قرر تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد تنظيم وقفة أمام البرلمان، صباح غد الأحد وذلك بمشاركة أسر وأصدقاء ومساندي قضية التوحد والجمعيات العامة والحليفة ومختلف المعنيين والمهتمين، لإثارة انتباه المسؤولين الحكوميين والفاعلين والرأي العام الوطني إلى ضرورة العناية بهذه الفئة، وتمكينها من جميع الإمكانات الميسرة لاندماجها في المجتمع. ويسجل التحالف أن العديد من المصابين بالتوحد "ما يزالوا يعانون خرق حقوقهم في التشخيص الواضح والدقيق، مع غياب التوجيه السليم واستمرار الأسر في تحمل التكلفة المادية الباهظة المرتبطة بالمرافقة التربوية والعلاجية التأهيلية ما من شأنها إفقارها". وتهم هذه المطالب قرابة 300 ألف معاق بالتوحد في المغرب، حسب تقديرات الناشطين في المجال، في غياب سجل وطني يحصر عدد المعنيين، علما أن تقديرات المعاقين بالتوحد عالميا، تتحدث عن وجود 67 مليون شخص في العالم، والعدد مرشح للارتفاع، لبلوغ نسبة الإصابة وسط الولادات الجديدة إلى ما يناهز مولودا في كل مائة آخرين. ويرى تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد أن قضية التوحديين مغيبة في الفضاءات العمومية والسياسات العمومية والبرامج والميزانيات القطاعية، ويعزي ذلك إلى "عدم ارتباط الإعاقة بالحقوق الإنسانية في أذهان صانعي القرار السياسي والمسؤولين". ويعتزم أعضاء التحالف رفع شعارات مطالبة بتمكين الأشخاص ذوي التوحد من العيش الكريم، وتوفير الدعم والمرافقة الضروريين للأسر، في انسجام مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وقالت سمية عمراني، عضو تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد في المغرب، في تصريح ل"المغربية"، إن الوقفة تأتي للفت انتباه المسؤولين الحكوميين إلى دورهم تجاه هذه الفئة، وتذكير المجتمع المدني بدوره في الترافع للدفاع عن حقوق التوحديين، وحث الإعلام على الاستمرار في لعب دوره في التوعية والتثقيف والتحسيس بقضايا المعاقين، على اعتبار أن قضية التوحد لا تعني الفرد المعاق أو أسرته فحسب، وإنما تعني جميع مكونات المجتمع. وأضافت عمراني أن الدولة مطالبة بإنجاز بحث وطني حول التوحد، وإخراج الاستراتيجية الوطنية حول الأشخاص التوحديين، التي سبق أن وعدت بإخراجها وزارة التضامن، إبان الحكومة الماضية. وسردت عمراني مجموعة من مشاكل أسر ذوي إعاقة التوحد، منها تحملها مصاريف مرافقي ذويها إلى المدرسة، والتي تتراوح بين 1500 درهم إلى 5 آلاف درهم، مع أداء أجور المربين في الأقسام المدمجة بالمدارس العمومية، في ظل اشتراط وزارة التضامن انتماء أسرة المعاق إلى جمعيات مدنية لاستفادتها من مساعدة بين 500 إلى 900 درهم، وهو ما تعتبره عمراني منافيا لروح الحريات العامة الذي يكفل حق اختيار عدم الانضمام إلى الجمعيات. ويثير التحالف انتباه السلطات العمومية إلى قلة الخبرات المتخصصة في مجال المرافقة التربوية والعلاجية المناسبة للتوحد، ويحذر من عواقب تأخر التدخل التربوي العلاجي والتأهيلي لفائدة مرض التوحد. ويطالب تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد الجهات المسؤولة ب"اعتماد التصنيف الدولي للتوحد، باعتباره إعاقة نمائية مرتبطة بأداء الدماغ وتعميم الحق في الكشف والتشخيص المبكرين، وتكوين أخصائيين نفسانيين وتربويين في مجال تعديل السلوك، ومتخصصين في مجال استراتيجيات التواصل اللفظي وغير اللفظي، بالإضافة إلى دعم الأسر ماديا وقانونيا، وتوفير التأمين الصحي المناسب لأبنائها، مع تغطية تكلفة الإعاقة ومصاريف التأهيل وفق الأسعار الحقيقية الجاري بها العمل. يجدر بالذكر أن تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد تأسس سنة 2006 بهدف الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي التوحد، لضمان الكشف والتشخيص المبكرين، وفق المعايير الدولية المعتمدة من طرف منظمة الصحة العالمية والجمعية الأمريكية للطب النفسي. كما يسعى التحالف إلى الدفاع عن الأشخاص ذوي التوحد قصد إدماجهم بشكل كلي في المجتمع وتوفير الدعم والمرافقة الضروريين للأسر، في انسجام تام مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، بما فيها الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتكولها الاختياري في أبريل 2009. يشار إلى أن مرض التوحد هو أحد اضطرابات النمو الشاملة، التي تضم مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات التي تتميز بتدهور نوعي في مجالات التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي واضطرابات السلوك التي قد ترتبط بالاهتمامات المحصورة المتسمة بالنمطية والتكرار، وهو عبارة عن إعاقة لدى الحياة. ويعتبر التوحد الاضطراب النمائي الأكثر انتشارا في العالم، حسب بان كي مون، الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، متحدثا عن أن "عدد الأطفال التوحديين سيفوق عدد الأشخاص المصابين بداء السكري والسرطان والسيدا مجتمعين".