يستعد المسيحيون المغاربة، في الأيام القليلة القادمة، للاحتفال بعيد ميلاد "يسوع المسيح"، الذي يتزامن موعده كل عام مع يوم 25 دجنبر وأحيانا في السادس من يناير، وهو الاحتفال الذي يخصص له مسيحيّو المغرب طقوساً خاصة تنهل من التعاليم المسيحية من واجبات وممارسات الدينية، إلى جانب طقوس احتفالية أخرى. ووسط غياب دور للعبادة المسيحية، خاصة الكنائس، التي يبتعد مسيحيو المغرب عن التردد عليها بسبب هاجس الأمن والتخوف من ردود فعل المغاربة المسلمين، يلجأ هؤلاء، الذين ينعتون أنفسهم ب "المؤمنين"، إلى تنظيم لقاءاتهم التعبدية وسط منازل يطلقون عليها اسم "كْنِيسَة"، بشكل شبه أسبوعي، يوم الأحد على وجه الخصوص. وبحسب المعتقدات المسيحية، فإن عيد ميلاد "يسوع المسيح"، يعد واحدا من أهم ثلاثة أعياد يحتفل بها المسيحيون في السنة، إلى جانب عيد "الفصح" الذي يخلدون فيه ذكرى "قيامة يسوع المسيح من بين الأموات"، وهو موعد مرتبط بالبدر يتغير من سنة إلى أخرى، إلا أنه يأتي دوما في شهر مارس أو أبريل. كما يحتفي المسيحيون بعيد ثالث هو عيد "العنصرة"، يتذكرون خلاله ما يطلقون عليه "عطية الروح القدس لتلاميذ المسيح، بعد سبعة أسابيع من قيامته". وخلافا للمعتقد السائد عند العامة بكون رأس السنة الميلادية بمثابة عيد مسيحي، فإن معتنقي الديانة المسيحية بالمغرب يفنون الأمر، ويعتبرون أن عيد "رأس السنة" يبقى عيدا مدنياً وليس مسيحياً، فيما تضم "المنازل الكنسية" عددا من المسيحيين، سواء القدامى منهم أو الملتحقون الجدد ممن يتم الاحتفاء بهم ودخولهم في عضوية الكنيسة، بينما قد يلجأ عدد منهم إلى شعيرة "المناولة المقدسة"، أو "عشاء الرب" الذي يتذكرون فيه "موت المسيح من أجلهم". وفيما يستعد مسيحيون مغاربة للاحتفاء بالموعد عبر اجتماع شبه وطني، على صعيد مدن مغربية متعددة، يضم مختلف فئات المجتمع المغربي، وتحضره عائلات مسيحية كاملة إلى جانب أفراد تختلف وظائفهم وانتماءاتهم العرقية، فإنهم يفضلون أداء شعائرهم الدينية في المنازل عوض البنايات الكنسية المتواجدة في بعض المدن لاعتبارات عديدة، منها أن الديانة المسيحية لا تشترط تلك الكنائس لأداء الشعائر، وتجنّب مضايقات السلطات المغربية. وبالإضافة إلى الأجواء الاحتفالية بعيد الميلاد لدى "المؤمنين" المغاربة المعتنقين للدّين المسيحي، التي تضم تحضير وجبات تقليدية مغربية من مختلف الأطباق، يشمل برنامج الاحتفال طقوسا تعبدية مسيحية، من قبيل "الصلاة" أو "الدعاء"، تعبّر عندهم على "شكر يسوع المسيح"، مع ترديد "الترانيم"؛ أي "الأناشيد الروحية"، التي يقولون إنها تحمل معاني الفرح والحزن و"فيها التوبة وطلب الغفران"، زيادة على "الموعظة" بتلاوة مقتطفات من "الكتاب المقدس".