بعدما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة مقطع "فيديو" يوثق لفتاة مغربية في حالة صحية متدهورة، وهي مُلقاة على سرير داخل أحد مستشفيات العاصمة السعودية الرياض، بداعي تعرضها للاعتداء من لدن مشغلها في البيت شهرا فقط بعد التحاقها، خرجت السفارة المغربية بالعاصمة السعودية بتوضيح يؤكد تعرض الشابة المغربية لتعنيف حاد. وحسب الشريط الذي اطلعت عليه هسبريس، فإن الفتاة، التي تدعى مريم النخيلي، والتي تبدو في عقدها الثاني، هاجرت منذ شهر فقط من المغرب إلى الرياض بغرض العمل كخادمة منزلية لدى أسرة سعودية، قبل أن تتعرض للتعنيف من طرف أهل المنزل، إذ "تم إلقاؤها من فوق سطح المبنى وأصيبت بكسور خطيرة في الفكين العلوي والسفلي مع كسور حادة على مستوى أسنانها، وجروح بالغة في الوجه والفخذ والساق وكدمات في مختلف جسدها"، حسب مغربي كان يتحدث وراء الكاميرا التي وثقت الشريط. ودخلت السفارة المغربية في الرياض على خط القضية، إذ كشفت أن الشابة مريم النخيلي ترقد حاليا في مستشفى الملك سعود الطبية بالرياض، لتقلي العلاج من إصابات قالت إنها خطيرة "تعرضت لها في بيت مشغلها"، وأوضح أن القضية تعود إلى 15 يناير الماضي، حين "تلقت اتصالا هاتفيا يخبر بحالة المواطنة مريم النخيلي التي استدعت إجراء عمليتين جراحيتين لها على مستوى الفخذ والفكين". وأوردت السفارة ذاتها، في بلاغ توصلت به هسبريس، أنها ربطت الاتصال بإدارة المشفى وبالطبيب المسؤول عن حالة الضحية، مضيفة أنها "اتصلت بمصالح الشرطة بمدينة الرياض للاطمئنان على حالتها الصحية من جهة، والاستفسار عن ملابسات الحادث من جهة ثانية"، وزادت أنه في اليوم الموالي "انتقل الملحق الاجتماعي بالسفارة إلى المستشفى حيث ترقد الضحية التي كانت على موعد مع محققين من هيئة التحقيق والادعاء العام (النيابة العامة) لأخذ قولها.. وفي إطار المؤازرة حضر معها جلسة الاستماع". ومع بداية الأسبوع الثاني، تضيف السفارة أنها علمت أن الطبيب المعالج "يستعد لتوقيع ورقة خروج الضحية من المستشفى، وأن العمل جار لإيداعها مركز رعاية الخادمات بالرياض في انتظار ترحيلها إلى المغرب"، لتتابع أنها (أي السفارة) جددت اتصالاها مع إدارة المستشفى ومع مصالح الشرطة السعودية بالرياض، "كما خاطبت وزارة الخارجية السعودية بواسطة مذكرات تدعوها إلى التدخل لدى وزارة الصحة والمصالح الإدارية والسلطات السعودية المختصة، من أجل وقف قرار إخراجها من المستشفى بالنظر إلى الوضع الصحي الحرج الذي هي عليه". كما طالبت الدبلوماسية المغربية من المصالح السعودية، عبر تلك المذكرات، بالإبقاء على مريم النخيلي في التنويم بالمشفى إلى حين امتثالها للشفاء، مع ضرورة موافاتها بنتائج تحقيق الشرطة وتحقيق النيابة العامة، "مع التأكيد على انشغالها وحرصها على متابعة قضيتها بما يحفظ حقوقها ويحقق العدالة". وتؤكد السفارة أنها أبلغت المصالح المركزية بالوزارة بحالة مريم وتطوراتها بجانب مراسلتها للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة "لتعيين محام للدفاع عنها وتمثيل السفارة كطرف مدني". إلى ذلك، اغتنمت السفارة المغربية في الرياض قضية الضحية المغربية لتذكر بتحذيرها من أن المغرب غير مرتبط بأي اتفاقية تنظم استقدام اليد العاملة المغربية مع السعودية؛ إذ جاء في بلاغها: "سبق للسفارة أن نبهت رسميا إلى مخاطر وتبعات تنقل فتيات في مقتبل العمر للعمل في الخارج بدون عقود عمل رسمية مرخص بها من طرف السلطات المغربية المختصة، تستوفي الشروط الشكلية والموضوعية". وفيما سبق للمصالح المغربية وقف التصديق على عقود "عمل مزعومة" لا تتوفر فيها أدنى الشروط والضمانات القانونية من طرف المصالح المركزية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون منذ تاريخ 07 دجنبر 2014، وجهت سفارة الرباط في السعودية تنبيها إلى خطورة تنامي ظاهرة السماسرة "الذين يعملون وسطاء في استقدام فتيات في العقد الثاني والثالث من العمر للعمل كعاملات منزليات، مستغلين حاجتهن وفقرهم فضلا عن جهلن بنظام العمل بالمملكة السعودية للتدليس عليهن بعقود عمل غير قانونية وإغرائهن بوعود كاذبة". ودعت المصالح الدبلوماسية المغربية إلى محاربة الظاهرة "التي يجرمها القانون المغربي ومتابعة هؤلاء السماسرة للقضاء على تجارة خلفت مآسي لكثير من العائلات المغربية"؛ فيما نوهت في الوقت ذاته بما أسمته "تعاون السلطات السعودية في هذه الحالة وفي سابقاتها من الحالات"، وأكدت "حرصها على القيام بما يمليه عليها واجب حماية المواطنين المغاربة بالخارج والدفاع عن مصالحهم في إطار الأنظمة والقوانين المعمول بها في بلد الإقامة والاتفاقيات والأعراف الدولية ذات الصلة".