أكد رئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، اليوم الخميس بالرباط، أن خطة العمل الاستراتيجية لمجلس المستشارين برسم الفترة 2015-2018 تتضمن إجراءات تشكل في حد ذاتها رافعات لإعمال خطة العمل البرلمانية حول التغيرات المناخية للاتحاد البرلماني الدولي. وأوضح بنشماش، في كلمة افتتاح ندوة برلمانية حول "ملاءمة التشريعات مع مضامين اتفاق باريس، أن من بين هذه الإجراءات تلك المتعلقة بدراسة المشاريع من منظور ملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها ، وكذا وضع إطار منهجي و مؤسساتي لتقييم السياسات العمومية الأفقية و القطاعية والترابية في تكامل مع عمل مجلس النواب في هذا الصدد. وأبرز أن هذه الندوة تمثل أولى الخطوات الرسمية في مسار أجرأة خطة العمل البرلمانية حول التغيرات المناخية المعنونة : " تكثيف عمل البرلمانات والاتحاد البرلماني الدولي في المجال المناخي، و التي اعتمدها المجلس المديري للاتحاد البرلماني الدولي خلال دورته 198 المنعقدة بلوساكا بتاريخ 23 مارس 2016 ، وخاصة نتائجها المنتظرة و مجالات العمل 1، 3، و 4 الخاصة بالبرلمانات الوطنية. وأضاف أنه ينبغي استحضار هدفين على الأقل من خطة العمل الاستراتيجية لمجلس المستشارين و هما الهدف الثالث الذي ينص على جعل مجلس المستشارين فضاء للحوار العمومي و النقاش المجتمعي التعددي لا سيما بخصوص الموضوعات الرئيسية لإعمال الدستور و تحقيق الطابع الفعلي للتمتع بالحقوق البيئية، والهدف الخامس من خطة العمل الاستراتيجية لمجلس المستشارين التي تنص على وضع إطار مؤسساتي متكامل لآليات ممارسة الديمقراطية التشاركية في مجال اختصاص المجلس. وسجل أن خطة العمل الوطنية "التي نساهم اليوم عبر الندوة البرلمانية في تطويرها، ستكون منتوجنا البرلماني الذي سنقدمه إلى الدورة 136 للجمعية البرلمانية للاتحاد البرلماني الدولي التي ستنعقد بداكا (بنغلاديش) من فاتح إلى 5 أبريل 2017". وشدد على ضرورة الانطلاق من اعتبار المساهمة المحددة وطنيا المقدمة من طرف المغرب بمقتضى الفقرتين 2 و 3 من المادة 4 من اتفاق باريس هي أساس تحديد أولويات خطة العمل في مجال ملاءمة الإطار التشريعي الوطني مع مقتضيات اتفاق باريس. ومن جهته، أكد رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، أن المغرب أولى أهمية خاصة للمسألة المناخية والبيئية وجعلها من بين القضايا المركزية، إذ أصبح يقدم مشروعا متميزا في مجال الحد من الاحتباس الحراري والتخفيف من آثاره، موضحا أن المملكة رغم كونها تصنف ضمن البلدان التي تعرف انبعاثات منخفضة من غازات الاحتباس الحراري إلا أنها قامت بالمزيد م الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والقانونية التي تروم الحفاظ على البيئة وتقليص هذه الانبعاثات. وأضاف أن تجربة المغرب في مجال استعمال الطاقات البديلة والنظيفة وتشجيع الاقتصاد الأخضر وتحفيز استراتيجية النجاعة الطاقية، أضحت من النماذج الملفتة للانتباه على المستويين الجهوي والعالمي. وسجل المالكي أن على البرلمان بما يملكه من آليات، العمل على المزيد من سن أو تعديل عدد من القوانين التي تروم مواجهة الآثار الناجمة عن التقلبات المناخية وتقليص الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وحماية البيئة. وأكد على أهمية التنسيق على مستوى البرلمانات الوطنية بهدف تفعيل نتائج مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار حول التغيرات المناخية التي احتضنتها مراكش، وصياغة رؤية مشتركة حول مختلف المواعيد الزمنية المحددة للبرلمان كما جاءت في خطة العمل البرلمانية للاتحاد البرلماني الدولي. ومن جانبه، اعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ادريس اليزمي، أن هذه المبادرة تشكل أول تمرين ممنهج في العالم لملاءمة الإطار القانوني الوطني مع اتفاقية باريس، كما تمثل صورة لأجرأة البرلمان المغربي لقرارات وخطط عمل الاتحاد البرلماني الدولي، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق في هذه الحالة بخطة العمل البرلمانية حول التغيرات المناخية المعنونة "تكثيف عمل البرلمانات والاتحاد البرلماني الدولي في المجال المناخي" والتي اعتمدها الاتحاد البرلماني الدولي في لوساكا في مارس 2016. وأضاف أن هذا التمرين يشكل تجربة يمكن اعتبارها، في حالة تقدمها وإعطائها نتائج ملموسة، إحدى الممارسات الفضلى الوطنية التي ستشكل دون شك قيمة مضافة وتجربة يمكن تقاسمها في سياق الرئاسة المغربية لكوب 22. وقال إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يعتبر نفسه معنيا كشريك بهذا التمرين بصفة استشارية، يرى أن مشروع خطة العمل لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف 13 المتعلق بالمناخ، مع استحضار الترابط مع الأهداف الأخرى وكذا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية ولااجتماعية والثقافية. وأكد في هذا الصدد على ضرورة استحضار عدة تعليقات عامة للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مذكرا على الخصوص بالتعليقات حول الحق في الماء والحق في الصحة والحق في التغذية. وشدد على أن هذا التمرين لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار قرار المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وكل الأعمال الحالية للمجلس حول المقاولة وحقوق الإنسان، مؤكدا استعداد المجلس لمواكبة عمل مجلسي البرلمان في مختلف مراحل أجرأة هذه الخطة. وبدورها، أكدت الوزيرة المكلفة بالبيئة، حكيمة الحيطي، أن هذا الاجتماع يشكل مؤشرا على نجاح خطة تنزيل قمة باريس في المغرب، موضحة أن الأمر يتعلق بأول جلسة على الصعيد العالمي تبين أن المغرب وصل إلى درجة من النضج لتغيير السياسات العمومية لتنزيل اتفاق باريس. وأبرزت أن أجندة المناخ ليست أجندة بيئية فحسب، بل هي اجتماعية في المقام الأول واقتصادية وأجندة للتنمية والتنمية المستدامة. وأشارت إلى أن قضية المناخ ترتبط بالأمن الغذائي والهجرة وبالتالي بالأمن في مفهومه العام ، مذكرة بأن التوقعات تشير إلى أن 250 مليون نسمة ستهاجر بسبب التغيرات المناخية خلال سنة 2050. وأضافت أن أجندة المناخ تكلف 1,6 في المئة من الناتج الداخل الخام على الصعيد العالمي، وستكلف ما بين 5 و20 في المئة خلال سنة 2050 إذا لم يتم التحرك في هذا الاتجاه. واعتبرت أن تنزيل التزامات اتفاقية باريس رهين بمشاركة كافة مواطني العالم ومجتمعاته بكل مكوناتها، منوهة باعتراف قمة مراكش بالدور التكميلي للفاعلين غير الحكوميين في تنزيل مقتضيات هذه الاتفاقية. من جهة أخرى، أشارت إلى أن تنفيذ المساهمة المحددة وطنيا للمغرب، الذي دستر الحق في التنمية المستدامة، يندرج في إطار رؤية شاملة تتعدى التغير المناخي. ومن جهتها نوهت رئيسة مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية في الشرق الأسط وشمال إفريقيا، دينا ملحم، بالشراكة بين المؤسسة ومجلس المستشارين، مؤكدة أن التعاون بين المؤسستين يصب في مجال تبادل الخبرات وتقديم الدروس المستفادة لدعم الرؤية الاستراتيجية التي وضعها مجلس المستشارين ضمن أولوياته. وأشارت إلى أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع مجلس المستشارين تشكل نقطة محورية لتجديد العلاقة القائمة بين المؤسستين، مؤكدة أهمية هذه الشراكة وعمقها سواء بالنسبة لمؤسسة ويستمنستر للديمقراطية أو بالنسبة للبرلمان البريطاني. ومن جهتها، أبرزت سفيرة المملكة المتحدة في المغرب كارين بيتس أن ريادة المغرب في المجالات المرتبطة بالتغيرات المناخية أمر ملفت للانتباه، على ضوء التنظيم الجيد لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة (كوب22). وأضافت أن شراكة المملكة المتحدة مع البرلمان المغربي، التي بلغت سنتها السادسة، بالغة الأهمية بالنسبة للعلاقات الثنائية، مشيرة إلى أن برلمان المملكة المتحدة ونظيره المغربي تبادلا الكثير من المعارف من خلال الزيارات وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى. واعتبرت أن لقاء اليوم، الذي يتمحور حول ملاءمة التشريع الوطني مع مقتضيات اتفاق باريس، يعد خطوة هامة في مسار المغرب باعتباره رائدا في مجال تدبير التغيرات المناخية، والذي يروم أيضا التأكد من مدى توفر المغرب على التشريع الملائم لتنفيذ اتفاق باريس. وخلصت إلى أن طموحات المغرب في مجال الطاقات المتجددة والتزامه بمكافحة التغيرات المناخية، رفعت السقف بالنسبة لنا جميعا، معبرة عن إشادة المملكة المتحدة بالعمل الذي يقوم به المغرب. واختتمت الجلسة الافتتاحية للندوة البرلمانية بتوقيع مذكرة تفاهم بين مجلس المستشارين ومؤسسة ويستمنستر للديمقراطية. وأوضح بنشماش، في لقاء مع الصحافة عقب الجلسة الافتتاحية، أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية تهم تنفيذ برنامج عمل مشترك بعيد المدى نسبيا وتنفيذ أوراش عمل على درجة كبيرة من الأهمية وذات طابع استراتيجي. وأضاف أنه بموجب هذه المذكرة، ستواكب مؤسسة ويستمنستر مجلس المستشارين من خلال تعبئة الخبرات الموجودة في البرلمان البريطاني لمواكبته في تنزيل وتفعيل خطة العمل الاستراتيجية التي يشتغل على أساسها، كما ستواكبه في عدد من الجوانب المتعلقة بالتكوين والتدريب والتكوين المستمر. وسجل بنشماش أنه بموجب هذه المذكرة، التي تؤسس لمرحلة جديدة للشراكة القائمة بين المؤسستين، سترافق المؤسسة المجلس في عدد من أوراش العمل، منها الورش المتعلق ببرنامج ملاءمة منظومة التشريع الوطني مع اتفاقية باريس والمعايير الدولية، وورش العمل الخاص بإنجاح برنامج عمل المجلس، وورش خطة التنمية المستدامة.