بعد المسيرة التي تعد الأولى من نوعها لأسر وأطفال التوحد والتي خرجت تطالب الدولة بتحمل مسؤولياتها وتتبرأ من تمثيلية النسيج الجمعوي لها، خرج التحالف الوطني للجمعيات العاملة في ميدان الإعاقة ليرد على الخرجة الإعلامية عبر جريدة هسبريس للجنة المنظمة للمسيرة الزرقاء. وفي بيان إلى الرأي العام، أوضح تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد أن المتتبع لما أنتجته هذه الجهات من بيانات وتصاريح لا يلبث حتى يستشف الأهداف الحقيقية الكامنة وراء هذه الدعوة، حيث لا يغيب عن حصافة المتتبع ما ينطوي عليه خطابها من تحامل مغرض على العمل الجمعوي وتشكيك جلي في أدوار الجمعيات والشبكات والتحالفات العاملة في مجال الإعاقة وفي مجال التوحد، يضيف البيان. كما اعتبر تحالف جمعيات التوحديين أن الدعوة إلى المسيرة المعلومة تندرج في سياق حملة تأسست على ما أسماه البيان تشويشا ومغالطة عبر صفحات الفيسبوك وأمواج الإذاعة، وتعبر هذه المواقف عن ضعف في الرؤية وقلة دراية بآليات الترافع ومناهج التعاطي مع السياقات الوطنية، كما أنها تنم عن جهل واضح بالمقتضيات الدستورية التي ارتقت بجمعيات المجتمع المدني إلى مصاف المؤسسات الدستورية الشريكة في صناعة السياسات العمومية، على حد تعبير البيان. ورصد المصدر ذاته ما وصفه بسلوكيات مشينة لتحريض المواطنين على التظاهر؛ وذلك عبر تغليط الأسر والمهتمين فيما يتعلق بالجهة الداعية إلى المسيرة المذكورة، حيث توافدت على أعضاء التحالف عدة مكالمات تستفسر عما إذا كان هو الداعي إلى المسيرة المذكورة، والحالة هذه أنه يتبرأ منها، مع إيهام الأسر بالجهة المسؤولة عن صرف الاعتمادات المالية للأشخاص ذوي التوحد، واستغلال معاناة الأسر وآلامها لتأليبها ضد الجمعيات والتحالفات العاملة في الميدان، على حد تعبير الوثيقة. وخلص التحالف، في نهاية بيانه الموجه إلى الرأي العام، إلى أنه لا علاقة له بالمسيرة وبمنظميها والداعين إليها، ويجدد التأكيد على اعتماده للمقاربة الحقوقية التي تقطع مع أساليب التباكي وإلهاب المشاعر واستخدام معاناة الأسر للتأليب أو التشهير. كما شدد البيان في الآن ذاته على أن التغيير المجتمعي الهادف إلى خلق سلوكات إيجابية وبناء سياسات عمومية دامجة يتطلب تضافر جهود كافة القوى الحية الصادقة والنزيهة. ومن جهتها، اعتبرت اللجنة الداعية إلى المسيرة الزرقاء لأطفال التوحد، في وثيقة حصلت عليها هسبريس، أن تنسيقية الأطفال التوحديين نظمت، يوم سابع يناير الجاري، مسيرة زرقاء بشارع محمد الخامس بالرباط؛ وذلك للفت أنظار المسؤولين إلى هذه القضية، التي تستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المختصة. وردد المشاركون في هذه الوقفة السلمية، التي أطلقوا عليها اسم "مسيرة زرقاء سفراء التوحد" ومنهم أمهات وآباء وأطفال التوحد، شعارات مؤثرة تدعو إلى الاهتمام بهذه الفئة المهضومة حقوقها، وإدماجها في المدارس العمومية، على حد تعبير الوثيقة. وأوضحت الوثيقة، التي يمكن توصيفها بالبيان الختامي للمسيرة، أن أطفال التوحد في المغرب خارج المنظومة الصحية والاجتماعية والتربوية، وأنهم في حاجة عاجلة إلى رعاية خاصة وإلى اهتمام بالغ سواء في مجال الصحة أو في مجال التعليم أو في مجالات اجتماعية أخرى. وأضافت الوثيقة أن الهدف من هذه الوقفة هو إثارة القضية وطرحها أمام المسؤولين والرأي العام ووسائل الإعلام، خاصة أن هناك ما اعتبره المنظمون قلة اهتمام كبير تقابل به هذه الفئة التي تحتاج إلى كثير من الدعم والمساندة تقديرا لهؤلاء الأطفال الذين يعيشون وضعا صحيا وعقليا وتواصليا صعبا. كما ناشد المشاركون، بالمناسبة، الملك محمد السادس بالنظر بعين الرحمة والعطف إلى هؤلاء الأطفال المصابين بمرض التوحد؛ وذلك من أجل التخفيف عن عائلاتهم، وإدخال الفرحة إلى قلوبهم.