كشف مسؤولون وأساتذة جامعيون أنَّ الإقبالَ على تعلّم اللغة العربية من لدن غيْر الناطقين بها يشهد تزايُدا مطّردا، خاصّة في السنوات الأخيرة، نظرا للإشكالات التي يطرحها العالم العربي والإسلامي، حسبَ جمال الدين الهاني، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وقال الهاني، في ندوة دولية نظمتها الكليّة سالفة الذكر تحت عنوان "تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.. أية مقاربة"، إنَّ ما يجعل غيرَ الناطقين بلغة الضاد يحجُّون إلى البلدان العربية لتعلّمها، في الجامعات والمعاهد العليا والمؤسسات الخاصّة، "هو أنّ اللغة العربية أصبحت ذات أهميّة في العالم". مُتعلمو اللغة العربية من غير الناطقين بها، الوافدين على الجامعات والمعاهد المغربية لتعلّمها، "سيصيرون سفراءَ للمغرب يدافعون عن مصالحه اللغوية والثقافية، حسب أسامة العدولي، مدير معهد IES Abroad؛ غير أنّ تعلّم هؤلاء للعربية تواجهه صعوبات وتحدّيات". تتجلى التحدّيات المطروحة، بالأساس، حسب يمينة القراط العلام، نائبة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، في إعداد الموادّ المخصّصة لغيْر الناطقين بالعربية، والمقاربات الحديثة الكفيلة بإيصالها إلى الطلاب بطريقة سلسلة، إضافة إلى تكوين الأساتذة. في هذا الإطار، قال جمال الدين الهاني إنَّ تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يتمّ وفْق تعليم خاص، وليس في إطار تعلّمها تقليديا، لافتا إلى أنّ هذا يتطلب ديداكتيكا يستجيب لحاجيات هؤلاء الطلبة؛ "وهو ما يحتّم تكوين جيل جديد من الأساتذة للتمكّن من أسس تلقين اللغة لغير الناطقين بها". وأشار المتحدث ذاته إلى أنّ المغرب أصبح قِبْلة لعدد من الجامعات العالمية التي توفد طلبتها لتعلّم اللغة العربية بالمغرب، مبرزا أنَّ "جامعة محمد الخامس بالرباط وضعتْ مُخطّطا لهذا الغرض منذ سنوات الثمانينيات، حيث استقبلتْ وفودا من الطلاب من إفريقيا وأوروبا". وأحْدثت كلية الآداب والعلوم الإنساني، خلال الموسم الجامعي الجاري، الماستر المتخصص لمتعلّمي اللغة العربية من غير الناطقين بها؛ وهو الأوّل من نوعه في المغرب وفي شمال إفريقيا. كمَا سُجّلت بالكلية عدد من البحوث في سلك الدكتوراه، في هذا الميدان، حسب إفادته نائبة عميد الكلية. وإذا كانَ الباحثون المتعلّمون للغة العربية من غير الناطقين بها يسعون إلى فهْم إشكالات العالم العربي والإسلامي بشكل أعمق، فإنَّ المغرب يراهن على جعل هذه الفئة "تمثل المغرب على الساحة الدولية، وخلْق مدرسة مغربية لها خصوصيات وتميّز في هذا المجال"، حسب نائبة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية.