أبدت الأطر العاملة في القطاع المصرفي المغربي، كبير اهتمام بالشروحات التي قدمها كبار المختصين في التمويلات الإسلامية، ممن أطروا ورشات عمل متخصة في الصيرفة وفق قواعد الشريعة الإسلامية، وذلك على هامش الدورة الثانية من المنتدى الدولي حول التمويلات الإسلامية، الذي اختتمت أشغاله نهاية الأسبوع الماضي، بمدينة مراكش. الخبراء الدوليون، الذين شاركوا منتدى التمويلات الإسلامية، المنظم من لدن مؤسسة "إي كومبيتانس" بشراكة مع جامعة "باريس دوفين" الفرنسية، قدمت عروضا تقنية وعامة حول قواعد وتفاصيل التمويلات، التي يرى العاملون في القطاع المصرفي المغربي أنها ستشكل مستقبلا قاطرة لتحفيز المغاربة على إيداع أموالهم أكثر لدى المؤسسات البنكية العاملة وفق نظام الصيرفة الإسلامية. يوسف البغدادي، رئيس المجلس المديري لمؤسسة "دار الصفا" المختصة في التمويلات البديلة، المتوافقة مبدئيا مع المعاملات البنكية وفق قواعد الشريعة الإسلامية، أكد قدرة إطلاق بنوك إسلامية بالمغرب على استقطاب 90 مليار درهم، بما يمثل 9 في المائة من مجموع الادخار الوطني. لكن بغدادي ربط تلكَ الإمكانية بضرورة إسراع المغرب بإخراج النظام القانوني المؤطر لهذا النوع من التمويلات والنظم المصرفية التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. داعيا إلى ضرورة تدارك التأخر الذي يعانيه في ميدان التمويلات الإسلامية، مقارنة مع دول القارة الآسيوية والخليج العربي وتركيا. فمن وجهة نظر، رئيس المجلس المديري لمؤسسة "دار الصفا" يبقى الأمر ممكنا شريطة "توفر الإرادة الحقيقية لتطوير المجال". الإرادة الحقيقية تمر، حسب بغدادي، من خلال إعمال نظام ضريبي ملائم والعمل على خفض الكلفة الإدارية للمنتوجات الإدارية، ووضع إطار قانوني شامل واعتماد مراقبة شاملة للتمويلات الإسلامية، وضبط الانتقال من المنتوجات البديلة إلى البنوك التشاركية، عبر إحداث مؤسسات مالية تشاركية برؤوس أموال مغربية، والتوجه نحو تثبيت بنوك إسلامية أجنبية كبرى والعمل على عقد شراكات بين البنوك الخليج الإسلامية مع مصارف مغربية. قانون البنوك الإسلامية المغربي، الذي ينتظر أن يعتمد في الربع الأول من السنة المقبلة، سيساهم في توضيح الرؤية أمام الفاعلين لاختيار النموذج الأنسب لتطوير هذا القطاع في المغرب، يقول بغدادي. قبل أن يعود ليؤكد أن هناك مجموعة من المعيقات على رأسها مسألة الموارد البشرية المؤهلة التي تحيط بخصوصيات هذه التمويلات الإسلامية، والتي تتطلب دراية خاصة ودقيقة في هذا المجال. ولم يخف المشاركون في المنتدى الدولي، أن أمام المغرب فرصة كبيرة لاستقطاب استثمارات بملايير الدولارات في حالة تسريع وتيرة وضع نظام مصرفي، وفق الضوابط الشرعية، والتي وجذب رؤوس الأموال العربية من خلال آلية الصكوك واعتماد مؤشرات مالية إسلامية، إلى جانب التعبئة الداخلية للادخار الذي يتعذر على البنوك التقليدية استقطابه. محمد البلتاجي، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى، أكد في هذا الإطار، أن المغرب بمقدوره استقطاب استثمارات كبرى من دول الخليج لتمويل مشاريع سياحية وصناعية شريطة توفر بيئة مصرفية تعمل وفق الضوابط الشرعية الإسلامية. الاهتمام المغربي المتزايد بالتمويلات الإسلامية، يأتي بعدما شهدت طفرة في الفترة الأخيرة، بانتقال حجمها في العالم من 80 مليار دولار في 2011 إلى 131 مليارًا في 2012، للقفز إلى 500 مليار دولار، في العام الجاري، فيما يتوقع أن تصل إلى تريليونين العام المقبل. الملتقى كان فرصة للبنكيين المغاربة للتعرف إلى مجموعة مفاهيم مصرفيَّة، تطبق في إطار النظام المصرفي الإسلامي، من قبل صيغ التمويل؛ كالمرابحة والمضاربة والمشاركة. وأوضح خبراء التمويلات الإسلامية المشاركون في هذا الملتقى، أن بيع المرابحة تعتبر من أنواع البيع المشروعة، وأحد قنوات التمويل بالمصارف الإسلامية. كما تعد واحدة من صيغ التمويل الأكثر تطبيقا في السوق المصرفي الإسلامي، ويقوم البنك من خلال هذه الصيغة بشراء ما يحتاجه الزبناء من سلع استهلاكية وأصول إنتاجية. أما بالنسبة للمضاربة، فقد أشار الخبراء إلى أنها من أهم وأقدم صيغ استثمار الأموال في الفقه الإسلامي، باعتبارها نوعًا من المشاركة.