موازاة مع الندوات واللقاءات المخصصة لمناقشة واقع الكتاب، والثقافة بصفة عامة بالمغرب، يحظى الأطفال الصغار بأهمّية في أنشطة مهرجان القصر الكبير للكتاب، المنطلقة فعاليات دورته الأولى مساء الخميس وتستمر إلى غاية يوم الأحد المقبل. اليوم الثاني من المهرجان استُهلّ بورشة خُصِّصت لتلقين أطفال المدينة القواعد الأساسية في فنّ الرسم، أطرها أستاذ الفنون التشكيلية عبد الخالق قرمدي، وشارك فيها أطفالٌ من تلاميذ المؤسسات التعليمية، منهم ذوو الاحتياجات الخاصّة. في بهو دار الثقافة بالقصر الكبير، التي احتضنت الورشة، بَدا الأطفال متحمّسين لاكتشاف عوالم الفنّ التشكيلي؛ وحرص الأستاذ المكلف بتأطيرهم على أنْ يكون الكتاب، الذي أقيم لأجله المهرجان، حاضرا بقوة في الرسومات، لتوطيد علاقة الأطفال به، في زمن تهِن فيه علاقة المغاربة بالكتاب يوما بعد يوم. الأطفال المقبلون على الإبداع التشكيلي، حسب عبد الخالق قرمدي، يتميّزون بحسّ إبداعي؛ لكنّ تطوير هذا الحسّ يتطلب مواكبتهم والأخذ بأيديهم، ليتمكنوا من تفجير طاقاتهم الكمينة والانتقال من مرحلة إبداع رسومات فطرية إلى الخوض في أعماق الإبداع. ولتحقيق هذه الغاية، عمد قرمدي إلى خطّ رسومات عبارة عن أشكال أرقام وكُتب، وتولَّى الأطفال إعادة رسمها من خلال الورق الشفاف، لتكون الرسومات أكثر دقّة، حيث إنّ الطفل يحتاج في بداية مساره إلى الممارسة؛ إلى أن يحصل الانسجام بين اليد التي ترسم والعقل الموجّه، ومن ثمّ الرسم بسرعة. وفي خضمّ تزايد استعمال التقنيات الحديثة، سواء في مجال الكتابة أو الرسم، وتزايد الإقبال عليها، يرى قرمدي أنّ ذلك لا يشكّل "خطرا" على دور الوسائل التقليدية في الرسم، الريشة والقلم؛ بل ينبغي الاستفادة من الإمكانات التي تتيحها هذه الوسائل، لتطوير الإبداع. "الحياة، بشكل عام، تتطوّر على نحو دائم، وتفد على حياتنا أشياء جديدة لم نكن نعرفها. لذلك، يجب استغلال التكنولوجيا الحديثة، وليس السير معها بالموازاة"، يقول قرمدي، مشيرا إلى أنّ هذه التكنولوجيا تُتيح السرعة، كما تمنح الجوْدة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الرسوم المتحركة. أستاذ الفنون التشكيلية، الذي يسهر على تأطير هذه الورشة المخصصة لتلقين أطفال مدينة القصر الكبير القواعد الأساسية في فنّ الرسم ضمن فعاليات مهرجان المدينة، أكّد أنّ الطفل لا يمكنه أن ينتقل في مجال الرسم إلى استعمال التقنيات الرقمية دون المرور من مرحلة استعمال الوسائل التقليدية، من ريشة وورق، لافتا إلى أن الأطفال بحاجة إلى التوجيه من لدن الآباء والأساتذة المتخصصين لاستعمال التكنولوجيا الحديثة بطريقة صحيحة.