جاء في خَبَرٍ نشرته جريدة المساء المغربية في عددها الصادر يوم الاثنين 20 يونيه 2011م ( الصفحة السادسة) أن السيد المحجوبي أحرضان، صرَّح في تعليقٍ له على مشروع الدستور الجديد بكلام عنيف شنَّ فيه هجوماً لاذعاً على اللغة العربية كعادته، «معتبراً إياها لغة الاستعمار». وهكذا احتفل الرجلُ على طريقته الخاصة بمناسبة الإعلان عن مشروع الدستور الجديد الذي ينصُّ على ترسيم الأمازيغية إلى جانب العربية. وإذا صحَّ ما نُسِبَ لأحرضان الذي عَوَّدنا على كثير من خَرجَاته التي يُعارض فيها الانتماءَ العربي للمغرب، فإننا نستغرب أن يصدر من مواطن مغربي مهما قلَّ شأنُه، كلامٌ ينعتُ فيه لغةَ بلاده الرسمية بنص كلِّ الدساتير السابقة بأنها لغة الاستعمار، فأحرى أن يصدر ذلك عن شخصية سياسية في وزن أحرضان الذي ظل يشغل مساحةً كبيرة في المشهد السياسي المغربي منذ الاستقلال، والمفروض فيه أن يكون مسارُه الطويلُ هذا قد وصل به إلى مرحلة من الحكمة والتعقُّل، وإلى فهم عميق لواقع المغرب وقراءة صحيحة لتاريخه وطبيعة تشكيلته السكانية والإثنية المتنوعة، وإلى ضرورة الحفاظ على كل ما يوحِّد المغاربة ويؤلِّف بينهم، ويترفَّع عن كل ما يؤدي إلى فُرقتهم وتمزيق وحدتهم وتعايشهم السلمي. ثم كيف يصل الأمر بالسيد أحرضان والمفروضُ أنه رجل دولة متمرّس تقلَّد مناصبَ وزارية ورسمية عديدة وظل زعيماً لحزب سياسي معروف لمدة طويلة إلى أن يقع في مثل هذه الزَّلة الكبيرة التي وقَعَ فيها غيرُه من قبلُ، وهذا الانتهاك الفاضِح السافِر لحُكم من الأحكام الأساسية في الدستور بإهانة لغة بلاده وأجداده الأمازيغ قبل العرب؟ نعم، أقول هذا لأن العربية في المغرب قد أصبحت لغةً أمازيغيةً منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، أي لغةً للأمازيغ قبل غيرهم من العرب، رغم أننا لا نومن بمقولة التمييز في شخصية أي مغربيٍّ بين من هو عربي صرف وأمازيغي خالص لاستحالة تحقُّق ذلك الآن. فالذين تبنَّوا اللغة العربية عن طواعية واختيار ودافعوا عنها وأقبلوا على حفظها وتعلُّمها وتعليمها ونشرها في الآفاق: من الأندلس وجنوب أوروبا والشمال الإفريقي ومناطق الصحراء الكبرى إلى أطراف بعيدة من أفريقيا الغربية والوسطى ومنطقة الساحل، وبرَّزوا فيها عبر التاريخ المغربي، أكثرُهم من البربر ابتداءً من ابن آجرُّوم صاحب مَتن الآجرومية الذي كان إلى وقت قريبٍ أولَ كتابٍ في تعليم نحوِ العربية تبتدئُ به حلقاتُ التدريس في أنحاء العالم الإسلامي كله، وابن مُعطي الزواوي صاحب الألفية في النحو التي قلَّدها ابنُ مالك الأندلسي في ألفيته النحوية المشهورة، والجزولي والمكودي والحسن اليوسي والتادلي وآل الرسموكي والهشتوكي والسملالي والسجلماسي، وغيرهم من علماء الأطلس وسوس والريف، وخريجي مختلف الزوايا المنتشرة في ربوع البلاد كزاوية تامكروت والزاوية الدلائية والعياشية والناصرية الدرعية، وسوى ذلك من مئات رجالات المغرب وكبار علمائه وفقهائه الذين تمتلئُ بهم كتُبُ التاريخ والتراجم، وانتهاء بمحمد بن عبد الكريم الخطابي زعيم ثورة الريف المجيدة الذي كان أستاذا للغة العربية قبل أن يصبح قائدَ ثورة، وكان رئيساً فعلياً لمكتب المغرب العربي في القاهرة قبل أن يعترض أحرضانُ وغيره على كلمة (العربي) هذه، والمختار السوسي الذي كان يلقَّب بفقيه الأجرومية وعمل طيلة حياته على جمع أغلب تراث علماء سوس المكتوب بالعربية في عشرات المجلدات ... والقائمة طويلة. ثم إن العربية في المغرب، كما في العالم الإسلامي والعربي، كانت لغةَ كلِّ الأعراق والأجناس التي احتضَنَها الإسلامُ، ولغةَ اليهود والنصارى والمسلمين والصابئة الذين دخلوا في ذمة الدولة الإسلامية وحمايتها، مع احتفاظهم بحرية ممارسة دياناتهم وعقائدهم كاملةً غيرَ منقوصةٍ. ولا حاجة بنا إلى استعراض الأمثلة والنماذج فهي معروفة للخاص والعام. المهم أن العربية لا جنسَ لها ولا عِرقَ ولا دين رغم نزول القرآن بها وتكريمه لها، ورغم أن الإسلام ترك بالتأكيد بصماته وآثارَه القوية عليها، لكنها في النهاية هي لغةُ حضارة كبيرة تنتمي إليها كل الشعوب التي شَملتها هذه الحضارة بكل مكوِّناتها العِرقية والدينية والثقافية واللغوية، ومنها المغرب. وإذا كان السيد أحرضان يريد أن يتزعَّم طائفة الذين يعلنون تبرُّؤهم من هذه الحضارة العظيمة، فذلك شأنه، ولكنه لا يحقُّ له قانوناً وأخلاقاً وسياسةً وعُرفاً أن ينعت اللغة الرسمية دستورياً للبلد الذي يحمل جنسيته، بأنها لغة الاستعمار. والطريف في الأمر أن هذا الرجل الذي يتبرأ من العربية بهذا الشكل ولا يعترف بالانصهار التاريخي والواقعي الذي حصل بين كل مكوِّنات المجتمع المغربي، ينسى أن اسمه مكوَّن من شطرين متلازمين أولهما عربي ( المحجوبي ) والثاني أمازيغي ( أحرضان ). فمن يعلن براءته من الانتساب للعربية عليه قبل كل شيء أن يتبرَّأ من اسمه المركَّب بهذه الطريقة التي تعكس الواقع الثقافي للمغاربة. وبالمناسبة أُشير إلى أن هنالك أشخاصاً في المغرب يحلو لهم لأسباب سياسية وإيديولوجية ونَفعية واستغلالية وتمويهية وتضليلية محضة بمظهر الذين يمتلكون حقوقاً في المغرب أكثر من سواهم من المواطنين، تارة بدعوى أنهم أصحاب الأرض الأصليّين، والباقي مجرد مُستأجرين أو محتلين ومتسلّطين ومُستعمِرين، وتارة بدعوى أنهم وحدهم يملكون النسخة الأصلية للحقيقة التاريخية والآخرون مجرد مُزوّرِين للأوراق التي بين أبديهم، وتارةً بأنهم المظلومون وغيرهم ظالمون يجب التصدّي لهم واستردادُ الحقوق منهم ومطالبتهم بالتعويض عن الخسائر والأضرار ... لمثل هذا الصنف من الناس أقول: ليس من حق أي مغربي أن يَنصِب ويحتال على المغاربة زاعماً أن له نصيباً في هذه البلاد أكثر من سواه، سواءٌ باحتكاره لهذه اللغة أو تلك، أم بدعوى أنه من هذه السلالة أو سلالة أخرى. فليس لأي أحد من المغاربة قطعاً أيُّ دليل يُثبتُ ملكيَّتَه الخاصة للغة أو لهجة وطنية مستعمَلةٍ بالمغرب، أو يحتكر النَّسَبَ لعِرقيةٍ يدَّعيها، فنحن طينةٌ واحدةُ تشكلَّت من كلّ عناصر هذه التُّربة التي نعيش عليها. وليس كلُّ من تكلَّمَ الأمازيغية أو سقَطَ رأسُه في قبيلة تتكلَّم هذه اللغة، أمازيغياً بالنَّسَب والعِرق، وكذلك نقول عمن يتكلم العربية أو سقَطَ رأسُه في منطقة تتكلمها، إنه ليس من الضروري أن يكون عربياً خالصاً. لقد اختلطت الدماءُ والأعراقُ وانصهرت منذ قرون، فسقطت إذن قيمةُ الحجةُ البالية التي يُدلي بها كلُّ من يقول بفكرة الأصل والفصل والعِرق والنَّسَب. ولم تعد صالحة للإدلاء بها في هذا العصر. وحتى لو سلَّمنا جدَلاً بصحة الأصل العِرقي الذي يدعيه شخصٌ من الأشخاص، فلن يكون له نصيبٌ في أرض المغرب وخيراته ومائه وهوائه ولغته وثقافته وتاريخه، أكثر من سواه من بقية مواطنيه. وهنالك أيضاً فئةٌ من الناس لم تجد فُرصتَها في الزعامة وحب الظهور وإبراز« المواهب» في سوق السياسة الرديئة والثقافة الزائفة وحَلَبَة السِّباق والهَرولة نحو المواقع والمناصب وقضاء المنافع والأغراض، وتلميع الصور والتفنُّن في إبراز أحجامها وألوانها، إلا في مجال واحد وهو الاشتغال بشتم اللغة العربية والتشنيع عليها وتلفيق التُّهم ضدها وتعليق كل مشاكل البلاد على مِشجبها، واستعمال ورقة الأمازيغية وسيلة فقط للضغط والابتزاز والمزايدة والمساومة والمتاجرة، وهي ( أي هذه الفئة من الناس) في عُمق ذاتها وحقيقة أمرها لا تومن إلا بالفرنسية ولا تريد التعامل إلا بهذه اللغة، ولا تُعلِّم أبناءَها في غير مدارسها،تماماً كما كان بعَضُ دعاة التعريب يفعلون ذلك. وهذا ضربٌ كبير من النفاق والخداع والشعوذة والتدليس الذي لا يخفى إلا على المُغفَّلين أو المُغَرَّر بهم. وهكذا انحرَف الدفاعُ عن اللغة ( أو اللغات ) الأمازيغية وحقوقها عن مساره الحقيقي، وأصبح القصدُ منه عند هذه الفئة الشديدة التعصُّب والتطرُّف محصوراً في مهاجمة العربية والإساءة إليها وتسخير كلِّ معاول الهَدم لنَسفها وتحطيمها والتحذير منها ومن « مخاطرها». ولا أحد يتحدث عن المخاطر الحقيقية للفرنكفونية ومخططات رجالها والمَهَرَة من ساستها وثعالبها، ومن أهمها زَرعُ الفتن وخلق الصراعات الجانبية بين مكوِّنات الشعوب الثقافية واللغوية وإضعافها جميعاً وشَغلها بالتنازُع فيما بينها لتكون الغنيمة في النهاية من نصيبها. وقد مُورِست سياسةُ الابتزاز والمساومة والضغط والترهيب هذه بشكل دقيق ومدروس حتى أصبح الحديثُ عن العربية في بلادنا يكاد يقترن في أذهان بعضهم بالإثم والجريمة. وأصبح كلُّ من تلفَّظَ بكلمة (عربية) أو (تعريب) ولو كان من الأكاديميين الراسخين والحقوقيين المتمرِّسين والباحثين النُّزهاء وكل من سَوَّلت له نفسُه أن يقول كلمة مُنصِفة في حق العربية، إلا واعترضَ طريقَه مَن يتصدى له بالتَّسفيه والتخوين ويَكيلَ له أصنافاً من أبشع الأوصاف والنُّعوت. ولعل أغرب مثالٍ وأقربه إلى الذهن، على سياسة الترهيب والضغط النفسي الذي نتحدث عنه، ما تشنُّه أحد المواقع الإلكترونية هذه الأيام من حملات تشويه سخيفة تحت عنوان :« المساء العدوة الأولى لثقافتكم الأمازيغية، هل ستقاطعها احتراماً لهويتك الأمازيغية؟ ». ولا سبَبَ لهذه الحملة الضارية ضد هذه الجريدة الوطنية، إلا لأنها تفتح صفحاتها فيما يزعمون للفكر العروبي والظلامي وتهاجم الأمازيغ في كل مناسبة ( !! )، ولا سبب لتخوين مدير نشرها إلا لأنه استعمل تأشيرة لحضور الكونغريس الأمازيغي ثم لم يحضر ولم يعتذر(!!). هذا مع العلم أن صاحب هذه الجريدة القابع الآن في زنازن السجون معروف عنه أنه من الأمازيغ الذين رضعوا هذه اللغة مع حليب أُمهاتهم. ولكنه يستعمل العربية ولغاتٍ أخرى، وللمرء أن يتساءل: أليس هنالك وسيلةٌ أخرى أنبلُ وأشرفُ للدفاع عن الأمازيغية والمطالبة بحمايتها وبكل حقوقها دون التهجُّم على العربية التي تعايشت مع الأمازيغية طيلة القرون الماضية من غير أي نزاع أو صراع؟ أليس هنالك طريقٌ آخر سوى هذا الطريق الذي اختاره الاستعمارُ الفرنسي للتفرقة بين مكوِّنات الشعب المغربي، وما تزال السياسةُ الفرنكفونية تسلكُه ولا تجد سلاحاً أفتَكَ منه لمحاربة العربية وبَسط هَيمنتها وسيطرتها التامة على بلادنا وغيرها من مستعمراتها القديمة؟ وما الداعي أصلاً إلى هذه المعركة المصطنعة المشبوهة بين الأمازيغية والعربية التي لا رابحَ فيها إلا اللغةُ الفرنسيةُ دون غيرها من اللغات بما فيها الإسبانيةُ التي طُردت شرَّ طردٍ غداةَ الاستقلال ليظل طوقُ الفرنسية وحده مُحكَماً فوق رقبة المغاربة؟. وأخيراً، لا بد أن نطلب من السي أحرضان أن يحدِّث الشعب المغربي المُسلم عن هذا الاستعمار الذي ساقَ اللغةَ العربية إلى المغرب وفرَضَها على المغاربة، ويشرح له معنى ذلك. فكلمة ( الاستعمار) بالمعنى الذي استخدمها لم تدخل إلى معجم المغاربةُ إلا مع دخول الاحتلال الفرنسي والإسباني الذي بَسَطَ سيطرتَه التامة على بلادهم ابتداءً من سنة 1912م، مقرونةً بمعنى الاحتلال والسيطرة ونَهب ثروات الشعب وخيراته واستعباد أهله والتحكُّم في مصيره واقتصاده وثقافته. والتعريف الأكاديمي الذي يُعطى عادة لهذه الكلمة هو كما جاء في أشهر قاموس فرنسي( ذخيرة اللغة الفرنسية) :« احتلالٌ واستغلالٌ أو وضع بلادٍ متخلِّفة تحت وصاية بلد آخر». فهل يعتقد السي أحرضان أن الذين جاؤوا من كبار الصحابة والتابعين ناشرين لرسالة الإسلام وحضارته وهم الذي حملوا معهم اللغةَ العربية أولَ مرةٍ كانوا مُستعمرين ومحتلِّين وغاصبين بهذا المعنى الذي نعرفه اليوم، ولا يختلفُ شأنُهم وفعلُهم في شيءٍ عن شأن الاستعمار الفرنسي والأوروبي عموماً؟ إذا كان أحرضان يعتبر الأمر كذلك، فلا شكَّ أنه ينالُ كثيراً من مشاعر كلِّ المسلمين في المغرب والعالم الإسلامي كله، ويوجِّه لهم صدمةً عنيفة لا يمكن أن يتقبَّلوها. فالعقيدة الراسخة عند كافة المسلمين وعند المغاربة على الأخص، هي أن الإسلام إنما جاءَ رحمةً وتنويراً وتحريراً لهم من ظُلمات الجهل والعبودية والاستغلال ولم يأتِ لاسترقاقهم أو اختلالهم واغتصاب حقوقهم وخيراتهم، ولا لأية غايةٍ نَفعيةٍ قطُّ. جاء ليعطي ولم يجئ ليأخذ.على أن الذي نشر الدينَ الإسلامي واللغةَ العربية بشكل حقيقي في المغرب وغيره من الشمال الإفريقي، ليس هم طبقةُ الفاتحين الأوائل الذين كان عددُهم قليلاً جداً ما لبثوا أن ذابوا وسَط المجتمع المغربي وعاد الكثيرُ منهم إلى حيث أَتَوا، تاركين رسالةَ الإسلامَ وتعليمَ القرآن بلغته التي نزَلَ بها إلى مَن تسلَّمَهما بعدهم من أهل البلاد أنفسِهم. فالناشرون الحقيقيون للغة العربية هم كما ذكرتُ آنفاً أولئك المغاربةُ الأمازيغُ أَنفُسُهم. وما على السي أحرضان ومن تابَعه في الرأي إلا أن يعود لقراءة التاريخ قراءة صحيحة في مصادرها الحقة وليس عبر ما كتبَه المستعمرون الفرنسيون وغرسوه في عُقول أبناء «الأهالي» من خلال ما لَقَّنوه لهم في مدارسهم التي حرصوا على زرعها في كل مناطق المغرب. ولقد كانت جناية التعليم الفرنسي على تكوين المغاربة وتكييف عقولهم وحَشوِها بالأكاذيب والأغاليط والمفاهيم المقلوبة، جنايةً لا تُغتفَر. إنني إذن ، وبناءً على ما سبَقَ ، أطالبُ السيد أحرضان ، أن يعتذر رسمياً وعلانية لكل المغاربة عن شيئين اثنين : أولهما: عن الإهانة التي وجَّهَها للغتهم الرسمية بتلك العبارة التي فاهَ بها في لحظة فَرحة غامرة أنسَته واجبَ التحفُّظ والاتزان واحترامَ مشاعر مواطنيه. وحتى لو فرضنا جدلاً أن الرجل لا يوافق ولم يكن موافقاً على الفقرة من الدستور التي تنص على رسمية العربية، فإن النصَّ الدستوري حين تتم الموافقةُ عليه من قبل الأغلبية يصبح مُلزِماً لكل المغاربة الموافِقُ منهم والمخالف، رغم أننا نعرف أن السيد أحرضان لم يُسجَّل عليه في يوم من الأيام أنه استعمل كلمة ( لا ) في التصويت على أي دستور من الدساتير السابقة منذ 1962م، وبالطبع لن يقولها ضد المشروع الحالي. وثانيهما : عن الإساءة الكبيرة التي وجَّهَها إلى كافة المسلمين ومسلمي المغرب على الأخص، حين اعتبرَ الفاتحين المسلمين لبلاد المغرب عبارةً عن مُستعمِرين. وهذا معنى واضحٌ ومفهومٌ بالمُلازَمة من قوله عن العربية إنها ( لغة الاستعمار). ولأجل تفادي تكرار هذه الظاهرة وأمثالها من ظواهر الإساءة للغة العربية كنا وما نزال نطالبُ بضرورة سنِّ قوانين رادعةٍ لحمايتها وتجريم كلِّ من أساءَ إليها أو سعى إلى المساس بمكانتها والاحترام اللازم لها. ولعلنا نجد في تفعيل الدستور الجديد الذي نصَّ في فصله الخامس على أن الدولة « تعمل على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها » قابلية حقيقية لسَنِّ مثل هذه القوانين. وأخيراً أطالب الرأي العام المغربي بأن يظلَّ يقظاً وحَذِراً تُجاهَ مثل هذه الأقاويل والتصريحات والكتابات التي تُحرِّضُ على الفتنة، وتسعى لبَثِّ سُموم الكراهية، وتهدِّد السلم الاجتماعي والتضامن والانسجام بين كل مكوّنات الشعب المغربي المُسلِم.