تحدث جواد الشقوري، الخبير في الخطاب الديني، عن عدد من الجوانب المرتبطة بإلإسلاموفوبيا؛ وذلك في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، مساء اليوم الخميس في الرباط. الشقوري قال إن هذا الموضوع يرتبط بإشكال مفاهيمي منهجي، إذ يتم اللجوء إلى المعاجم لبناء تعريفات معينة، مستدلا بالعلمانية والاعتماد على المناهج الفلسفية من أجل تفسيرها، في حين أن الاسلاموفوبيا تستوجب بناء المفاهيم، ليس انطلاقا من المعاجم وإنما من أرض الواقع، مضيفا أن أغلب الذين كتبوا في هذا الأمر كان لديهم نوع من النقاط المشتركة، بالحديث عن أن الظاهرة مرتبطة بالرهاب والخوف الجماعي من المسلمين. وعرج الشقوري على الحديث عن التعريف الذي أعطاه المعجم الفرنسي اللغوي "Le petit Robert" للإسلاموفوبيا، إذ يورد أنها شكل خاص من أشكال التمييز ضد الإسلام، يتجلي في أفعال عدائية ضد المهاجرين من أصول مغاربية، وليس من أصول تركيا أو مناطق أخرى، مشيرا إلى وجود خلط مفاهيمي على مستوى التعريفات. وتابع المتحدث ذاته التأكيد أن هناك خلطا على مستوى الخطاب السوسيولوجي في أوروبا بخصوص الانتماءين العرقي والديني، إذ إن عددا من المسلمين من شمال إفريقيا ليسوا ملتزمين بالإسلام، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الخوف من المسلمين يختلف من دولة إلى أخرى، في حين أن هذه الظاهرة لازالت تتسم بنوع من الغموض بالمقارنة مع الخطاب العنصري الذي كان في الولاياتالمتحدةالأمريكية بداية ستينيات القرن الماضي. واعتبر الشقوري أن تشريح هذا المفهوم أساسي لفهم الظاهرة، مضيفا:" الكثير من الكتابات تتحدث عن الخوف من المسلمين والإسلام في الحقبة الإدارية الفرنسية؛ في حين أن هناك من يتحدث عن تطور الظاهرة بشكل كبير في مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة". وبينما اعتبر الشقوري أن الإسلاموفوبيا لم ترق بعد لكي تكون في حجم ظاهرة، قال إن خطاب اليمين المتطرف والخوف من المهاجرين والأجانب يتغذى من بعض ما يرد في الخطاب الديني، رغم أنه ليس محددا رئيسيا، مردفا في الوقت ذاته بأن "الظاهرة كانت في الولاياتالمتحدة من قبل في ما يتعلق بالخوف من الكاثوليك، ما يجعلها في حاجة إلى تحليل عميق". "خصوصية الإسلام أن له طابعا تمدديا عكس البوذية في بعض البلدان"، يقول المتخصص في الخطاب الديني الذي اعتبر أن "هناك صناعة للخوف، كما أن في الفقه الإسلامي الموروث عناصر صدامية، ما يستوجب خطابا إسلاميا قويا"، وفق تعبيره. وتابع المتحدث ذاته بأن السياسات الأوروبية ساهمت في إذكاء الإسلاموفوبيا، مستشهدا بتصريحات مسؤولين فرنسيين قالوا إن "جبهة النصرة تقوم بعمل جيد"، كما أنه تم التعامل مع الجهاديين الأفغان على أنهم يمثلون النضال، موضحا أن "هناك مشكلة لدى العقل السياسي الأوروبي في التعامل مع الإسلام". وقال المتحدث ذاته في هذا السياق: "ليس هناك موقف ثابت من قضية الإسلام والهجرة، وإنما الموقف يدور حسب المصلحة.. لا ننسى أن هذه الجماعات التي قامت بأحداث إجرامية وإرهابية في عدد من الدول الأوروبية كانت أمام هذه الدول"، مبديا معارضته للقول إن الإسلام الوسطي المعتدل سيحد من هذه الظاهرة، بالنظر إلى أنها ترتبط بعوامل أخرى. وبينما أكد أهمية تجديد الخطاب الديني، اعتبر الشقوري أن مشكل الخطاب الإسلامي في أوروبا هو تركيزه على الجانب الفقهي، وزاد مستدركا: "عندما يتعلق الأمر بسياقات أخرى ينبغي التأسيس لخطاب وجودي، والانفتاح على المجتمعات الأوروبية".