رفض دفوع الناصري وبعيوي يثير غضب المحامين والهيئة تستمع للمتهمين    تحقيق الخطوط الأذربيجانية: تحطم الطائرة نجم عن "تدخل خارجي" وروسيا متهمة    سنة 2024.. استثمارات استراتيجية كبرى شهدتها مدينة الصويرة    بلغ 4082 طنا.. جمعية تشيد بزيادة إنتاج القنب الهندي المقنن    "أتقداو" تفتتح متجرا جديدا في الخميسات    تفاصيل مرسوم رفع "السميك والسماك"    ألمانيا: حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    كولر مدرب الأهلي يشيد بمستوى عطية الله    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    أداء إيجابي في افتتاج بورصة البيضاء    الأمن يوقف متورطين في سياقة خطيرة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الدرك يحرر 19 محتجزا من ضيعة فلاحية    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    دراجات: أشرف الدغمي يحرز الميدالية البرونزية في مسابقة النقاط ضمن منافسات اليوم الأول من البطولة العربية للمضمار    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    دوري أبطال افريقيا: تحكيم بوروندي لمباراة الجيش الملكي ومانييما أنيون الكونغولي    الصين تجهز روبوت لاستكشاف القمر    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الأب والأبناء تسجل ملاحظات حول تعديلات مدونة الأسرة عبر "رسالة 24"    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    غرق قارب مهاجرين قبالة السواحل المغربية.. إنقاذ 11 شخصا وفقدان 70 آخرين    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    غوارديولا يتحدث عن إمكانية عقد صفقات جديدة في يناير    إسرائيل تعلن استمرار ضرباتها على الحوثيين في اليمن حتى اكتمال المهمة    تقرير أمريكي: المغاربة أكثر الشعوب تعايشا وتسامحا في العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    طعن مسؤول أمني تونسي خلال عملية إيقاف مطلوب للعدالة بتهم الإرهاب    "ناسا" تعلن أن مركبة فضائية تابعة لها "آمنة" بعد اقترابها من الشمس    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    الوزير بركة يستقبل مورو لتسريع مشاريع البنيات التحتية بجهة الشمال    التحكيم المغربي يحقق إنجازًا عالميًا.. بشرى الكربوبي بين أفضل 5 حكمات في العالم    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    وهبي يقدم عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    70 مفقودا في غرق قارب مهاجرين    مجلس الحكومة يصادق على قائمة الرخص الاستثنائية التي يستفيد منها القضاة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    الحكومة تحدد شروط منح تعويض لمؤطري التكوين المستمر بوزارة التعليم    مباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه توضيحات تُجلي صورة وخدمات الأبناك التشاركية بالمغرب
نشر في هسبريس يوم 12 - 01 - 2017

إن المتمعِّن في البلاغ الصادر عن "بنك المغرب"، الذي أعطى فيه الضوء الأخضر لدخول المغرب عالم الصيرفة الإسلامية، عبر بوابة "البنوك التشاركية"، من خلال الترخيص للبنوك والمؤسسات المالية المغربية بشراكة مع بعض المؤسسات والبنوك الإسلامية لدول الخليج، سيَسْتَقرئ العديد من النقاط التي لم تُوَضَّح بعد للمواطن البسيط ولأصحاب المقاولات الصغرى والمتوسطة وحتى الكبرى منها، رغم بعض الخرجات المحدودة لبعض المختصين الذين لم يتطرقوا أو يوضحوا بالشكل البسيط والكامل هذه التجربة.
"بنك تشاركي" بدل "بنك إسلامي"
في مفهوم الصيرفة الإسلامية بمختلف قطاعاتها، سواء القطاع البنكي، أو الصكوك (السندات)، أو صناديق الاستثمار الإسلامية، أو قطاع التكافل، أو حتى القطاعات الأخرى المعروفة، كالتعاونيات والمؤسسات الاستثمارية المتعددة التخصصات والخدمات، فإن مصطح "التشاركي" يُقْصد به كل ما له علاقة بعقود الصيرفة الإسلامية التي تعتمد على مبدأ المشاركة من خلال رأس المال أو المشاركة بالعمل والتسيير، وهي العقود المميزة لعقد "المشاركة"، و"المشاركة المتناقصة"، وعقد "المضاربة" بمختلف أنواعه، بالإضافة إلى عقد "السَّلم" و"الاستصناع" كمنتجات ثانوية معتمدة على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، وكذلك تبادل المخاطر. هذه العقود ميزتها معروفة هي أنها موجهة غالبا إلى القطاعات الاستثمارية، كأداة للمشاركة في الاستثمارات ذات النفع الكبير على "البنك الإسلامي" وعلى "المشارك" في المشروع.
إذن، تغيير اسم "البنك الإسلامي" باسم "البنك التشاركي" يعني أن هذه البنوك ستعتمد بشكل كبير على تسويق هذه المنتجات التشاركية الربحية، بالإضافة إلى عقد "المرابحة" الذي يُعتبر من العقود التي تثير جدلا كبيرا بين علماء الشريعة في المذاهب المعروفة. والهدف من كل هذه العقود بصفة أَوْلى هو الربح، من خلال تطبيقها على أرض الواقع، بينما العقود ذات الصيغة النفعية، كعقد "القرض الحسن" الذي يعتبر من بين العقود الاجتماعية التي تساهم في حل بعض الإشكالات المجتمعاتية، كمنح قرض بدون فائدة لا يتعدى "ألفي" دولار للمقبلين على الزواج والطلبة وبعض الفئات الاجتماعية المعوزة، فإن مثلها لم يتم إدراجها في قانون "البنوك التشاركية"، وتم الاقتصار فقط على العقود ذات الصيغة الربحية، بينما منظومة الصيرفة الإسلامية تتوفر فيها ما يزيد عن 42 منتوج "بديل" للقرض الربوي، ولكن لم يتم اعتمادها من طرف "بنك المغرب".
أضف إلى هذا أن اسم "البنوك التشاركية" ظهر لأول مرة في تركيا سنة 2006، عبر القانون رقم 4389، الذي أصدرته الحكومة التركية لتغيير اسم "البنك الإسلامي" باسم "البنك التشاركي" للبنوك المتواجدة في أرض "أتاتورك"، ومنها بنك البركة، والبنك الكويتي التركي الإسلامي، وتركيا فينونس كاتيليم، و"بنك آسيا الإسلامي"، لتكون تركيا أول بلد في العالم يغير اسم "البنك الإسلامي" ب"البنك التشاركي"، لأسباب متعددة ومختلفة، وليكون المغرب ثاني بلد في العالم يسير على نهج تركيا في عالم الصيرفة الإسلامية، إذ يعتبره العديد من المختصين في هذا الميدان "استنسخ" تجربة تركيا، بينما الدول الأوربية العلمانية احتفظت بالاسم نفسه، لتسمية مؤسساتها وبنوكها الإسلامية المتواجدة على أراضيها، خاصة التجربة البريطانية عبر "البنك الإسلامي البريطاني" "البنك الإسلامي للاستثمار"....
البنوك المُرَخَّصة
التمعن في البنوك التي أُعطيت لها التراخيص لبدء معاملاتها المالية، وفق مبادئ معينة في فقه المعاملات، سيجد عاملين مشتركين يزكيان ما قلناه سابقا، أولهما أن هذه البنوك كلها ربوية 100% (القرض العقاري والسياحي، البنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا، البنك الشعبي والقرض الفلاحي للمغرب)، بينما العامل الثاني هو البنوك أو المؤسسات المالية "الإسلامية" التي ستدخل شريكا مع البنوك المغربية. هنا يَكمن الخلل، أولا لم تعط معطيات مدققة حول القيمة التي ستدخل بها هذه البنوك مع البنوك المغربية، وهو ما يرجح فرضية هيمنة البنوك المغربية على الرأسمال والأرباح، مستغلة بذلك أسماء هذه البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، رغم أنها أصلا لا تعتبر من المؤسسات المالية الإسلامية الكبيرة في عالم الصيرفة الإسلامية العالمية، فمثلا "بنك قطر الدولي الإسلامي" يحتل الرتبة 31 عالميا ضمن قائمة 190 بنكا إسلاميا عالميا، والرتبة 1285 عالميا في قائمة البنوك العالمية، والرتبة السابعة وطنيا، حسب آخر التصنيفات العالمية لمؤسسات التصنيف العالمي سنة 2016. الشيء نفسه بالنسبة لمجموعة "البركة" التي يمتلكها "الشيخ صالح كامل"؛ بينما المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص المنتمية للبنك الإسلامي للتنمية مؤسسة وليس بنك، يرتكز عملها على تقوية القطاع الخاص في بعض الدول بشكل محدود جدا، ولكن قوتها أنها تعتبر من المؤسسات الرسمية في إعداد التقارير الدولية الخاصة بعالم الصيرفة الإسلامية العالمية معروفة باسمICD . أما مؤسسة "غايندس" فهي مؤسسة وشركة عقارية.
خلاصة القول إن كل هذه المؤسسات المغربية والخليجية هدفها الأول والأخير هو "الربح"، وستكون المستفيد الأكبر في حال نجاح التجربة المغربية.
لجنة شرعية للمالية التشاركية داخل "بنك المغرب"
ما يعزز ما ذكرناه سالفا كذلك هو المتعلق ب"هيئة شرعية" لمراقبة كل المعاملات المالية والتجارية والبنكية للمؤسسات "المالية الإسلامية"، إذ تعتبر هذه الهيئة الوحيدة التي تضمن للزبون أن معاملاته تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في فقه المعاملات. ولكن هذه الهيئة، وحسب ما هو متعارف عليه في تنظيم الصيرفة الإسلامية في العالم، خاصة مؤسسة "هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية" المعروفة ب"أيوفي"، والمتواجدة في البحرين، و"مجلس الخدمات المالية الإسلامية" المتواجد في ماليزيا، وضعا شرطا أساسيا لا بد منه لتحمل أي مؤسسة مالية أو بنكية اسم "بنك إسلامي" أو "مؤسسة مالية إسلامية"، هو تواجد ثلاثة علماء في الشريعة والاقتصاد الحديث على الأقل في كل مؤسسة بنكية أو مالية إسلامية، ما يعني أن هذه "البنوك التشاركية المغربية" هي التي يجب أن تتوفر فيها هذه اللجنة وليس فقط في "بنك المغرب".
خلاصة القول إن التجربة المغربية ممكن أن تكون من التجارب الرائدة عالميا، في حالة ما إذا تم احترام المعايير الدولية التي تسير قطاع الصيرفة الإسلامية، خاصة المعايير الخمسة عشر ل"مجلس الخدمات المالية الإسلامية"، ومعايير التدقيق الشرعي ل"هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية"، وكذلك المعايير الدولية، المتمثلة في معايير "بازل 2" و"بازل 3".
ربما سيكون المغرب قطبا ماليا للصيرفة الإسلامية، وإذا حدث العكس، فإنه سيكون من الدول العديدة التي ساهمت في "تشويه" منظومة الصيرفة الإسلامية المبنية على العدالة الاجتماعية، والمساهمة في ازدهار المجتمع من خلال الخدمات والمنتوجات المالية التي تتيحها لزبنائها، سواء من الأشخاص والمؤسسات والشركات، وحتى مؤسسات الدولة التي ستستفيد بشكل كبير من تمويل هذه البنوك للمشاريع الكبيرة التي هي في طور الإعداد والإنجاز؛ بينما المواطن العادي ربما لن يستفيد الشيء الكثير من هذه المؤسسات، لاعتبارات متعددة، أولها غياب "ثقافة" مفهوم الصيرفة الإسلامية بمختلف قطاعاته، وتكريس مفهوم واحد لدى شريحة واسعة وكبيرة من المواطنين.
إن البنك الإسلامي يعطي قرضا ويُرَدُّ له المبلغ نفسه، وهو مفهوم خاطئ 100%، اللهم إذا إستثنينا عقد "القرض الحسن" المحدود. بالإضافة إلى هذا، فإن المؤسسات المغربية الرسمية لم تقم بما يجب عليها القيام به لتبسيط عمل "البنوك الإسلامية" من خلال القنوات الرسمية ومنابر الإعلام الوطنية، وكذلك التركيز على الندوات في مختلف ربوع المملكة لإنجاح هذه التجربة الفتية.
*باحث في نمو وتوسع البنوك الصيرفة الإسلامية بأوربا
Universidad Autónoma de Madrid
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.