أكد بلاغ الديوان الملكي، الثلاثاء، على علوية الدستور باعتباره الحكم بين السلطات من خلال الترسيخ والتجسيد العملي لمبدأ استقلال السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية والفصل بينهما وفقا للمرتكزات الدستورية؛ فقدم بذلك درسا للأحزاب السياسية، وخصوصا حزب العدالة والتنمية، الذي ناور تحكميا لتعطيل مجلس النواب بجعله ورقة تفاوضية أكثر من استحقاق دستوري وتطبيق ديمقراطي لمبدأ الفصل بين السلطات ورهان للتمثيل والنيابة عن الشعب بممارسة الوظيفتين التشريعية والرقابية. وهكذا، وحرصا من الملك على استكمال المساطر القانونية، فقد أكد البلاغ المذكور على ضرورة تسريع مسطرة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، بما في ذلك اعتماده من طرف مجلسي البرلمان0 مما يعني الضوء الأخضر لعقد جلسة انتخاب رئيس وهياكل مجلس النواب في أقرب وقت، لاسيما وأنه يعيش حالة من العطالة القسرية امتدت لأزيد من ثلاثة أشهر منذ انتخاب البرلمانيين الجدد؛ وذلك نتيجة التأخر الحاصل في تشكيل الحكومة، الأمر الذي يطرح سؤالا حول أسباب عدم هيكلة مجلس النواب وانطلاق أشغاله كمؤسسة تشريعية مستقلة عن الحكومة بصفتها مؤسسة تنفيذية، ومدى استقلالية المؤسستين عن بعضهما البعض. ترتيبا على ذلك، فإن استقلال السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية يحتم الإسراع بتأسيس هياكل مجلس النواب من انتخاب الرئيس واللجان البرلمانية؛ لأن تعطيل مجلس النواب بسبب تعثر تشكيل الحكومة يجعل المؤسسة التشريعية مجرد سلطة تابعة للسلطة التنفيذية وتحت هيمنتها. وإذا كان التعطيل البرلماني يستند إلى حجة دستورية، تتمثل في كون تشكيل هياكل البرلمان يجب أن يخضع لمنطق الأغلبية والمعارضة التي لن تتحدد إلا بتشكيل الحكومة، ليتم حماية حقوق المعارضة وفقا للدستور، فإن هذه الحجة واهية؛ لأنها حق يراد به باطل، ولأن تكليف رئيس الحكومة بتشكيل الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات هو القرينة على أن حزبه هو الأغلبية وغيره من الأحزاب هو المعارضة، ويلزم أن يتم انتخاب هياكل البرلمان وفقا لهذا المعطى، والأكثر من ذلك أن الدستور لم يخول للمعارضة إلا حق رئاسة لجنة برلمانية واحدة، وحتى إذا ما تم تشكيل الحكومة من أحزاب لم تحصل معارضتها على أي لجنة، فيتم مراجعة تشكيل اللجنة البرلمانية المعنية بالتشريع لتحصل عليها المعارضة. ومما لا شك فيه، فإن التعطيل البرلماني يمس باستقلالية المؤسسة التشريعية عن الحكومة ويجعل تمثيل إرادة الأمة منقوصا وغير مؤسس لصالح تمثيل إرادة الحكومة فقط. فلماذا يكون مقبولا تأثير "البلوكاج" الحكومي على "البلوكاج" البرلماني ولا يكون مستساغا ومقبولا بصفة ديمقراطية ودستورية تأثير تأسيس هياكل البرلمان على الدفع بتأسيس الحكومة؟