دي ميستورا يبحث تطورات قضية الصحراء المغربية مع خارجية سلوفينيا    المغرب والسعودية يعززان التعاون الثنائي في اجتماع اللجنة المشتركة الرابعة عشر    المملكة العربية السعودية تشيد بجهود جلالة الملك رئيس لجنة القدس من أجل دعم القضية الفلسطينية    المملكة العربية السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    الوقاية المدنية تتدخل لإنقاذ أشخاص علقوا داخل مصعد بمصحة خاصة بطنجة    إجهاض محاولة تهريب دولي للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 107 كيلوغرامات من الشيرا    أوزين: عدم التصويت على قانون الإضراب مزايدة سياسية والقانون تضمن ملاحظات الأغلبية والمعارضة    وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية تُشيد بمبادرات جلالة الملك محمد السادس لدعم صمود الفلسطينيين    تعرف على برنامج معسكر المنتخب المغربي قبل مواجهتي النيجر وتنزانيا في تصفيات كأس العالم 2026    لهذه الاسباب سيميوني مدرب الأتليتيكو غاضب من المغربي إبراهيم دياز … !    صرخة خيانة تهز أركان البوليساريو: شهادة صادمة تكشف المستور    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    سلا: حفل استلام ست مروحيات قتالية من طراز 'أباتشي AH-64E'    الاستثمار السياحي يقوي جاذبية أكادير    الكاف يشيد بتألق إبراهيم دياز ويصفه بالسلاح الفتاك    فيفا يكشف جوائز مونديال الأندية    المغرب يستقبل أولى دفعات مروحيات أباتشي الأميركية    "حماس" تؤكد مباحثات مع أمريكا    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وزخات مطرية رعدية قوية الأربعاء والخميس    فاس تُضيء مستقبل التعليم بانضمامها لشبكة مدن التعلم العالمية    إقليم الحسيمة .. أزيد من 17 ألف أسرة مستفيدة من عملية "رمضان 1446"    3 قمم متتالية تكرس عزلة النظام الجزائري وسط المجموعة العربية وتفقده صوابه ومن عناوين تخبطه الدعوة إلى قمة عربية يوم انتهاء قمة القاهرة!    المغرب..البنك الأوروبي للاستثمار يسرّع دعمه بتمويلات بقيمة 500 مليون أورو في 2024    دنيا بطمة تعود لنشاطها الفني بعد عيد الفطر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    تداولات بورصة البيضاء بأداء سلبي    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    "أونسا" يطمئن بشأن صحة القطيع    وكيل أعمال لامين يامال يحسم الجدل: اللاعب سيمدّد عقده مع برشلونة    مونديال الأندية.. "فيفا" يخصص جوائز مالية بقيمة مليار دولار    قصص رمضانية.. قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب (فيديو)    مطار محمد الخامس يلغي التفتيش عند المداخل لتسريع وصول المسافرين    هذه مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الخميس    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال    العثور على أربعيني ميتًا نواحي اقليم الحسيمة يستنفر الدرك الملكي    حدود القمة العربية وحظوظها…زاوية مغربية للنظر    «دلالات السينما المغربية»:إصدار جديد للدكتور حميد اتباتويرسم ملامح الهوية السينمائية وعلاقتهابالثقافة والخصائص الجمالية    «محنة التاريخ» في الإعلام العمومي    القناة الثانية تتصدر المشهد الرمضاني بحصّة مشاهدة 36%    تحذير من حساب مزيف باسم رئيس الحكومة على منصة "إكس"    طنجة تتصدر مدن الجهة في إحداث المقاولات خلال 2024    النيابة العامة تتابع حسناوي بانتحال صفة والتشهير ونشر ادعاءات كاذبة    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    كسر الصيام" بالتمر والحليب… هل هي عادة صحية؟    اليماني: شركات المحروقات تواصل جمع الأرباح الفاحشة والأسعار لم تتأثر بالانخفاض في السوق الدولية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    هذه أبرز تصريحات ترامب في خطابه أمام الكونغرس    أبطال أوروبا.. قمة ألمانيا بين البايرن و ليفركوزن واختبار ل"PSG" أمام ليفربول    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    الصين تعلن عن زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة 7,2 بالمائة للعام الثالث على التوالي    المنتخب المغربي يدخل معسكرا إعداديا بدءا من 17 مارس تحضيرا لمواجهة النيجر وتنزانيا    اجتماع بالحسيمة لمراقبة الأسعار ومعالجة شكايات المستهلكين    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرض النفسي : هموم أم جنون؟
نشر في هسبريس يوم 26 - 06 - 2011

عندما تسيطر الأفكار السوداء على مخيلة الشخص وتجتاحه الأحاسيس السلبية، ويعتقله الحزن والاكتئاب في حجرة مظلمة، يكون قد سقط فريسة مرض يحرم صاحبه الابتسامة والصحة والأمان. فيرديه ضحية من ضحاياه. يكسر إرادته ويعاكس رغباته ويجعله يمر بأيام عصيبة يرى فيها الابتسامة تاجا فوق رؤوس الناجين من أنياب هذا المرض الفتاك بحياة المرء وقدراته على العيش بشكل طبيعي.
ماذا يقصد بالمرض النفسي؟
تعرف الموسوعة العالمية ويكبيديا المرض النفسي أو العصاب بأنه اضطراب في الشخصية وهو اضطراب عصبي وظيفي غير مصحوب بتغير بنيوي في الجهاز العصبي. ترافقه في كثير من الأحيان أعراض هستيريا،وحصر نفسي، وهواجس مختلفة. ولعل العصابات قديمة قدم الجنس البشري نفسه. ونحن نقع على وصف لها في كثير من المصنفات التراثية وبخاصة غير الطبية منها. أما الدراسة الطبية النظامية للاضطرابات العصابية فلم تستهل إلا في منتصف القرن التاسع عشر للميلاد. ويعتبر جان مارتن شاركو و سيغموند فرويد من أبرز الرواد في هذا المضمار. ومن أشهر الأمراض النفسية الهستيريا والوسواس والرهاب. ويؤكد د.الأمين إسماعيل البخاري أن حوالي 20 % من البالغين يصابون بالمرض النفسي في مرحلة ما في حياتهم، والإحصائيات تدل على أن 4 من 10 من أسباب العجز يرجع بالدرجة الأولى إلى أمراض نفسية وأولها مرض الاكتئاب. وبالرغم من شيوع المرض النفسي إلاّ أن حوالي 50 % أو اقل يسعون للعلاج. ويعتقد أن أ سباب المرض النفسي عديدة ولكن يمكن تلخيصها بأنها نتيجة تفاعل معقّد بين الاستعداد الوراثي والضغوط النفسية والبيئية. مع حدوث بعض التغيرات في الهرمونات العصبية في الدماغ من ناحية الكم والكيف. وقد يكون لوجود بعض التشوهات الخلقية في المخ أو تلك التي تحدث أثناء عملية الولادة دور في ذلك إلاّ أن للعامل الوراثي دور ملحوظ في أكثر الأمراض العصبية والوجدانية والعقلية. كما أن التطور المذهل في وسائل العلاج ووسائل تشخيص المرض والوعي الصحي المتزايد قلّل كثيراً من فترة حجز المرضى بالأقسام الداخلية. ونسبة للسيطرة الكبيرة على الأعراض المرضية أصبح تقبّل العائلة للمريض النفسي في المنزل بدرجة أكبر وقد ساعد ذلك كثيراً في التقليل من بناء المستشفيات الكبيرة التي تضم أسرة للمرضى. والآن يتم التركيز على بناء وحدات نفسية صغيرة من ضمن مباني المستشفي العام، أي ليس هناك عزل للمرضى النفسيين في مصحّات أو مستشفيات كبيرة تقام بعيدًا عن المدينة.
المريض النفسي ليس مجنونا
يخلط الكثير من الناس بين المرض النفسي والعقلي، حيث يعاني الكثير من المرضى النفسانيين من اتهامات المجتمع لهم بالجنون مما قد يجعل حالتهم تتدهور أكثر. ويفرق د. محمد نبيه عبد الرحيم المريض النفسي عن المريض العقلي (المجنون) بأشياء كثيرة: الأول أنه يعي مرضه أو ما به من حالات نفسية غير سوية، كما يعي جيدًا سلوكه ونشاطاته الفردية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، إن المصاب بالهلوسة (هي انحراف بالحس والإدراك) قد يرى أو يسمع أشياء لا وجود لها في الواقع، إلا أنه يعلم جيدًا أن هذه الأشياء التي يسمعها أو يراها لا وجود لها، لذلك يكون سلوكه طبيعيًا وعاديًا.
أما المريض العقلي (أنواع الجنون الكثيرة) فهو، بالعكس، قد يرى أو يسمع أشياء لا وجود لها ولكنه وهذا ما يميزه يقتنع فعلاً بوجودها ويكون بموجب ذلك سلوكه ونشاطه وحركاته. ففي بعض أنواع الجنون يقول المريض بها، إنه يسمع صوتًا أو يرى قادمًا من بعيد، لذلك فهو يصغي لهذا الصوت أو يجيب عن أسئلة وهمية أو يخاطب هذا الصوت غير الموجود. كما أنه قد يتقدم لمقابلة أو للهجوم على القادم أو يشير إليه.. إن المجنون هنا، يظن وجود أشياء غير موجودة ويبني سلوكه على هذا. في الفصام، وهو نوع من الجنون، يكون المريض منطويًا على نفسه، جامدًا يهمل حاجياته الغريزية، إلا أنه ينقلب أحيانًا إلى وحش فيهجم ليقتل طبيبه، أو الممرض، أو من يقع تحت يديه، بسبب ظنه أن هذا يريد به سوءًا.
المرض النفسي وعلاقته بالجن
تغص بيوت الدجالين بالمرضى النفسانيين نتيجة الاعتقاد السائد بارتباط المرض النفسي بالجن والعين والحسد. حيث يفضل الكثير من المرضى التوجه نحو الدجالين عوض زيارة دكتور الأمراض النفسية ظنا منهم أن المجانين هم من يقصدون تلك المصحات. وإذا كان علماء كبار من المسلمين يعتقدون بتلبس الجن للإنس والتحكم فيه ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية فإن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي يخالفهم هذا الاعتقاد. حيث يرى إن الله سبحانه وتعالى لم يُمكِّن الجن بحيث يتحكم في الإنسان، لأن هذا التحكم ينافي قول الله تعالى "ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" وينافي قوله تعالى "إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" فالله استخلف الإنسان في الأرض وسخر له كل ما في السماوات وما في الأرض جميعا ، فكيف يسخر الإنسان للجن؟.بل إننا في القرآن نجد العكس الإنسان يسخر الجن. سيدنا سليمان سخر الله له الجن "فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ، والشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وغَوَّاصٍ، وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ" حتى كان يعاقبهم ويحبسهم وقد يقيدهم ومقرنين في الأصفاد "وَمِنَ الجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ" سخر الله الجن ورأينا في سورة النمل أن الإنسان قد يكون أقوى من الجن لأن سيدنا سليمان قال للناس الحاضرين في مجلسه لما عرف إن بلقيس ملكة سبأ ستأتي مسلمة فقال أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك قبل ما ينتهي مجلس الحكم وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك. وردا على القول بأن هناك إشارة في القرآن يستدل بها البعض لإثبات تلبس الجن للإنسان وهي قوله تعالى حينما يتحدث عن الذين يأكلون الربا {الَذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ} يقول يوسف القرضاوي: إن الشيطان ممكن يمس الإنسان ما معنى يمسه؟ والقرآن ذكر عن سيدنا أيوب {واذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وعَذَابٍ} مستني الشيطان إذ نصب وعذاب معاناة وعذاب من الوسوسة التي كان يوسوس بها لأيوب. إن أيوب اشتد به المرض وطال فالشيطان جاء يقول له هذا من سخط الله عليك هذا أن الله تخلى عنك إنك ستظل مريض أبد الدهر إنك كذا بهذه الوساوس آذاه وتسبب له المعاناة النصب والعذاب النفسي فهذا مس يعني كما قال سيدنا أيوب رب يعني أن يمسني الدر .وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الدر وأنت أرحم الراحمين فهذا المس، والعرب كانوا يعتقدون إنه الإنسان ممكن الشيطان يمسه إنما هذا لايعني أن يسكنه ويتحكم فيه.
أنت معقد نفسيا !
من منا لم يحظى بلقب "معقد نفسيا" في حياته...ومن منا لم ينعت به محاوره إذا اختلف معه في الرأي والفكر...كلمة نرددها كثيرا لكن قليلون منا يدركون مفهوم العقدة النفسية. وفي هذا الصدد يقول الدكتور لطفي الشربيني استشاري الطب النفسي " لعل هذا المصطلح(العقد النفسية)من أكثر الكلمات التي يتداولها الناس وعادة ما يطلقونها دون علم بمعناها الحقيقي،وقد يصف الواحد منا شخصا آخر بأن لديه عقدة..أو نصف من نختلف معه أنه معقد دون أن نعلم الأصل العلمي لما نقول..وأصل الحكاية حين نبحث عنه لابد من العودة إلى قواعد علم النفس الحديث التي وضعها الطبيب النمساوي المعروف سيجموند فرويد(18561936)حين وضع تصورا للنفس الإنسانية بأنها تتكون من العقل الواعي الذي يتعامل مع حقائق الحياة ويخضع لسيطرتنا وإرادتنا،والعقل الباطن الذي يحتوى علي أشياء كثيرة لا نعلم عنها شيئاً في الأصول المعتادة منها الرغبات المكبوتة والانفعالات الداخلية وقوى تتصارع مع بعضها البعض بداخلنا،فالعقدة النفسية هي إذن مجموعة من المشاعر والانفعالات الداخلية تعبر عن احتياجات وغرائز متشابكة قد تنشأ من المبالغة في طلب بعض الرغبات بصورة قد تؤدى إلى الانحراف . وليست العقد النفسية-من هذا المنظور النفسي-سوى خبرات ومشاعر تحمل انفعالات نفسية تم اختزانها في عقلنا الباطن في مراحل عمرنا السابقة،ربما من أيام الطفولة نتيجة لتعرضنا للضغوط والحرمان والمواقف الصعبة،ورغم أن هذه المشكلات قد أنتهي عهدها منذ زمن طويل إلا أنها تبقي في داخلنا،ويمكن أن تشكل طباعنا وسلوكنا ويظهر تأثيرها حين تتعرض لمواقف مشابهة في حياتنا.. والحقيقة أن كل منا لديه من من العقد النفسية كم معين قد يتحكم في ميوله واتجاهاته في الأحوال المعتادة ، وقد يؤثر في مزاجه وحالته النفسية في حالة الصحة النفسية أو حين يصاب بالاضطراب النفسي". ويختلف نوع العقدة النفسية من شخص لآخر غير أن علماء النفس يعتقدون أنه من أكبرها: عقدة الإهمال، عقدة الذنب، عقدة المنافسة الأخوية، عقدة النقص، عقدة الخصي، عقدة الخطر أو اختلال الأمن.. .
حكايات نساء افترسهن المرض
السيدة ربيعة:
في عقدها الخمسين، أم لثلاث بنات وابنين، تعيش في منطقة معزولة. زوجها لا يعمل وابنها الكبير هو من يعيلهم. يعمل في البناء وقطف الزيتون وكل ماجادت به سوق العمل...بعد ما يربو عن ثلاثين سنة من الزواج لم تعد قادرة على تحمل حياتها التي تصفها بالصعبة جدا. وتعزو ذلك إلى زوجها الذي تنعته بأسوء النعوت لأنه حسب كلامها هو المسؤول عن مرضها وحياتها البائسة. فهو رجل أناني لا يفكر في أبنائه ولا زوجته. يحبس بناته في المنزل ويخرج أبناءه للعمل فيما هو يضيع وقته في المقاهي والثرثرة والشجارات...تقول أنها لاتحس معه أنها امرأة ولا يجود عليها بكلمة واحدة طيبة، الحوار بينهما منعدم والغالب هو الجدال والسب والغضب. ربيعة تعاني من مرض نفسي يحرمها من النوم، ويجعلها تحس بألم حاد في كل أنحاء جسمها، لاتقوم بأي عمل منزلي وتأمر بناتها باستمرار بنظافة المنزل بشكل مبالغ فيه، عصبية دوما وتكثر من الدعاء بالسوء على أبنائها...تتناول الأدوية بشكل متقطع وتفسر هذا بالفقر الذي ترزح تحته. فعندما تحس بنوع من التحسن تتوقف عن شراء الأدوية لأنها تتدبر تكاليفه بمشقة....
الطالبة ليلى:
كانت سنتها الأولى في الجامعة مليئة بالأحداث. كانت تحضر بعض الدروس الدينية مع صديقاتها لأن هذا ملزم لها باعتبارها منتمية لجماعة دينية. لكن الخوف تملكها منذ علمت أن إحدى الأخوات يسكنها جني يهودي يتحدث من وقت لآخر. كتمت الخوف بداخلها وكانت تذهب للحضور معهن وقلبها يخفق ذعرا من الالتقاء بتلك الطالبة....ولم يكد يخرج الخوف منها حتى وقعت حادثة مروعة أمام الكلية التي تدرس بها. سيارة تدهس طالبة وترديها ميتة وسقوط طلبة آخرين جرحى مما أثار مشاعر الأسى في صفوف الطلاب. وهنا بدأ الكل يتحدث عن الكثير من الطالبات اللواتي يسكنهن الجن ولا تكاد تمر ليلة دون أن تسمع بطالبة مصروعة داخل الحي الجامعي...استوطن الهلع بداخلها خوفا من أن يتلبسها الجن هي الأخرى. فبدأ الوسواس يسيطر عليها. وذات يوم كالعادة صلت كثيرا وقرأت القرآن وهي في منزل أهلها. أحست بنوع من الألم في رجلها فقررت أن تحاول النوم دون التفكير كثيرا. لكنها سرعان ما ربطت بين ألم رجلها والجن. واجتاح خيالها صورة ذلك الشيخ الذي يخرج الجني من رجل إحدى المتلبسين بالجن. فبدأ الرعب يستولي عليها اعتقادا منها أن الجني يحاول تلبسها ابتداءا من رجلها. بدأ جسمها كله يهتز بشكل قوي وفقدت السيطرة عليه تماما....نقلت للمستشفى وتم تهدئتها بحقنة ...ثم عادت للمنزل وأصبحت تعاني من ألم في رجليها وفي رقبتها، لا تستطيع النوم لوحدها، وتعتقد نفسها متلبسة بالجن. بعد زيارة الكثير من الأطباء دلتها إحدى صديقاتها لدكتور الأمراض العصبية فكتب لها بعض الأدوية وما إن تناولتها لمدة قصيرة حتى شفيت تماما من المرض وأصبحت تتجنب كل أنواع التفكير السلبي الذي من الممكن أن يسبب لها العذاب الذي عاشته عندما نهشها المرض وسرق منها أياما كان باستطاعتها أن تعيشها في صحة وهناء.
الضحك ...علاج نفسي فعال
لقد أصبح هناك العديد من الأدوية النفسية الفعَّالة منذ الخمسينات لمساعدة المريض النفسي. وأصبحت هناك قدرة للمريض للتكيف مع أعراضه النفسية. وفي بعض الحالات قد يكون هناك شفاء تلقائي طبيعي للمريض من خلال عامل الزمن والدواء في هذه الحالة لا يلعب إلا دور المخفف لمظاهر المرض لزيادة قدرة تحمل المريض لمرضه. وفي بعض الحالات الأخرى قد يحتاج المريض لتناول دوائه لمدة سنوات طويلة، من أجل إبقاء مرضه تحت السيطرة. وتقوم الأدوية النفسية بالتخفيف من معاناة الكثيرين من المرضى الذين يمكن أن يعيشوا وسط مجتمعاتهم، والذين لولا الأدوية لأصبح مرضهم لا يطاق ولا يحتمل، ولأصبحوا مرضى مزمنين في المشافي والمصحات العقلية. غير أن الضحك حسب الدكتور لطفي الشربيني هو دواء هام لرفع اليأس والتشاؤم،والترويح عن النفس، كما أنه وسيلة ناجحة بدفع الملل الناتج عن حياة الجد والصرامة، وتنفيس جيد عن آلام الواقع، فالإنسان حين يضحك فإنه يقلل طاقة التحفز والانفعال في داخله ويؤكد لنفسه أن الحياة لا يجب أن تكون بهذه الجدية والخطورة والصرامة التي لا لزوم لها . إن الذين يتمتعون بالحس الفكاهي والمرح يأتون في ترتيب متأخر في سلم الأشخاص المعرضين بالإصابة بالمرض النفسي فالفكاهة والمرح هي الحل التلقائي لمشكلة التوتر الذي يصيب الإنسان وما يلبث أن يمتلكه ويحطمه ، كما ثبت علمياً أن من يتمتعون بالقدرة على المرح والفكاهة يعيشون عمراً أطول ويظلون في صحة جيدة مهما تقدم بهم السن نتيجة لنظرتهم الإيجابية للحياة وعدم الاستسلام للهموم. ويقدم الدكتور نصيحته الذهبية متوجها إلى الجميع بضرورة أن نبتسم للحياة في كل المواقف ، بل أن يضحك الواحد منا حين يواجه الهموم، والابتعاد عن " النكد " لأنه مأزق أسوء من الفقر والإفلاس ، ومحاولة الاحتفاظ بروح المرح والمشاعر الإيجابية نحو الحياة فهذا هو سر الشباب الدائم . وعلينا أن تتذكر إنه من منظور ديننا الإسلامي فإن المرء عليه أن يلقى أخاه " بوجه طلق " كما يصف الحديث الشريف تبسم المرء في وجه أخيه صدقة وورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان أكثر الناس تبسماً ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.