لأول مرة في تاريخ المغرب، خرج العشرات من أسر وأصدقاء الأطفال ذوي التوحد، إلى الشارع في وقفة أمام مقر البرلمان، للتحسيس وإثارة انتباه السلطات من أجل العناية بهذه الفئة والمطالبة بإقرار استراتيجية وطنية يتم، عبر مضامينها، تمكين هؤلاء الأشخاص من كافة الحقوق التي تكفلها القوانين الوطنية، بما فيها حق التمدرس دون تمييز، والاستفادة مما تتيحه المنظومة الصحية، مع توفير الدعم والمرافقة الضروريين للأسر في انسجام تام مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة. الوقفة التي نظمها «تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد»، تزامنا مع اليوم العالمي للصحة، الذي يصادف تاريخ 7 أبريل من كل سنة، وتخليدا لليوم العالمي للتحسيس بالتوحد، تأتي تعبيرا عن حالة العزلة التي يعيشها هؤلاء الأشخاص وأولياؤهم الذين يتحملون في صمت تكاليف الإصابة دون دعم أو مساعدة من الدولة، من جهة، وتأكيدا على إصرار هؤلاء الآباء لنقل معاناتهم إلى الرأي العام والسلطات للتحسيس بأن هناك ما يناهز 300 ألف شخصا مازالوا يعانون في صمت، إذ تخرق حقوقهم في التشخيص الواضح والدقيق ويغيب التوجيه السليم وتتحمل الأسر لوحدها التكلفة المادية الباهظة المرتبطة بالمرافقة التربوية والعلاجية التأهيلية، من جهة أخرى. هذا الإصرار في إسماع صوتها وتبليغ معاناتها للسلطات الحكومية وكافة الأطراف المعنية بشأن أوضاع أبنائها المصابين بالتوحد، ترجمته اليافطات التي رفعتها الأسر خلال هذه الوقفة منبهة إلى أن التوحد قد يصيب أي فرد في الأسرة، وأن الدولة باعتبارها الضامن للحقوق عليها ضمان حقوق هذه الفئة على غرار باقي أفراد المجتمع، سواء في الجانب المتعلق بالخدمات الصحية، أوالتعليم... وهذا الإصرار، هو ما أكدته سمية عمراني عضوة «تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد» في تصريح لبيان اليوم، إذ أفادت أن «لاشيء يمكن أن يحول دون النضال من أجل مصير ومستقبل أبنائنا». وأبرزت المتحدثة أن الرسالة الأساسية ل «تحالف الجمعيات» الذي تأسس سنة 2006 ويتألف من حوالي 24 جمعية، تتمحور بشكل خاص حول تحسيس المشرع والفاعل السياسي والرأي العام بحقوق الأشخاص ذوي التوحد، إذ لاحظ التحالف أن صانعي القرار لا يعتبرون أن حقوق هذه الفئة هي من ضمن حقوق الإنسان، وكنتيجة لذلك، يتم تغييب التوحد من الفضاءات العمومية والسياسات العمومية والبرامج والميزانيات القطاعية. وشددت سمية عمراني على ضرورة بلورة استراتيجيات وطنية وقطاعية قابلة للتطبيق تنبني على التصنيف الدولي للتوحد كإعاقة نمائية مرتبطة بأداء الدماغ، وهو التصنيف المعتمد من طرف منظمة الصحة العالمية والجمعية الأمريكية للطب النفسي، مع المطالبة بتبني ودعم وحماية الحق في الدمج المدرسي دون تمييز على أساس الإعاقة، وفتح الأندية الرياضية والثقافية والترفيهية في وجه الأشخاص ذوي التوحد من كافة الأعمار وحماية حقهم في ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية في الوسط العادي. وأفادت عمراني أن التحالف الجمعوي يطرح مجموعة من الاقتراحات للنهوض بوضعية الأشخاص ذوي التوحد وإدماجهم بشكل كلي في المجتمع، كتكوين فرق متعددة الاختصاصات بالقدر والجودة اللازمين لتحقيق التربية والمرافقة الناجعتين لفائدة الأشخاص ذوي التوحد، وتبني ودعم وحماية الحق في الدمج المدرسي دون تمييز على أساس الإعاقة، بحيث يتم تمكين الأطفال ذوي التوحد من ولوج المدارس العادية عوض تخصيص مراكز خاصة بهم، الأمر الذي يفاقم من أوضاع عزلتهم وممارسة التمييز في حقهم. كما اقترح التحالف على الدولة العمل على دعم الأسر ماديا وقانونيا وتوفير التأمين الصحي المناسب لأبنائها، وتغطية تكلفة الإعاقة ومصاريف التأهيل وفق الأسعار الحقيقية الجاري بها العمل.