بمجرد أن رُفعت الأقلام وجفّت الصحف، ووَضَعت "حرب الانتخابات التشريعية" أوزارها بإعلان النتائج النهائية التي جاءت محملة بفوز حزب العدالة والتنمية، غير بعيد عن غريمه حزب الأصالة والمعاصرة الذي احتل الرتبة الثانية؛ حتى بدأت السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة الجديد تطرح بقوة. ويرى مراقبون أن السيناريوهات المرتقبة أمام عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تتمثل أساسا في التوجه إلى جميع الأحزاب السياسية لجس نبضها بخصوص إمكانية التحالف لتشكيل الحكومة الجديدة؛ باستثناء حزب إلياس العماري، بالنظر إلى حالة "العداء" بين الهيئتين. وإذا أُخذت بعين الاعتبار مواقف زعماء أحزاب سياسية، قبل إجراء اقتراع السابع من أكتوبر، حيال التحالف مع "العدالة والتنمية"، واستحضرنا مواقف قادة تلك الأحزاب، من قبيل "الاستقلال" و"الأحرار" و"الاتحاد الاشتراكي"، من عبد الإله بنكيران تحديدا؛ فإن الراجح أن بنكيران لن يجد الطريق مفروشة بالورود. وبخصوص سيناريوهات التحالفات لتشكيل الحكومة الجديدة، يقول الدكتور الحسين اعبوشي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة مراكش، إن هناك أربع سيناريوهات رئيسة: الأول هو تمكن "العدالة والتنمية" من تشكيل الحكومة، بعد تعيين الملك لرئيس الحكومة. وأوضح اعبوشي، في تصريح لهسبريس، أنه بالنظر إلى السياقات المعروفة التي بذلت فيها مجهودات لعزل حزب العدالة والتنمية، وتقديمه على أنه عدو للجميع، وأنه يشكل خطرا على البلد ومستقبله؛ فمن الصعوبة تحقيق هذا المسعى"، متسائلا عن "حدود استقلالية القرار لدى الحلفاء المحتملين". السيناريو الثاني، وفق الأستاذ الجامعي، هو تحالف "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة"، مبرزا أن تحقيق هذا التحالف، "بالرغم من تأكيد قيادة الحزبين بعدم إمكانيته بل باستحالته، رهين بتوفر العديد من العناصر التي يمكن أن تتدخل لجعله سيناريو ممكنا؛ بالرغم من مخاطره السياسية". السيناريو الثالث، يضيف اعبوشي، هو "عدم قدرة بنكيران على ضمان تحالف لتشكيل الحكومة"، مشيرا إلى أن دستور 2011 لا يتضمن مقتضيات دستورية تتوقع هذه الحالة؛ فالنص الدستوري صامت في هذا الباب، إلا أن "المؤكد أنه لا يمكن المرور إلى الحزب الثاني لمطالبته بتشكيل الحكومة". وتابع المحلل نفسه بأنه "في هذه الحالة، يتعين تعديل الدستور وإضافة هذا المقتضى، فهذه من المقتضيات الدستورية التي لا يمكن أن تكون موضوعا للتأويل؛ فهو مقتضى يتطلب نصا صريحا. كما أنه لا يمكن تجاوز إرادة الناخبين الذين صوّتوا لفائدة الحزب، ومكنوه من الرتبة الأولى، من أجل أن يواصل قيادة الحكومة". "في هذه الحالة، أي عجز بنكيران عن تشكيل تحالف حكومي، يتعين العودة إلى الشعب عبر انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، للتحقق من مدى تجديد الناخبين الثقة في حزب العدالة والتنمية، وتمكينه من مقاعد تمكنه من جمع أغلبية مريحة تسعفه في تشكيل الحكومة"، يورد اعبوشي. وأما السيناريو الأخير، وفق اعبوشي، فيتجلى في تدخل الملك تبعا للاختصاصات المخولة له، بناء على الفصل ال42 من الدستور، من أجل تشكيل حكومة ائتلاف وطنية"، موضحا أن "هذا المقتضى الدستوري لا يمنع أن يسمح بتوسيع اختصاصات الملك، لتشمل اختصاص تعيين رئيس الحكومة من خارج الحزب الذي تصدر الانتخابات؛ وهو المقتضى الذي كان ينص عليه الفصل ال24 في الدساتير السابقة". وينص البند الدستوري المذكور على أن "الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات".