مازالت عودة المملكة إلى حضن الاتحاد الإفريقي تُثير حنق تنظيم جبهة البوليساريو الانفصالي، الذي لم يتوقف منذ الإعلان الرسمي عن العودة وما تلاه من خطاب تاريخي للملك محمد السادس خطف الأضواء أثناء القمة الإفريقية ال28 بأديس أبابا، عن إطلاق تصريحات "متوترة" لزُعمائه، بما فيها إثارة "الخيار العسكري" مُجددا. واختار زعيم الانفصاليين، إبراهيم غالي، وهو يدلي بتصريح لوكالة "فرانس بريس"، أن يرمي الكرة إلى باريس حين حمّلها ما أسماه "إطالة معاناة الشعب الصحراوي لأكثر من 20 سنة"، على حد زعمه، مضيفا أن فرنسا "عرقلت تطبيق مخطط التسوية الأممي وهددت باستعمال حق الفيتو ضد أي توصية تصدر من مجلس الأمن في نزاع الصحراء". وتابع غالي هجومه على فرنسا بقوله: "كنا نأمل أن ينسجم الموقف الفرنسي مع المبادئ التي بنيت عليها السياسة الفرنسية باعتبارها مصدر حقوق الإنسان في العالم"، فيما أقرّ أنّ التنظيم الانفصالي اختار مسارات مختلفة من أجل نيل الاعتراف بكيانه الوهمي، "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، حيث قال: "إن عدم تحمل مجلس الأمن مسؤوليته جعلتنا نفكر في مختلف الأساليب والطرق التي تمكن من دعمنا لممارسة حق تقرير المصير". ويبدو أن "البوليساريو" استُفزّت بشكل مثير من الحدث التاريخي الذي شهدته الساحة الإفريقية، المتمثل في عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي مطلع الأسبوع المنصرم؛ إذ سارعت إلى الردّ في كل الاتجاهات، آخرها عقد ملتقى يجمع قياداتها العسكرية تحت مسمى "الملتقى الموسع لإطارات وأركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي"، الذي وسمته ب "ملتقى الشهيد محمد عبد العزيز"، وهو الموعد الذي حضره إبراهيم غالي بصفته "القائد الأعلى للقوات المسلحة". وكشفت مصادر إعلامية انفصالية أن الموعد، الذي انطلق يوم السبت الماضي، يُشارك فيه أزيد من 600 ركن وإطار في "جيش التحرير الصحراوي"، ويطرح للنقاش على مدار ثلاثة أيام "العروض والبرامج السنوية للمديريات المركزية التابعة لوزارة الدفاع الوطني وتقييم برنامج السنة المنصرمة 2016، وتحضير البرنامج السنوي لوزارة الدفاع الوطني لسنة 2017 ". وتابعت المصادر ذاتها أنّ اجتماع القيادات العسكرية الانفصالية يبقى الأول من نوعه بعد وفاة الزعيم الانفصالي، محمد عبد العزيز، أواخر ماي المنصرم، مشيرة إلى أنه يشكل "موعدا يعبّر عن الوفاء لعهد شهداء القضية الصحراوية، وتأكيدا للاستمرار في درب التحرير واستكمال السيادة الوطنية مهما تطلب ذلك من تضحيات"، على حد تعبيرها. ويأتي هذا التحرك من جهة جبهة البوليساريو بعدما ادّعَت، إلى جانب حليفتها الجزائر، أن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي بمثابة اعتراف بما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، إلا أن المغرب رد رسميّا على هذا الادعاء، على لسان ناصر بوريطة، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، مفندا إياه ومعتبرا أن عودة المغرب الإفريقية لا تعني الاعتراف ب"الدولة الصحراوية"، بل إن تلك الادعاءات ليست "إلا محاولة لإخفاء الفشل الذي منيا (الجزائر والبوليساريو) به".