الخط العربي فن أصيل يضرب بجذوره في أعماق التاريخ والحديث عن تاريخه وتطوره وأعلامه عبر العصور حديث ذو شجون...ومن الأعلام الذين جادت بهم أرض الجود تافيلالت الفنان الخطاط المتألق الشغوف بفن الخط والعاشق لأهله أينما حلوا وارتحلوا، شارك في مجموعة من الملتقيات كعارض وكمشرف ونال العديد من الجوائز، ويستعد لكتابة المصحف الشريف تحت إشراف من أبيه الروحي وأستاذه الذي لم يخفي دوره الكبير في ذيوع صيته واتساع شهرته كفنان على الصعيد المحلي والوطني، إنه خطاط الرمال الذهبية الفنان احماد أوداني الذي كان لنا معه هذا الحوار: س – أهلا وسهلا بك الفنان احماد أوداني وشكرا على استجابتك لدعوة موقع قصر السوق في البداية نود أن نعرف من هو احماد أوداني؟ ج- بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أولا وقبل كل شيء شكرا أخي على هذه الدعوة. احماد أوداني شاب طموح من مواليد 22 شتنبر 1987 بقصر هارون بالريصاني خطاط عصامي وباحث في مجال الخط، كثير الاهتمامات متعدد الميولات من قبيل النحت والزخرفة والتصميم الرقمي والتصوير الفوتوغرافي، والسينما الوثائقية، والعمل الجمعوي الذي يعتبر قناة من قنوات تواصل الفنان مع المجتمع بمختلف شرائحه، اخترت لنفسي لقب خطاط الرمال الذهبية إعتزازا بالمؤهلات الطبيعية التي يزخر بها قصر هارون وتافيلات بصفة عامة وعلى رأسها الرمال الذهبية الساحرة.. س – متى وكيف كانت بداياتك مع فن الخط؟ ج - منذ صغري كان لي ميل كبير نحو الخط وقد بلغ هذا الميول ذروته عندما كنت تلميذا بثانوية الحسن الثاني بالريصاني، وكان إعجابي بالجداريات والكتابات الخطية التي كانت تزين جدران المؤسسة وغيرها من المؤسسات التعليمية وراء الرغبة في الدخول إلى عالم الخط والتمرن عليه والإحتكاك بأهله وممارسيه كمصطفى وديرو الذي يتابع دراسته بكلية العلوم بمكناس، وعزيز بريكي الذي إلتحق بصفوف الجيش، ومصطفى اسماعيلي الذي يقيم حاليا في الديار الفرنسية. وأود أن أحكي لك قصة حدثت لي بثانوية الحسن الثاني التي تعتبر نقطة انطلاقتي مسيرتي الإبداعية، وهي أنني ذات يوم عثرت على قلم من نوع pluma في ساحة المؤسسة أثناء فترة الاستراحة، فأخذته وذهبت به إلى السيد الناظر إدريس حاجي فقال لي لي احتفظ به عندك فإنك ستحتاجه في يوم من الأيام.. وبعد مرور أربعة أشهر على هذا الحدث دفعني فضول المعرفة إلى التساؤل عن كيفية استعمال هذا القلم فاشتريت الأوراق والحبر وغيرها من الأدوات للبداية في الكتابة. وبعد مرور سنتين تقريبا على بدايتي أتيحت لي فرصة كتابة أول لافتة بمناسبة يوم دراسي حول التصحر والتي نالت إعجاب التلاميذ ورضى الأساتذة وعلى رأسهم أستاذي العزيز بوزكراوي مولاي رشيد الذي لم يذخر جهدا في تقديم الإرشادات والنصائح لي ومساعدتي في الدراسة والبحث في فن الخط، وتلقيني مجموعة من التقنيات والمستجدات في الخط وتقطيع الخشب والتصوير الفوتوغرافي والتصميم الرقمي إلى غير ذلك.. وبعد حصولي على شهادة البكالوريا في الدورة الاستدراكية سجلت بكلية الأداب والعلوم الإنسانية بمكناس التي كانت وبكل صراحة من أهم المحطات في حياتي الفنية وقناة من قنوات الانفتاح على عالم الخط اللامتناهي والتعرف على بعض رواده كعبد الرحيم ڭولين والخطاط الكبير محمد أمزيل الذي استفدت كثيرا من تجاربه في أعمالي الفنية. س- ما هي الأساسيات التي ساهمت في نشأتك كفنان؟ ج – من أهم الأساسيات التي ساهمت في نشأتي كفنان: أولا انتمائي لأسرة فنية تعشق الفن وتهواه فأبي بالمناسبة كان من رواد فن البلدي والعازفين على العود بالمنطقة والمولعين بفن الملحون كذلك، فقد عاشر مجموعة من الرواد في هذين الفنين وعلى رأسهم المرحوم الحسين التولالي، والمرحوم محمد باعوت. ثانيا: تواجدي بمحيط يعج بالخطاطين والتشكيليين والأساتذة الباحثين الذين لا يكفون على تشجيعي لمواصلة السير في درب فن الخط وعلى رأسهم أستاذي العزيز بوزكراوي مولاي رشيد الغني عن التعريف وهو فنان وخطاط من الطراز الرفيع، والذي أعتبره الأب الروحي بالنسبة لي، لهذا فكل ما يمكن أن أقوله من كلمات في حق هذا الرجل فلن تفي ولن تكفي.. ثالثا: لقب فنان خطاط الذي منحه لي الأصدقاء والمعجبين بأعمالي على الصعيد المحلي والوطني والذي أعتبره تكليفا قبل أن يكون وسام تشريف، يجعلني أقدر المسؤولية الملقاة على عاتقي فأجد واجتهد. س – ما هي حدود مساعدة الأسرة لك؟ ج – الحمد لله أنتمي إلى أسرة متواضعة ومحافظة على ثقافتها الأصيلة كسائر الأسر بالجنوب الشرقي تعشق الفن وتهواه كما قلت لك، لهذا فإنها لا تتأخر في مساعدتي في أعمالي الإبداعية ولا ترد لي طلبا، وبهذه المنسبة أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لوالدي الغاليين على جهودهما الجبارة من أجلي كابن وكخطاط بل ومن أجل الرقي بالخط العربي على الصعيد المحلي والوطني كذلك، فمن أجمل ما تعلمت من أبي الذي يعتبر فن الخط العربي بأنواعه وألوانه من فنون الصورة أن الفن إدراك. س – هل هناك خطاطين تأثرت بهم؟ ج – نعم تأثرت بمجموعة من الخطاطين محليا ووطنيا ودوليا أمثال الأخ والصديق مصطفى اسماعيلي الذي يرجع له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في تعلقي بهذا الفن الجميل، كما تأثرت بأعمال أستاذي بوزكراوي مولاي رشيد، وأعمال الأستاذ والفنان الخطاط الكبير محمد أمزيل الذي كان لي شرف اللقاء به في معرض للخط العربي بمدينة مكناس سنة 2008 ومعه مجموعة من الخطاطين المغاربة أمثال محمد المغراوي وعبد الرحيم ڭولين وجمال بن سعيد الخطاط بالديوان الملكي، والخطاط محمد قرماد، والخطاط محمد الخربوشي. كما تأثرت بأعمال الخطاط محمد المعلمي، وبالفنان العراقي الكبير صادق التميمي الذي كنت أحلم لرؤية أعماله ولكن شاءت الأقدار أن ألتقي به وجها لوجه في أحد المهرجانات بالمحمدية السنة الفارطة، كما تأثرت بأعمال الخطاط آل رضوان من المملكة السعودية، والأستاذ خضر البورسعيدي من مصر، إلى غير ذلك من الفنانين.. س- لتقريب القراء الكرام لفن الخط نود أن نعرف ما هي الأدوات التي تستعملها في أعمالك؟ ج – الفنون بصفة عامة، وفن الخط بصفة خاصة يحتاج إلى مجموعة من الأدوات لإنجاز أعماله على أكمل وجه، فأنا شخصيا استعمل مجموعة من الأدوات في أعمالي منها التي أقتنيها في المتاجر ومنها التي أبتكرها بنفسي. استخدم الحبر الصيني ذو جودة عالية استورده لي أستاذي بوزكراوي من سويسرا، بالإضافة إلى الأحبار التقليدية المعروفة، ومؤخرا استخدم حبرا عبارة عن خليط لمجموعة من المواد أقوم بإعداده شخصيا. أما الأقلام فأستخدم القصبية منها واستخدم كذلك الريشة المعدنية والريشة التقليدية المصنوعة من ريش الطاوس بالإضافة إلى مجموعة من الأقلام الخاصة التي أشتريها أو أحصل عليها في اللقاءات والمسابقات والورشات والدورات التكوينية في مجال الخط.أما الأوراق فإني استخدم نوعا من الورق يسمى القرطاس أو المقهر كما يسمى قديما أعده بنفسي، والورق المسقول الذي أشتريه في مكناس والدار البيضاء بالمطبعات الكبرى. أما في اللوحات التشكيلية فاستخدم "لطوال" كمادة أولية، وصباغة "الكواش" بالإضافة إلى مواد تقليدية أخرى. أما في الأعمال الخشبية فكمادة أولية استعمل الخشب، وقاطع من نوع خاص قدمه لي أستاذي بوزكراوي الذي علمني هذا الفن كما قلت لك سابقا، إلا أن أهم المشاكل التي أصافها في هذا الفن الدقيق هو عدم توفر ما يسمى "اللامات" التي تعتبر أداة أساسية في التقطيع، أما فيما يخص التصميم الرقمي فإني أتابع مستجدات البرامج في هذا المجال. س – أكيد شاركت في مجموعة من الملتقيات على الصعيد المحلي والوطني هلا حدثتنا عن بعضها؟ ج – بالنسبة للمشاركات متعددة والحمد لله منها ما هو محلي وما هو وطني منها: إقامة معرض بثانوية الحسن الثاني بالريصاني بعنوان الفن حياة سنة 2006 إقامة معرض بنفس الثانوية بعنوان ألوان وحروف سنة 2007 ،وإقامة معرض بمركز الدراسات والبحوث العلوية بالريصاني بعنوان حروف في نفس السنة. وفي سنة 2008 أقمت ثلاث معارض بالاشتراك الأول بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، والثاني بأحد الفنادق بمرزوكة، والثالث بأحد الفنادق كذلك بتنغير رفقة مجموعة من الفنانين من اسبانيا وفرنسا. وفي سنة 2009 فزت بالمرتبة السابعة في إطار المسابقة الوطنية للخطاطين الشباب أقل من 30 سنة التي نظمتها جمعية فنون المغرب العربي بوجدة. أما سنة 2010 فقد كانت حافلة والحمد لله بالعديد من المشاركات منها إقامة معرض بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، والمشاركة في المهرجان الوطني الرابع للفنانين التشكيليين الشباب بالمحمدية، ثم المشاركة بلوحات لم (أحضر شخصيا) في المعرض الدولي للخطاطين الشباب بالجزائر، والمشاركة في فعاليات مهرجان زاكورة في دورتيه الأولى والثانية، بالإضافات إلى مشاركات متعددة في تسيير وإدارة مجموعة من المعارض الوطنية للفن التشكيلي، ليبقى فوزي بالمرتبة الأولى في المهرجان الإقليمي للتشكيليين الشباب بالرشيدية أهم ما ميز سنة 2010 بالنسبة لي. س – ما هي رسالتك الفنية؟ ج – رسالتي والحمد لله واضحة ألا وهي إعطاء القيمة الحقيقية والمستحقة لهذا الفن والرقي به، والاهتمام به بحثا ودراسة وتدريسا للأجيال الصاعدة وتطويره وفق القواعد التي وضعها القدماء لهذا الفن الأصيل الجميل، فليس العيب أن نستفيد من التكنولوجيا من خلال برامج التصميم وغيرها ولكن العيب هو أن تكون هذه التكنولوجيا عاملا من عوامل القضاء على هذا الفن العريق. س – ما هي مشاريعك المستقبلية؟ ج – لدي مشاريع والحمد لله أولها المشروع الكبير الذي تأخرت في بدايته لأسباب خاصة وهو كتابة المصحف الشريف بإشراف من أستاذي مولاي رشيد بوزكراوي في الإرشاد والتوجيه، والإئمامين عبد الحي العمراوي والمبروك الهلالي في ضبط الرسم القرآني، كما لدي مشروع معرض مشترك مع الصديق الفنان التشكيلي راضوان القرصي، كذلك مشروع معرض في نهاية السنة والذي سأعرض فيه آخر إبداعاتي الفنية، وحاليا أستعد لتصوير وإخراج فيلم وثائقي حول قصر هارون، كما اشتغل على كتاب حول الخط أرجو الله أن يرى النور قريبا. وبالمناسبة أود أن أخبركم بأنني انتهيت رفقة أستاذي مولاي رشيد بوزكراوي من إنجاز أكبر لافتة للخط العربي والتي يبلغ طولها تقريبا 79 متر كلمة ختامية؟ ج – أود أن أشكر جزيل الشكر بوابة قصر السوق على هذه الالتفاتة الطيبة، مع تحية حارة للأستاذ محمد السهول والأستاذ إبراهيم أوبزة والأخ والصديق مصطفى جابري، وصابر عبد الإله وعشابو إبراهيم أصدقاء الطفولة، مع تحية خاصة إلى الأخ مصطفى اسماعيلي وعمرو أوباني ورضوان القرصي وأسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لخدمة الوطن الجميل من خلال هذا الفن الأصيل. حاوره عمر حمداوي