لم يشفع لشرطة مدينة كولونيا، غربي ألمانيا، نجاحها في منع حوادث التحرش الجنسي في احتفالات بداية عام 2017 مقارنة بالعام الماضي، حيث طالتها هذا العام انتقادات واسعة بالعنصرية جراء ما وصف ب"انتقاء" المشتبه بهم، بناء عن العرق، و"إهانة" أشخاص غير ألمان. وبينما أعرب رئيس شرطة المدينة عن أسفه لاستخدام الشرطة مصطلح مسيء على أساس العرق، دافع عن فحص المئات من المشتبه بهم من دول شمال إفريقيا، معتبرا أنه كانت تبدو عليهم العدوانية. ففي احتفالات العام الماضي، وقعت جرائم تحرش جماعي على نطاق واسع في المدينة، تورط في معظمها شباب من دول بشمال إفريقيا، وحققت السلطات في 1200 جريمة جنائية، بينها عدد كبير من جرائم التحرش؛ وهو ما أثار آنذاك انتقادات لسياسة أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، المرحبة باللاجئين. وفي احتفالات العام الجديد، حسب صحيفة "دي فيلت" اليمينية الألمانية، سجلت شرطة كولونيا في المقابل تراجعا كبيرا في عدد الجرائم، حيث فتحت تحقيقا في 50 جريمة جنائية فقط، وسجلت 10 حالات اعتداء جنسي، بينها تحرش لفظي، ولم تسجل أي حالة اغتصاب، فيما اعتقلت 6 أشخاص ينتمون إلى اليمين المتطرف. مشتبه بهم أفارقة شرطة كولونيا أعلنت، الأحد الماضي، أنها فحصت نحو 650 رجلا، غالبيتهم العظمي من شمال إفريقيا، خلال احتفالات بداية العام الجديد، مشددة على أن عملية الفحص أسهمت في منع تكرار الكثير من الجرائم؛ غير أن ذلك الإعلان فتح باب الانتقادات علي مصراعيه، لا سيما أن الشرطة أشارت إلى هؤلاء المفحوصين، في تغريدة على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، بكلمة "نافريس"، وهو مصطلح مسيء يستخدمه رجال الشرطة في كولونيا للإشارة إلى الموقوفين من دول شمال إفريقيا. "مهين للكرامة الإنسانية" سيموني بيتر، رئيسة حزب الخضر (يسار)، وصفت ذلك المصطلح بأنه "غير مقبول كلية". وتساءلت بيتر، في تصريحات نشرتها صحيفة "راينشه بوست" يوم الاثنين، عن مدى تناسب الطريقة التي اتبعتها الشرطة مع القانون، بعد أن تمت مراجعة هويات مئات الأشخاص على أساس مظهرهم الخارجي فقط. كما انتقد كريستوفر لوير، السياسي بحزب الاشتراكيين الديمقراطيين (يسار وسط- مشارك بالائتلاف الحاكم) وعضو مجلس نواب برلين (برلمان محلي)، إجراءات الشرطة، بقوله في تصريحات نقلتها أسبوعية "سايت" الألمانية: "أدين انتقاء مجموعة من الناس بناء على مظهرهم الخارجي فقط"، واصفا مصطلح "نافريس" للدلالة على ذوي الأصول الإفريقية بأنه "مهين للكرامة الإنسانية إلى حد بعيد". وعلى موقع قناة "إن تي في" الألمانية، كتب الصحافي كريستوف هيرفارتز أنه "جرى تقسيم الناس في الطريق إلى موقع الاحتفال إلى مجموعتين، في الأولى الشبان الذين تم توقيفهم وفحص هوياتهم، وفي الثانية رواد الحفل الذين مروا دون أدنى مشكلة". وتابع هيرفارتز بقوله: "كانت الشرطة تقرر في ثوان المجموعة التي ينتمي إليها كل شخص، ومع الوقت كان العار يتضح أكثر وأكثر، فمن لم يكن أبيض أو ليس معه فتاة، كان ينضم إلى المجموعة الأولى، والآخرون ينضمون إلى المجموعة الثانية". وأوضح المتحدث أن "مجموعة من أصحاب البشرة الداكنة لم يسمح لهم بحضور الاحتفال، بعد أن تم انتقاؤهم من وسط المارة.. كان يمكن بسهولة تحديد من سيسمح له بدخول موقع الاحتفال، ومن سيمنع؛ فإذا كان الشخص إفريقيا أسود دون فتاة أو عربيا دون فتاة لا يسمح له بالاحتفال، وإذا كان الشخص أبيض أو عربيا بصحبة فتاة يسمح له بالدخول". الشرطة تأسف وتشيد في مواجهة تلك الانتقادات وغيرها، قال يورجن ماتيس، رئيس شرطة كولونيا، لشبكة "في دي إير" الألمانية، يوم الاثنين، إن مصطلح "نافريس" استعمل "بشكل سيء"، معبرا عن "الأسف" لاستخدامه من قبل الشرطة لوصف من جرى فحصهم من شمال إفريقيا؛ لكنه دافع عن فحص مجموعات من الشباب، معظمهم من شمال إفريقيا، بالتزامن مع الاحتفالات، قائلا: "إنه كان يبدو عليهم العدوانية، وجرى رصدهم في القطارات التي كانت متجهة إلى كولونيا". وكان ماتيس صرح، في مؤتمر صحافي مشترك مع عمدة كولونيا، هانريتا راكار عقد الأحد المنصرم، بأن 1700 عنصر من الشرطة الاتحادية وشرطة المدينة انتشروا في شوارع كولونيا، لمنع تكرار حوادث العام الماضي. واعتبر هذا "كان ناجحا للغاية"، حسب صحيفة "دي فيلت" اليمنية الألمانية. وتابع رئيس شرطة كولونيا بقوله إن "حقيقة أن الليلة مرت بدون أي أحداث درامية، جاء أيضا نتيجة أن الشرطة فحصت مئات الرجال في وقت متأخر من الليل في محطة القطارات الرئيسية ومحطة دويتسار، حيث كانوا يتحركون في مجموعات، وتبدو عليهم عدوانية.. الشرطة فحصت 650 رجلا تتراوح أعمارهم بين 21 و23 عاما، ومعظمهم من شمال إفريقيا". ماتيس قلل من الاتهامات التي وجهها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الشرطة باتباع "الانتقاء على أساس العرق"، وهو مصطلح يعني انتقاء قوات الأمن للمشتبه بهم على أساس عرقهم، قائلا إن "الإ؟جراءات التي اتبعتها الشرطة هدفت إلى منع تكرار أحداث العام الماضي". دفاع برلماني دفاعا عن شرطة كولونيا، قال ستيفان ماير، عضو البرلمان الألماني عن تحالف الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد المسيحي (يمين وسط)، إن "فحص شباب من شمال إفريقيا ليس تمييزا على الإطلاق". وأردف المتحدث باسم لجنة الأمن الداخلي في البرلمان، في تصريحات نقلتها "دي فيلت"، أن "الشرطة نجحت بشكل حاسم في منع تكرار حوادث التحرش الجماعي التي وقعت العام الماضي". وختم بأنه "يحترم بشدة إجراءات الشرطة في كولونيا، وراض عن عملها.. فمن خلال الفحص والتوقيف، نجحت الشرطة في منع تكرار أحداث العام الماضي، ولا تفسير للانتقادات الموجهة إليها". كما دافع انسغار هافالنج، رئيس لجنة الأمن الداخلي في البرلمان الألماني، عن الشرطة، بقوله إنها ركزت على المجموعات التي تورطت في جرائم العام الماضي، مقللا من الاتهامات بالانتقاء على أساس العرق، وفق تصريحات لإذاعة "إر بي بي". * وكالة أنباء الأناضول