يأتي عقد الدورة الثانية والعشرون لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ(COP22) بمراكش ما بين 07 و18 نونبر 2016 في سياق جد مضطرب يعاني فيه المغرب وضعا مقلقا ومعقدا بسبب الجفاف الذي توالت سنواته، وهو جفاف بنيوي مرده الموقع الجغرافي للمملكة وندرة الموارد المائية، حيث تشير الدراسات إلى أن بلادنا بمناخها الشبه الجاف باتت تتوفر على موارد مائية محدودة لا تتجاوز 29 مليار متر مكعب سنويا، لا يعبأ منها تبعا للإمكانيات الاقتصادية والتقنية المتوفرة إلا ما يقارب 19 مليار متر مكعب، كما تتميز الموارد المائية بمحدوديتها وعدم توازنها بين مختلف الأحواض المائية، فمنطقة الساحل الأطلسي تضم وحدها 70% من الموارد المائية في البلاد. أما بخصوص الوضعية المائية لجهة طنجةتطوانالحسيمة فهذه المنطقة تحظى بإمكانات مائية تقدر ب 3,6 مليار متر مكعب في السنة ويتكون الجزء الأكبر من هذه الإمكانات من90% من جريان المياه السطحية مما يعني سهولة تعرضه للتغيرات والاضطرابات المناخية. وعلى هذا الأساس فالمنطقة مقبلة على مواجهة تحديات كبيرة على مستوى مواجهة الإكراهات التدبيرية المتعلقة بالموازنة بين العرض والطلب على الماء، إذ أنه أمام محدودية الموارد المائية سيقل معدل حصول الفرد على الماء من 730 متر مكعب للفرد في السنة حاليا إلى 520 متر مكعب في السنة في أفق 2020، ويفاقم من حجم هذا الوضع مشكل انجراف التربة وتوحل حقينات السدود حيث يؤدي ذلك إلى فقدان ما يقارب 75 مليون متر مكعب من سعة التخزين سنويا، إلى جانب العديد من الإكراهات المتعلقة بالاستغلال المفرط للمياه الجوفية وبضعف تثمين الموارد المائية المعبأة. ولقد تمت لحد الآن تلبية الطلب على الماء باللجوء أساسا إلى تعبئة الموارد المائية وذلك بتشييد السدود ومد القنوات وحفر الآبار لاستغلال المياه الجوفية، إلا أن هذه المقاربة لن تستطيع لوحدها مجاراة تزايد حاجيات البلاد على المدى المتوسط والبعيد. ومن هذا المنطلق عمل المغرب بحكم خصوصيات موقعه الجغرافي وهشاشة أنظمته البيئية على مواجهة هذه التحديات من خلال الدفع بالجهود الدولية للتوصل لاتفاق حول الحد من انبعاثات الغازات المسببة للإحتباس الحراري، وكذا التكيف مع التغيرات المناخية عبر محاولة إيجاد حلول ومقاربات للتخفيف من آثارها ومواءمتها مع المتطلبات التنموية، حيث ترتكز إجراءات التكيف بالأساس على إستراتيجية الماء التي أطلقت سنة 2009 وبعض عناصر"مخطط المغرب الأخضر" الذي أطلق سنة 2009 لتشجيع الفلاحة. أما على مستوى تدابير التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة فهي بالأساس تدابير ذات صلة بالفعالية الطاقية وإنتاج الطاقات المتجددة، وتهم إجراءات الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بالمغرب قطاعات الطاقة، والنقل، والنفايات، والصناعة، والزراعة، والغابات والبناء. إن أهمية الرهان المائي لمستقبل البلاد يجعل منه موضوعا مجتمعيا ذو أهمية قصوى، فعلى جميع مستويات المجتمع تقوم سياسة الماء على عدة اعتبارات وتحاليل لدراسة حدود ونواقص النظام الحالي، فأغلبية هذه التحاليل تجد صعوبة لتطويق الوسائل الحقيقية لسياسة متميزة، إما لأن هذا الخطاب يتمركز أساسا على التقلبات التي لا تخضع للتدخل البشري كالتساقطات المطرية، وإما لمعرفة غير كافية بالميكانزمات الفعلية للتدبير حيث لا يهتم هذا الخطاب التحليلي بميادين التدخل الأساسية التي يمكن تحسينها بصفة موسعة. وهكذايتعين على المغرب الذي يقع في منطقة البحر الأبيض المتوسط الشديدة التأثربالتغيرات المناخية والتي تمتاز بالهشاشة على مستوى الأنظمة الإيكولوجية، وضع سياسة مائية مندمجة تقوم على التكيف مع تحديات التغير المناخي، كما لا ينبغي أن تكون صياغة هذه السياسة ظرفية أو موسمية مرتبطة بمناسبات "إيكولوجية" أو"اقتصادية" أو"انتخابية"، بل ينبغي لها أن تكون سياسة على المدى الطويل تقوم على نهج مقاربة وقائية شاملة لتدبير مندمج واقتصادي للموارد المائية. * باحث جامعي