في إطار رده على ما يتم الترويج له بقوة خلال الأيام الأخيرة، وخصوصا بعد توجيهات الملك محمد السادس للبرلمان بضرورة الإسراع في المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، من إمكانية الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب مخصصة لانتخاب أجهزته وهياكله، بغض النظر عن عدم تبلور ملامح الأغلبية الحكومية، قال المحلل السياسي حسن طارق إنه من الناحية السياسية، بل والدستورية، لا يمكن تصور هيكلة مجلس النواب قبل انبثاق الأغلبية السياسية. وأوضح أن السبب الأول الذي يمنع هيكلة مجلس النواب قبل انبثاق الأغلبية الحكومية، هو أن الطبيعة شبه "البرلمانية" للحكومة المغربية في دستور 2011، تجعلها تنبثق من الأغلبية البرلمانية، وهو ما تكرسه تقنية التنصيب المنصوص عليها في الفصل 88 من الدستور، مشيرا أن "الفقرة الأخيرة من بلاغ المجلس الوزاري ليوم أمس لا يمكن قراءتها إلا كامتداد طبيعي للرسالة الموجهة من طرف مستشاري الملك إلى رئيس الحكومة المكلف قصد التسريع بتشكيل الحكومة". وأشار طارق أن السبب الثاني لاستحالة هيكلة مجلس النواب قبل تشكيل الأغلبية الحكومية هو أن المشرع الدستوري قد تصور أن هيكلة مجلس النواب لا يمكن أن تكون سابقة عن تبلور الأغلبية والمعارضة، حيث أنه أسند مثلا في فصله 10 رئاسة لجنة العدل والتشريع إلى المعارضة، فضلا عن لجنة أخرى على الأقل (الفصل 69). من جهته فالنظام الداخلي لمجلس النواب، يقر في مادته 40 بأن الفرق النيابية التي اختارت التواجد في المعارضة مطالبة بإشعار رئيس مجلس النواب بذلك. وأضاف أن السبب الثالث هو أنه "من الناحية العملية فإن القانون التنظيمي لأشغال الحكومة حرص على تجميد العلاقة بين الحكومة والبرلمان، في مستويات التشريع والرقابة، خلال مرحلة حكومة تصريف الأعمال، وهو ما يجعل من الإسراع بهيكلة البرلمان دون أفق واضح لتشكيل الأغلبية الحكومية، بدون أي فائدة عملية، مبرزا أن السبب الرابع يكمن في أن "الانطلاق في فرضية "الأغلبيتين" من مبدأ فصل السلط، لا يستند على أساس، ذلك أن الروح البرلمانية التي تربط الحكومة بمجلس النواب؛ تجعلنا أمام فصل مرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما يوضحه الفصل الأول من الدستور عندما يتحدث عن "فصل السلط وتوازنها وتعاونها". وشدد في السبب الخامس الذي يجعل هيكلة مجلس النواب قبل انبثاق الأغلبية الحكومية غير ممكنا، هو أنه "ليس هناك ما يجعل المغرب يتراجع عن ممارسة سياسية ومؤسساتية، تجعل من لحظة انتخاب رئيس مجلس النواب، تعبيرا عن تبلور أغلبية برلمانية مساندة للوزير الأول أو لرئيس الحكومة المعين، كما كان الشأن منذ انتخاب عبد الواحد الراضي رئيسا لمجلس النواب سنة 1998، في سياق تشكيل حكومة التناوب التوافقي".