من المؤكد أن المشهد السياسي في المغرب سيتوضح أكثر، بعد هيكلة مجلس النواب، وسيحصل انفراج في الوضع، بعد التأزيم الذي أدى إليه البلاغ الأخير الصادر عن رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران، الذي أغلق باب الحوار، دون أن يقدم أي بديل للخروج من المأزق الذي وصل إليه. هيكلة مجلس النواب مسألة أصبحت ضرورية، لتجاوز حالة العطالة التي تعيشها المؤسسة التشريعية، التي تعتبر ركنا أساسيا من أركان النظام السياسي، حيث ينص الفصل 62 من الدستور على وجوب انتخاب رئيس المجلس وأعضاء المكتب ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها في مستهل الدورة النيابية، دون أن يربط ذلك بتشكيل الأغلبية الحكومية. المهام التي يقوم بها البرلمان حسب الدستور، كبيرة وحاسمة، في الحياة السياسية، رغم عملية التقزيم التي طالت هذه المؤسسة في الولاية الحكومية السابقة، حيث أنه بالإضافة إلى المصادقة على القوانين، هناك كل الأدوار الأخرى الهامة، من مراقبة لعمل الحكومة ومن مناقشات للسياسات العمومية ومن إمكانيات تشكيل لجان لتقصي الحقائق وعدد آخر من الصلاحيات، لا تقل أهمية، ولا يمكن للدولة أن تسير بدون مصادقة البرلمان عليها، مثل مراجعة الدستور، وعلى المراسيم، في آجال محددة، وعقد جلسات مشتركة ببن مجلسي البرلمان ولجانهما، للاستماع إلى بيانات تهم قضايا وطنية... كما لا تخفى أهمية الديبلوماسية البرلمانية، خاصة في الظرفية الراهنة للمغرب، إلى جانب الصلاحيات والواجبات الأخرى، مما يحتم ضرورة الإسراع بهيكلة مجلس النواب، أمام عجز رئيس الحكومة المعين، عن سلوك مسطرة وأسلوب التفاهم مع الأطراف السياسية التي شملتها مشاورات تشكيل الحكومة، إذ لا يمكن أن تتعطل المؤسسة التشريعية، في انتظار رغبة بنكيران، في الكلام. لقد أنهى رئيس الحكومة الكلام، ودفع الأمور نحو «بلوكاج» حقيقي، ليس لأنه لم يجد من يشكل معه الحكومة، بل على العكس من ذلك، فقد مٓدّت له الأيادي أربعة أحزاب، لتوفير أغلبية حكومية مريحة، تنقذه من ضيق الأغلبية الضعيفة التي اقترحها، لكنه أصرّ على إدخال البلاد في نفق أزمة، لذلك لا يمكن للمؤسسة التشريعية أن تكون ضحية لهذا الفشل، طبقا لمبدأ، لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.