وسط معرض "أليوتيس" للصيد البحري بمدينة أكادير يوجد رواق يلفت الأنظار. فإذا كانت باقي الأروقة يطغى عليها حضور الذكور، فإن رواق "التعاونيات النسوية" استطاع أن يحقق التميز؛ ذلك أن تسييره اقتصر على نساء اقتحمن مجالا ظل لعقود حكرا على الرجال في المغرب. ولوج النساء المغربيات إلى العمل في قطاع الصيد البحري لم يكن بالأمر الهين، حسب خديجة أرحيل، مديرة التعاونية النسوية للمنتجات البحرية بالدويرة؛ ذلك أنّهن كنّ متوجسات من اقتحام هذا المجال، لكنهن استطعن التغلب على هواجسهن، وأصبحن ينافسن الرجال. "أكاد أقول إن حضور النساء في هذا المجال قليل جدا، بل يكاد يكون منعدما، ولكن هناك نساء يعملن فيه"، تقول خديجة أرحيل، التي تصف هؤلاء النساء ب"جنديات الخفاء"، وتضيف أن الدليل على قلة النساء العاملات في مجال الصيد البحري بالمغرب هو أن رواق "التعاونيات النسائية" هو الوحيد الخاص بالنساء في معرض "أليوتيس" بأكادير. تشتغل بالتعاونية النسوية للمنتجات البحرية بالدويرة، المتخصصة في استغلال مخازن بلح البحر الذي يزخر به دوار الدويرة، 22 امرأة حاليا، هنّ من يتولّين مهمّة جني بلح البحر، وتجفيفه، وإعداده للتسويق، سوءا طازجا أو مجففا، دونما حاجة إلى أي مساعدة من طرف الرجال. وتأسست التعاونية المشار إليها سنة 2007، واستفادت، في إطار برنامج دعم التدبير المستدام وتثمين المنتجات البحرية، من وحدة معالجة وتوضيب بلح البحر، بشراكة مع مصلحة الصيد البحري والمندوبية السامية للمياه والغابات، وبدعم من شركاء تقنيين واقتصاديين؛ وتُنتج 60 طنا من بلح البحر سنويا. في رواق "التعاونيات النسوية" بمعرض "أليوتيس" توجد أيضا تعاونية حوريات سيدي عابد، نواحي الجديدة، التي تضم وحدة لتجفيف الطحالب وتثمين المنتجات البحرية، وتأسست سنة 2012، في إطار برنامج تحدي الألفية، وتُعنى بجمع وتثمين وتسويق المنتجات البحرية، وتضم 76 منخرطة. ويبدو أن العوائق النفسية التي كانت تحول دون ولوج النساء إلى العمل في القطاع البحري أصبحت تزول تدريجيا، ففي رواق "التعاونيات النسائية" كان الحضور النسائي لافتا، إذ حضر كثير منهن من أجل الاستفادة من تجربة من سبقنهنّ إلى هذا الميدان. وإذا كان العائق النفسي بدأ يذوب تدريجيا، فإن الجهد الذي تبذله النساء العاملات في هذا المجال يصطدم بعائق تشكو منه أغلب التعاونيات، وهو تسويق المنتجات، حسب خديجة أرحيل، موضحة أن التعاونية التي تديرها تبيع منتجاتها للزبناء المباشرين، ولم تتمكن بعد من بيعه للمتاجر الكبرى والمطاعم. لكنّ المتحدثة ذاتها تؤكد بطموح أن النساء اللواتي يشتغلن معها عازمات على تذليل هذا العائق، قائلة: "حنا كنحاولو نعرفو المشكل فين كاين باش لقاو الحل، ونشوفو الماركة التجارية ديال المنتوج ديالنا حتى حنا في المتاجر الكبرى، وفي الفنادق والمطاعم".