قرأت المقال التحليلي للسيد محمد ضريف على صحيفة هسبريس تحت عنوان ''الفصل 47 من الدستور والخيارات الممكنة لتشكيل الحكومة". وكعادتي، أقرأ مقالاته بإمعان شديد؛ لكن لي ملاحظة، وإن كانت ستبدو بسيطة إلا أنه من الواجب ذكرها، وتتعلق بالخيارات المطروحة في حالة فشل بنكيران وحدود هذه الخيارات كما ورد في المقال، حيث إن السيد ضريف أعطى أربعة خيارات مختتما بتساؤل جاء مقترنا بالخيار الرابع، وكل خيار تم طرحه يكون ملازما بعطب، وأقصد هنا الخيارات التالية: الأول والثاني والرابع، ماعدا الخيار الثالث الذي لم يذكر كيف ستكون تكلفته. وهنا، أقول بأن السيد ضريف جانب الحياد، ولربما يشير إلى تنصيب السيد أخنوش لرئاسة الحكومة. لاحظوا معي، قال في الخيار الأول: ''يتمثل الخيار الأول في تكليف شخص آخر من داخل حزب العدالة والتنمية بتشكيل الحكومة، وهو خيار قد يساهم في إحداث شرخ داخل الحزب وإرجاع الفشل إلى شخص بنكيران وطريقته في تدبير المشاورات"...(إحداث شرخ). وفي الخيار الثاني، قال: ''يتجلى الخيار الثاني في تكليف شخص من الحزب الذي احتل المرتبة الثانية، وهو حزب الأصالة والمعاصرة، باعتبار أن التقاليد الديمقراطية تقضي بتكليف الحزب الثاني في حالة فشل الحزب الأول. وهذا الخيار وإن كان ممكنا من الناحية القانونية؛ غير أن كلفته السياسية ستكون باهظة، سواء على صعيد تحرك الشارع أو تأكيد أطروحة "حزب الملك"''...(كلفته السياسية ستكون باهظة...تحرك الشارع...تأكيد أطروحة حزب الملك). والخيار الرابع الذي ربطه بطرح تساؤل في ختام مقاله، قال عنه: ''يكمن الخيار الرابع في تنظيم انتخابات تشريعية جديدة، ويبدو أن بعض قيادات حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال تدعو إلى ذلك؛ غير أن اللجوء إلى هذا الخيار هو بيد الملك وحده، لكون بنكيران لا يجوز له دستوريا حل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات جديدة؛ لأن ولايته الحكومية قد انتهت وهو حاليا مجرد مكلف بتشكيل الحكومة وليس رئيسا للحكومة.''....(فمهما كانت النتائج وحتى وإن تصدر حزب العدالة والتنمية المشهد الانتخابي، فلا يمكنه أن يشكل أغلبية بدون الاستعانة بخدمات بعض الأحزاب السياسية التي ترفض حاليا التحالف معه). وأما عن الثالث، فيقول عنه: ''يتجسد الخيار الثالث في تكليف أي مسؤول حزبي يكون قادرا على تكوين أغلبية وتشكيل حكومة كفاءات وفق رؤية وبرنامج واضحين يأخذان بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن وليس المصالح الحزبية الضيقة المرتكزة على منطق "الغنيمة الانتخابية"، وهذا الخيار قد يستمد مرجعيته من خطاب دكار بتاريخ 6 نونبر 2016. وهنا أطرح بدوري تساؤلا، هل إذا قام الملك بتكليف أي مسؤول حزبي سنضمن عدم تحرك الشارع ولن تكون هنا أي كلفة سياسية باهظة؟ لماذا مثلا لا نقوم بتغليب المصلحة العليا للوطن ما دام أن المصلحة تعني الجميع ويقوم الملك بتكليف شخص من الحزب الذي احتل المرتبة الثانية وليس بالضرورة أن يكون إلياس العماري؟ ولماذا مثلا لا يكلف شخصا آخر من العدالة والتنمية كما أشار صاحب المقال في الخيار الأول ولو أنه سيحدث شرخا بداخل الحزب؟ وفي ظني، إننا أمام أمرين: واحد منهما حلو والآخر مر؛ فأما الحلو فمصلحة الوطن، وجميعنا يضحي من أجل مصلحة الوطن وحتى إن كانت على حساب الحزب. وأما المر فهو الشرخ الذي سينتج عن هذا الخيار. وفي اعتقادي، إن هذا الشرخ يتعلق بالجانب التنظيمي الداخلي لحزب العدالة والتنمية وما مدى درجة تفهم جميع الهياكل لوضعية بنكيران داخل الدولة ومكانته داخل الحزب. ولي ملاحظة أخرى كذلك في الخيار الثالث الذي طرحه السيد ضريف، حيث إنه قال ''أي مسؤول حزبي قادرا على تكوين أغلبية وتشكيل..." بمعنى يمكن أن يتم اختيار مسؤول حزبي من الأحزاب الصغرى، ولما لا يكون السيد ضريف باعتباره رئيس حزب الديمقراطيين الجدد ما دام أنه لم يقل مسؤولا حزبيا من الأحزاب التي حصلت على مقاعد. لماذا مثلا لم يذكر السيد ضريف الخيار المتعلق بالفصل (59) من الدستور، الذي يقول: "يمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة"، أو الفصل 51 الذي يقول: ''للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبق الشروط المبينة في الفصول 96 و97 و98"؟ وأعتقد شخصيا إذا لجأ الملك إلى الفصل 51 و59 من الدستور لن تكون هناك أي كلفة سياسية، خصوصا أن البلاد تسير بدون حكومة منذ تاريخ 7 أكتوبر. ولماذا لم يذكر الكلفة المالية التي يتكبدها المغرب نتيجة تأخر ولادة الحكومة الجديدة؟ وختاما، أقول إن المقال التحليلي للسيد ضريف كان ممتعا، كما عودنا دائما قبل أن يكون رئيس حزب. وكنت أتمنى أن يقول في خياره الأول لو فشل بنكيران في تشكيل الحكومة ماذا سيقول الشعب المتعاطف مع بنكيران؟ وهل سيستسيغ أن بنكيران فشل أم أنه سيقول تم إفشاله، وبالتالي سيكون بطلا أمام الشعب وسيتم تأكيد أطروحة العفاريت والتماسيح.