مرت أربعة أشهر بالتمام والكمال على تنظيم الانتخابات التشريعية بالمغرب، التي منحت الصدارة لحزب العدالة والتنمية، وأسفرت عن تكليف الملك محمد السادس، في العاشر من أكتوبر الماضي، عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة، دون أن يتمكّن من ذلك إلى حدود اليوم. مدة طويلة تلك التي قضتها مفاوضات بنكيران مع عدد من الأحزاب للمشاركة في الحكومة المرتقبة، ومرت من مراحل انسداد عديدة، أبرزها اشتراط عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، استبعاد حزب الاستقلال، ثم تمسك التحالف الرباعي، المكون من أحزاب "الأحرار" والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، بدخول الحكومة معا. وخلال هذه المدة التي استغرقتها مفاوضات تشكيل الحكومة، وهي الأطول في تاريخ المغرب المستقل، تراوحت تخمينات وتوقعات المحللين والمهتمين بين عدة سيناريوهات متاحة، ترتكز أغلبها على اللجوء إلى أحكام بنود الدستور، خاصة الفصلين 47 و42. في هذا الصدد، يقول الدكتور الحسين اعبوشي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة مراكش، إن "الملاحظة الأساسية في سياق التفكير بشأن مستقبل وسيناريوهات تشكيل الحكومة، وتجاوز التأخير في إفراز نتائج الانتخابات التشريعية، هي خفوت الجدل الدائر حول الفصل 47 من الدستور". ويرى اعبوشي، في تصريح لهسبريس، أن هذا الفصل ترك الباب مفتوحا أمام تأويلات عدة، كما أنه لم يتوقع ألاّ يتمكن رئيس الحكومة من تشكيل أغلبيته؛ إذ لم يشر إلى حالة عدم تمكن الحزب الذي تصدر الانتخابات من تشكيل الحكومة، ولم يحدد الآجال المعقولة لتشكيلها. ويسرد المحلل ذاته السيناريوهات المتاحة بعد هذا "البلوكاج الحكومي"؛ أولها تشكيل الحكومة من الأغلبية السابقة؛ أي العدالة والتنمية والأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، دون إشراك الاتحاد الاشتراكي، موردا أنه "في هذه الحالة من المحتمل أن تدخل الأحزاب في أزمة صراع حول الحقائب الوزارية". أما السيناريو الثاني، وفق اعبوشي، فيتمثل في استمرار الوضعية الحالية لشهور أخرى؛ وبذلك "نكون أمام اختلال في اشتغال المؤسسات، ووجود مجلس النواب بدون أغلبية حكومية"، مبرزا أن "الوضعية باتت معقدة وتتجلى في ظهور أغلبية برلمانية دون الحزب المكلف بتشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس المجلس قبل ظهور الأغلبية الحكومية". وتساءل الأستاذ الجامعي: "كيف سيشتغل مجلس النواب بدون وجود حكومة؟ أي بدون تنصيب حكومي، وبدون برنامج، باعتبار أن مجلس النواب يشرع تنفيذا لبرنامج حكومي صادق عليه، وأين هي الحكومة التي ستضع هذا البرنامج؟ ثم أين هي الحكومة التي سيراقبها مجلس النواب ويقيم سياستها؟". وبخصوص حكومة تصريف الأعمال، يؤكد اعبوشي أن المادة 37 من القانون التنظيمي لعمل الحكومة واضحة؛ فهذه الأخيرة "لا يمكنها أن تشرع، وبالتالي لا يمكن مراقبتها من طرف مجلس النواب، لكونه لم ينصبها"، مسجلا أن سيناريو إعادة الانتخابات مستبعد، لكون "الدولة غير قادرة حاليا على تنظيم انتخابات تشريعية، بالنظر إلى كلفتها السياسية والمادية". وذهب الخبير إلى أن "فرضية الاختلال المؤسساتي تستدعي تدخل رئيس الدولة بناء على الفصل 42 من الدستور لضمان السير العادي للمؤسسات"، وهو الفصل الذي ينص على أن "الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية...".