ما إن انطلقت بطولة إفريقيا للأمم في كرة القدم حتى تعالت أصوات داخل الجزائر تقلل من شأن المنتخب المغربي، وتتنبأ له بالإقصاء المبكر في النهائيات التي تحتضنها دولة الغابون، فيما تم النفخ في مستوى المنتخب الجزائري، الذي تم الترويج له على أساس أنه الفريق الأكثر حظوظا للظفر بكأس الدورة. النتائج التي سجلها كل فريق على حدة عجلت بعودة المنتخب الجزائري إلى بلده، فيما تأهل المنتخب المغربي إلى دور ربع النهائي، مع الابقاء على أمل إمكانية تحقيق مزيد من النتائج الإيجابية. الحالة هاته في مجال كرة القدم تلخص بشكل دقيق واقع العلاقة بين الجارين، المغرب والجزائر؛ فكثير من الإعلاميين، والسياسيين، والعسكريين، يقضون وقتهم في شتم المغرب، وملك المغرب، وشعب المغرب، على وسائل إعلام مرئية ومكتوبة ومواقع إلكترونية. بل أكثر من ذلك، يتم صرف أموال طائلة لإثارة القلاقل حول الوحدة الترابية للمغرب بينما الشعب الجزائري الشقيق أحوج ما يكون إلى تلك الأموال، التي لا تعود بأي نفع على الجزائر دولة وشعبا، ناهيك عن التحريض الذي يستهدف زعماء عدد من الدول الإفريقية للحيلولة دون عودة المغرب إلى أحضان الاتحاد الافريقي. مقابل ذلك، ما فتئ المغرب يسجل النقط الإيجابية الواحدة تلو الأخرى بالقارة السمراء، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي. فخلال الزيارات الأخيرة التي قام بها عاهل المغرب إلى عدد من الدول الإفريقية، استقبلته أمواج بشرية متحركة، ناهيك عن حفاوة الاستقبالات الرسمية التي أقيمت على شرف المغرب وعاهل المملكة؛ كلها دلائل على أن المغرب يحظى بمكانة عالية لدى تلك البلدان، حكومات وشعوبا. أما من الناحية الاقتصادية، فقد جلب المغرب أكبر المستثمرين في مجالات عدة، وعلى رأسها تركيب السيارات وصناعة الطائرات، إضافة إلى تحوله إلى قبلة سياحية متميزة بسبب عدم الاستقرار الذي يسود في عدد من دول المنطقة والشرق الأوسط. فما الذي جناه هؤلاء الجزائريون الذين يسخّرون وقتهم وجهدهم وأموال الشعب الجزائري للتشويش على المغرب؟ الجواب جاء على لسان المعلّق على مباراة المغرب وساحل العاج، الذي أنهى تقديم المقابلة بعبارة "ما مفاكينش". المغرب تأهل، والمشغولون بقضايا المغرب الرياضية من الجزائريين خاب ظنهم، وكذلك الحال في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد. فالمغرب يسجل النقط، ويرقى سنة بعد سنة، ليبقى الضائع الأكبر في القضية هو الشعب الجزائري الشقيق، الذي تبدد أمواله في أمور لا تعنيه، ولا تعود عليه بنفع.