من مقامات مفجوع الزمان الجوعاني : "" مقامة حوارية بين صوت الشباب وصوت الأحزاب !!! حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني وهومن ضحايا القمع المجاني فقال : هذا حوار جرى ودارْ ، بعيدا عن أعين المراقبين وقلاع الحصارْ ، وبعيدا عن كل شعار وستارْ ، ننقله لكم من غير حروف زائدهْ ، لنجني منه ما يحمله من حكمة وفائدهْ ، ولتكون أعيننا وآذاننا عليه وعلى الكل شاهدهْ ، ... حوار بين صوت الشبابْ ، وصوت الأحزابْ ، حوار يماط فيه اللثام وينزع فيه النقابْ ، حوار يطرق الباب تلو البابْ ، ليترك الحكم في الأخير على ما حمله لذوي الألبابْ .... صوت الأحزاب : أهلا بك في هذا اللقاء الفاصلْ ، أولا وقبل الخوض في نقاش الأمور والمسائلْ ، يود الجالس معنا والمستمع الينا والناقلْ ، التعرف على هوية الأخ الفاضلْ . * صوت الشباب : بداية أشكرك على حسن الترحيب والتحيّهْ ، أما بخصوص سؤال الهويهْ ، فأنا وبلا تكبر صوت من الأصوات الفتيّهْ ، التي تبحث عن غد الحق والكرامة والعدل والحريهْ، وتتشوق لحياة يسود فيها حكم القرآن والسنة النبويهْ . صوت الأحزاب : إنطلاقا من هذا الجواب الثاقبْ ، يتبين لنا أن الحق أمر غائبْ ، فعن أي حق تتكلمون يا أيها الصاحبْ ، وعن أي حق تبحثون يا ذا اللحية والشاربْ ؟؟؟ * صوت الشباب : هذا سؤال شائكْ ، والجواب عنه أمر هالكْ ، ويكفي أن تنظر هنا وهنالكْ ، لتجد الجواب عن سؤالكْ ، فالحق غائب ومغيَّب في كل المدارج والمسالكْ ، وكل باحث أو متكلم عنه يمسي في خانة المهالكْ . صوت الأحزاب : هذا غير صحيحْ ، وإلا لما سألتك عن الحق بلسان عربي فصيحْ ، فماذا تقول يا أيها الصوت المليحْ ؟؟؟ * صوت الشباب :قول لا قياس مع وجود الفارقْ ، ولا مقارنة بيني وبينك أيها المناضل السابقْ صوت الأحزاب : ماذا تعني أيها الطارقْ ، وأين تكمن أوجه الفوارقْ ؟؟؟ * صوت الشباب : أقصد أنك تتمتع بالحصانهْ ، أما أنا فلا أتمتع لا بأمن ولا بأمان ولا بضمانهْ ، وأخشى إن تكلمت هاهنا عن ضياع الحق وتضييع الأمانهْ ، أن أقبع مع المجرمين في أوسخ زنزانهْ ، أو أن ألقى رغم أنفي لمستشفى مجانين منعدمة الصيانهْ . صوت الأحزاب : أنت الذي تمردت على النخبهْ ، واخترت البقاء خارج اللعبهْ ، ولو أنك دخلت إلى القبَّهْ ، وناقشت الأمور مع الرفاق والأحِبَّهْ ، لما أمسيت من المغضوب عليهمْ ، ولما أصبحت من المتشائمين منهمْ ، ولما كنت من الذين نتخلى عنهمْ ، وإني أنصحك مادام الدين النصيحهْ ، أن تغير من مواقفك حتى وإن كانت صحيحهْ ، إن أردت الحصول على مطالبك المليحهْ ؟؟؟ * صوت الشباب : يا أيها الصوت المسكينْ ، لا قياس مع وجود الفارق الثمينْ ، فالقبة تضمن لي الكلام عن الحق بتقنينْ ، أما استرداد الحق فهو مغيب عنها وفيها وبها منذ أعوام وسنينْ . صوت الأحزاب : طيب ، ماذا تقول في الإنتخابات الأخيرهْ ، ألم تكن الشفافية فيها عناوين كبيرهْ ، ألم تتم في أجواء نظيفة مثيرهْ ، ألم تشكل قطيعة مع عهد الرصاص والمصائب المريرهْ ، ؟؟؟ ثم ماذا تقول في اختيار الملك للوزير الأولْ ، ألم يُحترَم في هذا الإختيار اختيار الديموقراطية المبجّلْ ، ألم يحتكم فيه إلى صندوق لتلاعب المتلاعبين ما أمهلْ ؟؟؟ أليست هذه هي رغبة الجميعْ ، أليس هذا ما تطالبون به في الصيف وفي الربيعْ ، أليس هذا هو التحول الديموقراطي الوديعْ ؟؟؟ ثم انظر إلى تشكيلة الحكومة الجديدهْ ، أليست لغة المساواة بين الأحزاب فيها أكيدهْ ، ألم تتم عملية توزيع الحقائب بطريقة حكيمة رشيدهْ ، ؟؟؟ * صوت الشباب : من يمدح العروس إلا أربابَها ، ومن يشكر الحكومة إلا أحزابَها ، ومن يرقص للمغنية إلا أحبابَها ؟؟؟ ، ومادام الرقاص هنا يخفي وجههْ ، فإني سأرد عليه بهتانه وإفكهْ ، وأقذف بقوة الحق وبراهين الإثبات قلبهْ ، فأقول والله المستعان من غير شك أو ارتيابْ ، على نفسها جنت براقش الأحزابْ ، وعلى المهزلة والعبث والدجل السياسي شهدت عملية الإنتخابْ ، وإذا كانت الشفافية تعني ما شاهدناه في السابع من شتنبرْ ، وإذا افترضنا أن الصناديق بالتزوير لم تستأثرْ ، فالنتيجة التي استخلصها المتقدم والمتأخِّرْ ، هي أن شعب المغرب استفاق من أعمق سباتْ ، واختار أن يضرب بعرض الحائط ما للمواطنةالمسؤولة من مقوماتْ ، مادامت الإنتخابات لن تحل له ولو مشكلة من آلاف المشكلاتْ ، أماعن ممارسة الشفافية واحترام الديموقراطيهْ ، والقطيعة مع العهود البالية الماضيةْ ، واختيار الوزير الأول من الحزب الحاصل على أكثر المقاعد النيابيهْ ، وتشكيل الحكومة وما رافقها من مراسيمْ ، فإني أقول لك ومن غير تعتيمْ ، هذه هي قمة الإستهتار بمشاعر هذا الشعب الكريمْ ، ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الفضلاء والشرفاء وذوو الألبابْ ، أن تأتي الأوامر من الأعلى بحل مجلس النوابْ ، وتعديل الدستور والقانون المنظم لعملية الإنتخابْ ، والنزول من البروج العاليات للشوارعْ ، ومعرفة ماوراء مقاطعة الشعب للعبة من دوافع ودوافعْ ، ومعالجة الوضع بالحكمة والحوار النير الساطعْ ، صدر الأمر من غير تمعن أو انتظارْ ، برفع ما للخبز والزيت وغيرهما من أسعارْ ، وتأديب الشعب على قوله لا لإنتخابات الإستحمارْ ، ... ولأن هذا الشعب يستحق التكريمْ ، فقد أكرموه بعد التحضير لردع كل لسان حكيمْ ، بحكومة عنوانها التقسيم والتقزيمْ، ... وهذه هي قمة الديموقراطيهْ ، رفع لأسعار المواد الإستهلاكيهْ ، وترسيم لحكومة جاءت بحسب الأهواء عشوائيهْ ، وقمع لكل من يطالب بحقوقه الغاليهْ . صوت الأحزاب : إنك تغالط الحقائق بشكل كبيرْ ، وتهدم بأقوالك كل بناء جميل ومثيرْ ، فرفقا رفقا في كلامك فلست بالبشير ولست بالنذيرْ ، وقل الحق ولو كان كالجمر على حبل الوريدْ ، أولسنا نعيش في ظل عهد جديدْ ، عهد رُدّت فيه الحقوق لكل العبيدْ ، وهو عهد أعطِيت فيه أنت بالذات ما كنت تريدْ ، فلم هذا القفز على الحقائقْ ، ولماذا كلامك للسواد يلاصق ويلاحقْ ، أما في هذا العهد من شيئ جميل تكون به ناطقْ ؟؟؟ * صوت الشباب : نعم أتفق معك في هذه المسألهْ ، وحتى لا تنطلي علينا الكِذبة والمهزلهْ ، وحتى لا نقفز على الحقائق بسرعة وهرولهْ ، أقول وهم يسمعونْ ، والله المستعان على ما يصنعونْ ، إننا يا أيها الحاضرون ويا أيها المستمعونْ ، نعيش في ظل عهد جديدْ ، وهو والله وبكل تأكيد وتوكيدْ ، عهد لما سبقه يعيد ويعيدْ ، ولئن كانتالعصا في العهد الماضِي ، هي الخصم وهي القاضِي ، فإننا وفي عهد" الهمة " و" الراضِي" ، نقبض على النار والجمرْ ، ونحيا حياةعجز الصبر فيها عن الصبرْ ، ونقاد رغما عنا إلى سجون البغي والجبرْ ، ففي هذا العهد الذيلغير مصالح ذويه لاولن يرضِي ، ارتفعت أسعار الخبز والسكر والبيضِ ، وبيعت بثمن بخس خيرات أرضِي ، واتهم الرشيد فينا بإفساد العرضِ ، وتكاثرت بالغيض والفيضِ ، عمليات الإنتحارأمام وعود الطول والعرضِ ، ... وابكي أنت يا سيدي الهمامْ ، على هذا الحق الذي يضامْ ، واضحك ولكن من غير اهتمامْ ، على سياسة الخزي والعارْ ، وحصار المواطن خلف كل جدارْ ، وتعذيب كل من قال لا في عز النهارْ ، بل ابكي أنت مع المساجد على حالِهَا ، وارثي لذويها وآلِها ، واسأل منابرها عن سبب اعتقالِهَا، وابكي معي إن كنت حقا ستبكِي ، على وضع الأمة والحرة التي خرجت بالعفاف تشكو و " تشكِي " ، لتعود بلا أمنعن قصة اغتصابها تحكِي ، وابكي على وضعية هؤلاء الدكاترة المعطلينْ ، الذين حملوا الشواهد باليسار وباليمينْ ، وحلموا بغد مشرق ينسيهم آلام السنينْ ،ليتحول حلمهم إلى كابوس مريعْ ، أدخلهم في دوامة انتحارات أدمعت لها عيون الجميعْ ، بعدما تماطل في حل قضيتهم كل مسؤول رفيع ووضيعْ ، ... واضحك أنت يا فاقدا لمعاني المحبة والأخوَّهْ ، من منعهمومصادرتهم لجرائد العدل والصدق والفتوَّهْ ، وقمعهم لكل قلم حر يفضح ما بننا وبينهم من هوَّهْ ، معإبقائهم على الخبثوالأخباث فوق الموائدْ ، وتشجيعهم لما لصوت المجون والفسق من جرائدْ ، وتمويلهم لكل منيتغزل بعهدهم البائدْ ، فإذا ضحكت وبكيت في نفس الوقتْ ، فاسأل الشباب قبل فوات الفوتْ ، عن سبب اختيارهملقوارب الموتْ ، واسألن معي كل عين كيفأذرفت الدماء لا الدموعْ ، واسألن كل بيت عن سبب تشميعه بأخس الشموعْ ، واسألن المهاجرين ماذا يمنعهم عن الرجوعْ ، فحتما سيكون الجواب واحدْ ، وحتما سيكون الكل عليه شاهدْ ، وهذه هي الحقيقة وما خفي أعظم يا أيها الناقدْ . صوت الأحزاب : ألم أقل لك إنك تقفز على الحقائقْ ، ولا تختار إلا العيش في قبعة العوائقْ ، وإني أقول لك مادمت في الحوار تنافقْ : ها أنت ذا قد شخصت الداء والمصابْ ، وقلت ما تريد قوله من غير خوف أو ارتيابْ ، ومادمنا أنا وأنت لن نتفق على فصل أو بابْ ، فهل من دواء للداءْ ، وهل من حل لمثل هكذا أشياءْ ، أجبنا إن كنت حقا تحمل مشروعا متكاملا في البناءْ ؟؟؟ * صوت الشباب : يا صوت الأحزابْ ، يا من كنت صوتنا فيما مضى وغابْ ، أنت تعرف الداء وتكتمه لعدة أسباب وأسبابْ ، ومن كتم داءه قتلهْ ، ومن لم يبحث لداءه عن دواء فما أجهلهْ ، ومن لم ينتصح بأمر الطبيب فما أغفلهْ ، ... إن حب المناصب والكراسِي ، هو رأس كل المصائب والمآسِي ، وهذا هو مرضكم الخطير الأساسِي ، وهو مرض اعتراكم ومن قبلكم ويعتري الآن حكومةالفاسِي ، وسيعتري كل من اتبع هواه وهوى الشيطان الوسواس الخناسِ ، وإليك نهدي هذه الوصفة الطبيهْ ، لتخرج معنا من هذه الأزمة الشرسة القويهْ ، وعليك بتجريبها قبل اندلاع الثورة الشعبيهْ ، : طبق شرع الله في أرضهْ ، وحقق المراد من أمره ونهيه وحدِّه وفرضهْ ، وأرجع للمظلوم ما سلب من حقه وعرضِهْ ، واحكم بالعدلفي طول القطر وعَرضهْ ، وعدِّلْ ما تحتكم إليه من قانون ودستورْ ، وانتصربسلطة الحق للآمر والمأمورْ ، ولا تأكل أموال الضعفاء بالبهتان والزورْ ، وأشرك كل ذي رأي وحكمهْ ، في تسيير ما تتحكم فيه من نعمهْ ، وادخل معه في ميثاق لا يعود على البلد بالنقمهْ ، وأحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمْ ، وصحح ما استطعت بمنهاج النبوة عيوبك وعيوبهمْ ، واملأ بمنهج المساواة جيوبهمْ ، واعلم أن الدنيا تدور وتدورْ ، فاليومآمر وغدا مأمورْ ، واليوم عيش رغد وغدا حفرة من حفر القبورْ ، ... هذا ما لدي يا صوت الأحزابْ ، والله أسأل أن يوفقنا جميعا للصوابْ ، وأن يكون قد وفقني في الرد والجوابْ . صوت الأحزاب : لا أملك أمامهذه الوصفة وهذا الأمرْ ، إلا أن أستشير فيهما ولاة الأمرْ ، وإني أبشرك من هاهنا بالخيرْ ، فما قلته يا صوت الشبابْ ، هو عين الحكمة والصوابْ ، ولو أننا تقربنا إليكممن زمان وما استمعنا لثلة الذئابْ ، لما وقع لنا ما وقعْ ، ولما انطبق علينا قولهم : " أكل وما شبعْ " ، ولما سمع غيرنا عنا ما سمعْ . * صوت الشباب :حسنا ما خاب من استخارْ ، ولا ندم من استشارْ ، ولا يسعني في الأخير إلا أن أستغفر لي ولك الواحد القهارْ . صوت الأحزاب : في الختام لا يسعني إلا أن أشكرك من أعماق قلبِي ، على هذا اللقاء الذي ذكرني بأمتي وشعبِي ، ونبهني إلى ضرورة التوجهلإلهي وربِّي ، وإلى حين لقاء آخر تقل مني مودتي وحبِّي . قال المفجوع : فلمارجع صوت الأحزاب إلى ولاة أمرهْ ، وعرض عليهم ما انتصح به من قبل غيرهْ ، قاموا في غفلة من أمرهْ ، فأضعفوه وقزموه وشوهوهْ ، وعلى مقاس مقاسهم فصلوهْ ، وفي متاهات التصدعات والإنشقاقات أدخلوهْ ، وعلى قول نعم في كل المحطات أجبروهْ ، وبين نعمتهم ونقمتهم خيروهْ ، فاختار النعمة على النقمهْ ، وبدل جلده من غير استحياء أو حشمهْ ،وهذا هو مصير من لمينظر في الأمور بعين الحكمهْ.