تعتبر كندا من الدول المتقدمة والرائدة في مجالات كثيرة، وقد احتلت الصدارة في مؤشر جودة العيش لسنوات عدة متوالية، لتفقد زعامتها بعد ذلك لصالح الدول الاسكندنافية. وفي المقابل، هناك مجالات عدة تهم الحياة اليومية للكنديين لا ترقى إلى ما تصبو إليه شريحة عريضة من الكنديين. الطرق السيارة في كندا تتمركز في النقط الآهلة بالسكان، وتحظى المدينة "الملكة" تورونتو بحصة الأسد؛ حيث تحيط بها شبكة من الطرق السيارة ذات مستوى عال، كما أن مدن أوتاوا، مونتريال، كالغاري، إدمونتون، وفانكوفر تتوفر على طرق سيارة جيدة. لكن المشكل يكمن في الطرق الرابطة بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب. تمتد كندا على مساحة تقدر ب 9 ملايين و900 ألف كيلومتر مربع، بينما يسكنها 35 مليون نسمة فقط، في الوقت الذي يعيش فيه سكان الجارة الأمريكية البالغ عددهم 300 مليون نسمة على مساحة 9 ملايين و700 كيلومتر مربع؛ وهذا يعني أن كندا تتوفر على مساحة أرضية قادرة على إيواء عشرات أضعاف سكانها الحاليين. وإذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد أطلقت منذ حوالي قرن مشروع بناء شبكة طرق سيارة تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، وحدودها مع كندا بحدودها مع المكسيك، فإن كندا لم تكمل بعد بناء طريق سيار واحد يربط شرقها بغربها، ولا شمالها بجنوبها. بمحافظة أونتاريو الكندية، يرتبط الشرق بالغرب عبر الطريقين 11 و17، تسلكهما كل الشاحنات القادمة من تورونتو، مونتريال، والمحافظات الشرقية، للتوجه إلى الغرب، كما تسلكهما كل الشاحنات القادمة من الغرب المحملة بالمواد القادمة من القارة الآسيوية عبر ميناء فانكوفر، ما يعني أن المحور الوحيد المتوفر (11-17) يعرف حركية كبيرة، ومع ذلك فهو ليس بالطريق السيار. تبلغ مسافة المحور الرابط بين شرق أوتاوا وغرب وينيبيك حوالي 2200 كلم، فقط 150 كلم منها طريق سيار، والباقي طريق في اتجاهين تمر وسط عشرات القرى، وتتخللها علامات وإشارات التوقف الضوئية. كما يوجد عدد قليل من محطات البنزين لتوقف الشاحنات، وأغلبها ذات مساحة صغيرة لا تستوعب عددا كبيرا من العربات. يضطر السائقون إلى التنقل مئات الكيلومترات أثناء الليل، بعد أن يكون العياء قد تمكن منهم، بحثا عن مكان للتوقف. والنتيجة تزايد عدد حوادث السير خلال العقد الأخير، مع ارتفاع عدد الشاحنات، واقتحام قطاع النقل الطرقي بكندا من طرف عدد كبير من الشباب (21-25 سنة) المهاجرين، خصوصا من الهند وباكستان. كما أن منطقة غولدن (Golden)، في أقصى شرق كندا، تعتبر من أصعب المسالك الطرقية، خصوصا في فصل الشتاء؛ حيث تسير عشرات الشاحنات في اتجاهين معاكسين على حافة جبال عالية، بسرعة 30 كلم في الساعة، وتعتبر هاته الطريق (رقم 1) بمثابة الطريق الرئيسية للراغبين في التنقل بين فانكوفر وكالغاري. ورغم تعالي الأصوات المطالبة بإكمال ربط شرق "بلاد القيقب" بغربها عبر طريق سيار، إلا أن الحكومات المتعاقبة، سواء على المستوى الفدرالي أو على مستوى المحافظات، ترى أنه لم يحن بعد الوقت للاستجابة إلى مطلب عشرات الآلاف من المواطنين الذين يعانون كثيرا من صعوبة التنقل بين شرق كندا وغربها، على غرار ما قامت به الجارة أمريكا.