صدر، حديثا، كتاب جديد بعنوان "إني ذاهب إلى ربي.. مقاربات في راهن التدين ورهاناته" لمؤلفه الدكتور محمد التهامي الحراق، ابن مدينة وزان. ويعدّ هذا الكتاب الجديد خامس مؤلفات الكاتب المغربي، بعد "مقام التجلي في قصائد الصوفي أبي الحسن الششتري" الصادر سنة 1998، و"موسيقى المواجيد، مقاربات في فن السماع الصوفي المغربي" الصادر سنة 2010، و"لماذا نفرح بالمصطفى (ص)" الصادر سنة 2013، و"جمالية السرد في الرواية العرفانية" الصادر عام 2014. وقال الدكتور محمد التهامي الحراق إن "الهزات التي شهدها واقع المسلمين منذ القرن الثامن عشر أثّرت بشكل متراكم على تمثلاتهم لدينهم، ما دفعني بوصفي مسلما إلى البحث عن علاقة متصالحة بين إيماني وزماني والتفكير فيما من شأنه أن يسعف في تحقيق تلك "المصالحة" والإسهام في مصالحة المسلمين مع الحداثة عبر المساهمة في استيعاب قيم الحداثة إسلاميا ومعالجة مطباتها ومآزقها الروحية والأخلاقية"، يورد المؤلف على غلاف الكتاب الصادر مؤخرا عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر. ويفيد كتاب الأكاديمي والفنان المواظب على مشاركات تعنى بالسماع والمديح بمهرجانات وطنية ودولية كل متصفح له بأن دفتيه تضمان عددا من الدراسات والمقالات التي أنجزها خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2008 و2016 على مدى 404 صفحات، والتي تتناول إشكالية تتعلق برهانات التدين والخطاب الديني في السياق الإسلامي الراهن عموما والمغربي بصفة خاصة؛ وذلك عبر رصد الالتباسات التي أصبحت تطوقُ فهم الإسلام اليوم، على لسان المتحدثين باسمه، فضلا عن الخطابات المغاليةِ والإقصائية التي تتذرعُ بنصوصه وتفسيراتها التراثية بغية شرعنة التقسيم الطائفي والنزوع التكفيري والممارسات الدموية باسم المقدس. وأضاف الحراق أن هاته الممارسات جعلت المسلمين اليوم في موقف حَرجٍ إزاء القيم العقلانية والروحية، مبرزا أن الِكتاب يتناول ثلاثة رهانات رئيسية كتبها محمد التهامي الحراق على مدى ثلاثة محاور "رهان العقلنة" و"رهان الروحنة" و"رهان الجمال"؛ وهي الرهانات التي حاول الكاتب الإسهام في ترشيد الفهم السائد ومصالحة المسلم مع الحداثة. ويتحدث الكاتب عن التطويق الذي يطيع التدين لا الدين، مرجعا ذلك إلى خفوت العقلانية التي عرفها بعلاقة جدلية بين المسلم وبين زمانه بعيدا عن ثنائية الأصالة والحداثة؛ وذلك بما هي تفكير ديني حديث يخص الإسلام بأسئلة الحداثة وإشكالاتها. وزاد الحراق أن كتاب "إني ذاهبٌ إلى ربي..." لا يرومُ هدايةً من ضلال بقدر ما يستلهم العنوان المستعار من القصة الإبراهيمية، مشددا على أنه يذهب من هداية إلى هداية، مشيرا إلى أنه لو لم يحظ الخليل عليه السلام بالهداية لمَا ذهب إلى ربه، وهذا ما يجعل من هذا السعي غاية في ذاته. ويضيف المتحدث أن بمزاوجة العقلانية والإيمان يسعى الكاتب إلى تجاوز مطبات "السلفية" التاريخية النافية للإيمان والروحانية؛ وذلك باقتراح قصة وأنموذج الرشد الإبراهيمي، وفق تعبيره.