وسَط أجواء مشحونة، انطلقت مُحاكمة المتهمين في قضية اكديم إزيك، بالقاعة الرئيسية لمحكمة الاستئناف بسلا، التي كانت الساحة المقابلة لها مسرحا لمناوشاتٍ بيْن أفراد من عائلات المتهمين وأفراد من عائلات الضحايا الذين رفعوا شعارات تطالبُ ب"إنصاف الضحايا ومحاكمة المجرمين القتلة". وشهد محيط المحكمة إجراءات أمنية مشدّدة، للحيْلولة دون وقوع اصطدامات بيْن عائلات الضحايا ومجموعة من الشباب الداعمين لهم، من جهة، وأفراد من عائلات المتهمين من جهة ثانية؛ الذين بينما كانوا يردّدون شعارات من قبيل "لا شرعية للمحكمة المغربية"، كان الواقفون في الجهة المقابلة يصفونهم ب"الخونة"، و"الذّبّاحة". داخلَ المحكمة، التي جرى الدخول إليها تحتَ إجراءات أمنية صارمة، إذْ لمْ يُسمح بإدخال الهواتف والأجهزة الإلكترونية، انطلقت الجلسة الأولى من المحاكمة، بعدَ نقل أطوارها من المحكمة العسكرية حيث كانَ يُحاكم المتهمون، إلى المحكمة المدنية، على إيقاع الهدوء، حيث قدّم محامو المتهمين وعددهم 25 متهما، ومحامو الضحايا، ملاحظات شكلية. وانصبَّ النقاش في بداية المحاكمة على مسألة انتداب المحامين الأجانب للدفاع عن المتهمين، إذ طالبَ الوكيل العامّ للملك رئيس جلسة المحاكمة بالتأكد من حصولهم على إذن من وزير العدل والحريات، تطبيقا لما ينصّ عليه قانون مهنة المحاماة، وذهب إلى القول: "يجب التأكد من توفرهم على إذن الترافع، وإلا عليهم أن ينزعوا بدلاتهم احتراما للقانون"، وهو ما ردّ عليه أحد محامي المتهمين بالقول: "هذا مطلبٌ غيرُ مشرّف". الهدوء الذي سادَ القاعة الرئيسية لمحكمة الاستئناف بسلا تبدّدَ حينَ تناولَ أحدُ المحامين الفرنسيّين من هيئة دفاع المتهمين الكلمة، إذ تدخّلَ رئيس الجلسة مذكّرا إياه بأنَّ الترافع أمام المحاكم المغربية لا يكون إلا باللغة العربية، حسبَ ما تنصُّ عليه اتفاقية موقعة بين المغرب وفرنسا، طالبا من زميله المغربي أن يُترجمَ كلامه إلى اللغة العربية. لكنّ الوكيل العامّ للملك لمْ يرُقْه استعمالُ المحامي الفرنسي للميكروفون، وتدخّل مطالبا رئيس الجلسة بأنْ يطلبَ منه نقلَ ما يرغب في قوله إلى زميله المغربي، على أن يعملَ الأخير إلى ترجمته، قائلا: "هذا مخالف للقانون الذي يمنعُ منعا باتّا الترافع بلغة أخرى غير اللغة العربية"، وهو ما حدا برئيس الجلسة إلى مطالبة المحامي الفرنسي بالاستجابة لما ينصُّ عليه القانون. وارتأى رئيسُ الجلسة تأجيلَ المحاكمة إلى يوم 23 يناير القادم، بدعوى عدم حضور أحد المتهمين الذي يُتابع في حالة سراح. بينما يُتابع في القضية 25 متهما، ثلاثة منهم في حالة سراح، و22 في حالة اعتقال، حضروا أطوار جلسة صباح اليوم، في انتظار الحسْم في طلب تمتيعهم بالسراح المؤقت من عدمه.