واجه متابعون وقراء مغاربة صرف التعويضات الشهرية لأعضاء مجلس النواب العاطلين عن العمل منذ زهاء أربعة أشهر، بسبب حالة الانسداد في تشكيل الحكومة الجديدة، بغير قليل من الحنق والغضب حيال برلمانيين عاطلين عن العمل، ويتلقون تعويضات مالية "سمينة". وقابل مواطنون مغاربة قرب توصل أعضاء مجلس النواب بتعويضاتهم الشهرية، بعد انتخاب رئيس المجلس وهياكله، التي تصل إلى حوالي 14 مليون سنتيم لكل برلماني، بالسخرية من مسارعة المؤسسة التشريعية إلى مكافأة عطالة النواب بأجور مالية متراكمة في خضم سياق سياسي حساس. وتهكم البعض من سرعة اتخاذ المكتب الجديد لمجلس النواب، الذي يترأسه الاتحادي الحبيب المالكي، قرار إطلاق سراح تعويضات النواب "العاطلين"، وقال أحد المواطنين: "خدم يا التاعس من سعد الناعس"، فيما أبدى آخرون رفضهم هدر أموال الشعب في وقت يعاني فيه مغاربة من "ويلات البرد والجوع في الجبال". واعتبر الدكتور عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن منح التعويضات للبرلمانيين بعد ثلاثة أشهر من العطالة يعيد النقاش حول تعويضات البرلمانيين من جديد، خصوصا أن "المواطن لا يستسيغ أن يتلقى البرلماني تعويضات دون القيام بأي عمل، بخلاف مبدأ الأجرة مقابل العمل كما هو معمول به في قطاع الوظيفة العمومية". وأوضح الزياني أن "هذا الأمر من الناحية الأخلاقية غير مستحب، ومطلوب من البرلماني في الحالات الاستثنائية أن يكون استثنائيا بدوره، ويستحضر نوعا من الحكمة في التعامل مع مسألة التعويضات، ويعطي العبرة للغير، ويجسد سلوكا راقيا من خلال التنازل عنها خلال فترة عطالته". وسجل المتحدث أنه "ليس في انتخاب أجهزة وهياكل المجلس، خصوصا انتخاب رئيس المجلس والتصويت على مشروع القانون المتعلق بالعودة إلى الاتحاد الأفريقي، ما يشفع للبرلماني الحصول على تعويضاته كاملة؛ لأن المسألة تتنافى مع المنطق الصحيح والمهمة الأسمى التي يجسدها البرلماني، وهي تمثيلية الأمة". ولم يفت الزياني الإشارة إلى أن "العمل البرلماني يشمل الحقوق مقابل الواجبات، وبالتالي في اختلال الكفة لصالح الحقوق فقط، دون القيام بالواجب، مهما كانت الأسباب والمسببات، وضع يدعو إلى القلق، ويزيد من مساحات السخط والإحباط لدى فئات عريضة من المواطنين". وأكد المحلل ذاته أن "الأمر يستدعي تدخل المشرع، وأن يحسم في مسألة عمل البرلمان باستقلالية عن الحكومة، خصوصا في ما يتعلق بالاختصاصات المستقلة للبرلمان، والاجتهاد في بلورة إطار قانوني للاختصاصات التي يمكن أن يمارسها البرلمان وقت الأزمات، كما هو معمول به بالنسبة للبرلمان البلجيكي". وشرح الزياني أن "هناك اجتهادات كثيرة في سبيل محاربة العطالة التي يمكن أن يسقط فيها البرلمان جراء هذه الأزمات"، وأضاف: "هذه مسألة تهدف إلى تكريس مبدأ الاستقلال النسبي للمؤسسة البرلمانية وعدم تبعيته للحكومة بشكل كلي، وبالتالي إعادة الاعتبار للبرلمان، باعتباره ممثل الأمة.