خلف قرار عدم نص الدستور صراحة على تمثيل أفراد الجالية المغربية داخل المؤسسات التشريعية رغم مطالبة أغلب الفاعلين الجمعويين وكذا مختلف الاحزاب السياسية من خلال مذكراتها المرفوعة للجنة التعديلات الدستورية، العديد من التساؤلات والإستفهامات حول الأسباب الحقيقية التي جعلت السلطات العليا بالبلاد أن ترجئ مسألة التمثيل النيابي إلى حين حيث جاء في الخطاب الملكي ليوم 17 يونيو مايلي" أما فيما يتعلق بمواطنينا المقيمين بالخارج، فإنه سيتم تخويلهم تمثيلية برلمانية، متى نضجت الصيغة الديمقراطية لذلك". ورغم محاولة الهيئات السياسية والجمعوية التي تنادي بالتصويت لفائدة مشروع التعديل الحالي من التقليل من أهمية القرار من عدم النص على تمثيلية الجالية داخل المؤسسات التشريعية محاولة إعطاء قراءة خاصة للفصل 17 من الدستور رغم ان الفصل يتحدث عن المشاركة داخل الدوائر الوطنية، معتبرة ان تأجيل مسألة التمثيل لاتعدو ان تكون إلا مسألة تقنية، وكان من الممكن لمثل هذا التبرير ان يحد من التساؤلات والإستفهامات القائمة بين أفراد الجالية المغربية لو لم يكن هذا التبرير تكرر عن مسامعهم منذ الخطاب الملكي ليوم 6 نوفمبر من سنة2005 حيث اعلن الملك عن تخصيص مقاعد بمجلس النواب للمغاربة المقيمين بالخارج، وكذلك بعد أن أعلن السيد "إدريس أجبالي" ،عضو ومسير مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج والذي يعد أقوى المرشحين لتولي رئاسة المجلس بعد تعيين الرئيس الحالي "الأزمي" في منصبه الجديد، عن معارضته الشديدة لتمثيل الجالية داخل المجالس التشريعية. فمن خلال حوارين خص بهما كل من صحيفة "العلم" التي طالب الحزب الذي تنطق بإسمه بضرورة تخصيص مقاعد بمجلس المستشارين للجالية المغربية، وكذا مجلة actuel والذي تنشره في عددها الموجود حاليا في الأسواق وعلى غير عادة أعضاء مجلس الجالية المعروفين بتحفظهم في الخوض علانية في القضايا التي تكون محل اختلاف شن السيد "أجبالي" هجوما حادا على منتقدي عمل ومبادرة مجلس الجالية خصوصا فيما يتعلق بمسألة التعديل الدستوري، حيث اعابت العديد من الفعاليات في اوساط الجالية الطريقة التي تناول بها المجلس مسألة التعديل الدستوري حيث ان المجلس لم يقم إلا بلقاءات قليلة مع الجالية معظمها كان مبرمجا أصلا حتى قبل طرح مسألة التعديلات الدستورية ، حيث أن بعض اللقاءات جاءت عندما كانت مرحلة المشاورات أشرفت عن نهايتها او انتهت أصلا. إلا ان حسب "أجبالي" فمنتقدي المجلس هم في الواقع لا يمثلون إلا انفسهم ويمكن عدهم على رأس الأصابع بل منهم من يشتغل مع المصالح الأمنية الأجنبية ولا وجود لهم إلا في الإنترنيت، ليكشف عن موقفه الحقيقي من تمثيل الجالية داخل المؤسسات التشريعية حيث ذكر في الحوار الذي نشرته أسبوعيةactuel أنه يستحيل إيجاد صيغة يتم من خلالها تمثيل الجالية داخل مؤسسات البرلمان، وذلك لتواجد و توزع أفراد الجالية عبر مختلف أقطار العالم عكس مثلا الجالية الجزائرية التي تتمركز بالاراضي الفرنسية وانه لا يستوعب كيف يمكن للمهاجر الذي يقيم بباريس أو دبي ان يصبح برلمانيا لان هذا يعني انقطاعه عن الواقع الذي يمثله. ولم يكتف السيد "أجبالي" الذي قدم نفسه في الحوار المنشور يوم 14 من الشهر الجاري بجريدة العلم انه من مؤسسي مجلس الجالية بهذا التبرير التقني لصعوبة تمثيل الجالية بالمؤسسات التشريعية المغربية، بل أراد ان يعطي صبغة قانونية للتعارض الموجود بين المهاجرين والتمثيل النيابي ،ففيما يشبه الخطاب الشعبوي لليمين المتطرف، يرى "منظر مجلس الجالية" أنه لا يمكن لمن لايدفع الضرائب (يقصد المهاجرين) ان يناقش ويصوت على الميزانية. حتى وإن لم يعلن السيد "أجبالي" إن كان يتحدث بصفته الشخصية او بإسم المجلس إلا ان نشر الموقع الرسمي للمجلس للحوار الذي خص به مجلة actuel والذي عرض من خلاله لهذه الآراء والمواقف يدل على الأقل ان المجلس لا يعارض مضمونها المتمثل في المعارضة الكلية للتمثيل النيابي للجالية المغربية داخل المؤسسات التشريعية الوطنية، حتى وإن لم يتم الكشف عن الأسباب الحقيقية التي تجعل المجلس يقف هذه الموقف، لأن الأسباب التي ذكرها السيد "أجبالي" تبدو ديماغوجية أكثر منها واقعية او موضوعية فاختصار مسألة التمثيل النيابي في التواجد المستمر بالبرلمان مما يؤدي إلى انقطاع الإتصال بالواقع الذي يمثله فيه كثير من المغالطة وإلا فالمشكل مشكل كل النواب الممثلين لمناطق نائية من داخل المملكة ،ثم أن إثارة موضوع البعد عن الناخبين في سنة 2011 يدعو فعلا إلى الإستغراب خصوصا إذا طرحه باحث في العلوم الإجتماعية التي أصبحت ترى في العالم قرية صغيرة، ثم كيف يتم ربط حق الترشح للإنتخابات بدفع الضرائب حتى وإن كان في هذا الحكم تجني على المهاجرين الذين يدفعون العديد من الضرائب بأرض الوطن فالضرائب ليس المقصود بها الضرائب على الدخل، ثم اختصار الموارد المالية في المداخيل الضريبية واعتبار 53 مليار درهم التي يحولها المهاجرون سنويا نحو بلدهم مجرد أموال جامدة فيه الكثير من استخفاف من ذكاء القراء.
ويعترف السيد "أجبالي" أنه بجانب المرحوم "بنزكري" ورئيس المجلس الحالي "اليزمي" كانوا وراء اقتراح الصيغة الحالية التي يتواجد عليها مجلس الجالية ، ويقر انهم لم يقترحوا على الجهات العليا صيغة ديمقراطية في تكوين هذا المجلس بل اقترحوا الشخصيات التي تم تعيينها. وستبقى محطة التعديل الدستور الحالية بمثابة الفرصة الضائعة فيما يتعلق بالتنصيص على تمثيل المواطنين المقيمين بالخارج مثل ما ينص عليه الدستور الفرنسي الذي ينص على تمثيل الفرنسيين المقيمين بالخارج في مجلس السينات وفي إطار تعديل القانون الدستوري ابتداء من السنة القادمة سيتم انتخاب نواب للفرنسيين المقيمين خارج فرنسا داخل الجمعية الوطنية، وهو ما ينص عليه كذلك الدستور الإيطالي حيث تم تخصيص 12 مقعد بمجلس الشيوخ و6 مقعد بالغرفة الاولى،في حين في المغرب يتم حرمان 10% من ساكنة المغرب ومن يساهم بحوالي 53 مليار درهم في إنعاش الإقتصاد الوطني من التمثيل النيابي. ولنفيه أن يكون ما يحدث في المغرب هو نتاج لما يسمى "بالربيع العربي" أشار السيد "أجبالي" إلى ان الامطار تقل في فصل الربيع، ورغم أنه كان يقصد كون الامطار هو رمز الخير والرخاء إلا ان ماغاب عن عالم الإجتماع أن الامطار لا تكون مضرة إلا في هذا الفصل، وكل ما كنا نتمناه كمهاجرين هو ان يكون الدستور الحالي المعروض للإستفتاء زهرة من أزهار الربيع وليس كالامطار التي يريدها السيد "أجبالي" في فصل الربيع. *مغربي مقيم بإيطاليا [email protected] http://www.ccme.org.ma/fr/images/stories/Actuel_Ajbali.pdf