودي البحرينية دلة البركة. كما رخص البنك المركزي المغربي للبنك الشعبي بإنشاء مصرف إسلامي مع الشركة السعودية المتخصصة في التمويل العقاري "كايدنس"، ورخص للقرض الفلاحي بالتحالف مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية، كما سمح لمصرف التجاري وفا بنك بتأسيس مصرف تشاركي.