بملامحها البريئة، تتفحص "ميساء" (طفلة في التاسعة من عمرها)، نسخة من كتاب تتوفر عشرات من نظيرتها بأحد رواقات المعرض الدولي للكتاب والفنون بطنجة. فهذه الطفلة التي جاءت بمعية زملائها التلاميذ في الصف، يبدو أنها وجدت ضالتها في العشرات من الكتب والقصص في عدد من أروقة فضاء هذا المعرض الممتد حتى يوم غد الأحد. فعلى تعدد الرواقات التي يضمها المعرض الدولي للكتاب والفنون في دورته العشرين، تستدعي انتباه الزائر نظرات براءة وملامح السعادة والشغب التي تطل من أروقة مخصصة للأطفال. قصص وكتب وملصقات للناشئة، تم رصها بعناية وبطريقة جذابة برزت ألوانها الزاهية، على نحو يغري زوار المعرض من الأطفال باقتناء أكبر عدد منها. عمر الخياطي، ممثل واحدة من المكتبات التي يؤثث رواقها فضاء المعرض الدولي للكتاب والفنون، بقصر مولاي حفيظ بمدينة طنجة، يكشف أنه على مدى الدورات العشر الأخيرة لهذه التظاهرة، لمس إقبالا مهما من طرف الأطفال على الكتب والمنشورات المخصصة للناشئة، الأمر الذي شجع المكتبة التي يمثلها، على التركيز على هذه المعروضات. ويبدي الخياطي، ضمن تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، انطباعا شديد الّإيجابية حول ظروف تنظيم المعرض الدولي للكتاب والفنون، المنظم من طرف القنصلية، معبرا عن أمانيه أن تتولى المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة، تنظيم تظاهرة بهذا الحجم وبهذا الكيف. فريدة، معلمة بإحدى المؤسسات التعليمية بطنجة، تبرز في حديث للجريدة، أن المؤسسة التي تشتغل بها، دأبت على تنظيم زيارة سنوية إلى المعرض، خصوصا المستويين الخامس والسادس ابتدائي، وذلك بغية تحفيز التلاميذ على الانفتاح على الكتاب بصفته مصدرا للمعرفة، إضافة إلى تربية الطفل على القراءة. وحسب ذات المدرسة، فإنه في ظل انتشار الاستعمال المفرط للتكنولوجيا الحديثة، فإنه بات من الضروري العمل على تربية النشء على القراءة والمطالعة التي تعد من أفضل الوسائل التي تساهم في تنمية حواس الطفل، بدل استعمال الانترنت التي تقتل في الأطفال ملكة الإبداع والخيال. مدرسة أخرى، تدعى خديجة، صادفتها طنجة 24، خلال تأطيرها لمجموعة من تلاميذها داخل فضاء المعرض، تقول أن المؤسسة التي تمثلها، تحرص كل سنة على جلب تلاميذها في كافة المستويات، "فنحن نحثهم ونوجههم إلى اقتناء قصص الأنبياء مثلا وكتب التلوين، ونبحث دائما عن جديد قصص وكتب الأطفال"، تقول ذات المتحدثة. ارتفاع أثمنه كتب الأطفال بالمعرض الدولي للكتاب والفنون، واحدة من السلبيات التي سجلها زيد، وهو ممثل عن جمعية للآباء بإحدى المدارس الابتدائية، غير أنه لا يقلل من أهمية هذه التظاهرة في تربية الأجيال الصاعدة على القراءة والمطالعة، وتحفيزهم على ممارسة الأنشطة التي تنمي ملكات إبداعهم وخيالهم. وكانت فعاليات الدورة العشرين من المعرض الدولي للكتب والفنون المنظمة هذه السنة تحت شعار "طنجة .. المدينة الرمزية من الخيال الى الحقيقة والواقع" بمبادرة من المعهد الفرنسي وبتنسيق مع فعاليات جمعوية ومؤسساتية محلية قد افتتحت أول أمس الاربعاء. وتحتفي هذه الدورة بمدينة البوغاز في كل أبعادها الرمزية، من خلال برنامج غني يستحضر غنى عطاء شخصيات أدبية وفنية اسطورية بصمت تاريخ المدينة على مدى قرون من الزمن وروافدها الابداعية والثقافية المتنوعة، كما سيشكل هذا الاحتفاء الابداعي الجميل فرصة لتسليط الضوء على حاضر المنطقة في بعده التنموي والثقافي والاجتماعي. ويوجه المعرض، المنظم بشراكة مع جمعية "طنجة الجهة للعمل الثقافي" (أتراك) الى غاية يوم الاحد القادم، الدعوة لجمهور طنجة الادبي للقاء بنخبة من الفنانين والكتاب والمؤرخين وعلماء الجغرافيا الذين سيغنون النقاش العلمي والاكاديمي حول مواضيع أدبية متنوعة تلامس واقع مدينة البوغاز وتاريخها التليد عبر محطات إبداعية تميزت ببروز اسماء وشخصيات أدبية مغربية وأجنبية أثرت تاريخ المنطقة وجعلتها رمزا من رموز التعايش والتجانس الثقافي والانساني . ويحتوي برنامج هذا الحدث الثقافي على موائد مستديرة ولقاءات أدبية ستتناول عدة مواضيع من قبيل "طنجة .. المدينة الحدودية .. أرض الهجرة"، و"طنجة عاصمة اقتصاد شمال افريقيا"، و"طنجة ومؤهلاتها الجغرافية وقصصها التاريخية وتميزها الفني". ويتيح برنامج التظاهرة أيضا الفرصة لعشاق الادب والفنون من الالتقاء بمنتجين وناشري الكتب ورواد الجمعيات الثقافية، وللشباب فرصة الاستفادة من ورشات مؤطرة حول القراءة والحكي تحت إشراف مبدعين مغاربة وأجانب أبلوا البلاء المميز في مختلف مناحي الابداع الادبي الراقي.