اختارت الجزائر خطابا "لطيفا" تجاه المغرب في ما يخص قضية الصحراء؛ وذلك في إطار استعداد مسؤوليها للزيارة المنتظرة إلى عاصمة المملكة العربية السعودية خلال الأيام القادمة، وهو ما اعتبره متتبعون محاولة ل "التهرب من أي وساطة دولية" في الموضوع، خاصة من طرف "أصدقاء المغرب". وفي هذا الإطار، قال عبد المالك سلال، الوزير الأول الجزائري، إن "المغرب بلد جار وشقيق، بيننا نقاط خلاف عالقة. والجزائر تفضل مقاربة شاملة تطرح فيها القضايا في حوار مباشر كي يتمكن البلدان من التفرغ للمهمة الأسمى، وهي بناء اتحاد المغرب العربي كما تتطلع له شعوبنا". سلال، وفي تصريح لصحيفة الشرق الأوسط، قال: "قضية الصحراء الغربية ملف بين يدي منظمة الأممالمتحدة، وهي الآن محل مسار سياسي تفاوضي بين المملكة المغربية والبوليساريو على أساس مبدأ حق تقرير المصير"، مضيفا: "الجزائر تدعم هذا المسار، وتتمنى نهاية سريعة للمفاوضات وحلا نهائيا وعادلا لهذا النزاع". تصريحات سلال اعتبرها أحمد نور الدين، باحث في ملف الصحراء، تندرج في إطار التحضير للزيارة إلى المملكة العربية السعودية خلال الأيام المقبلة، التي ستتمحور حول محاولة إقناع السعودية بخفض الإنتاج النفطي لرفع الأسعار. وفي تصريح لهسبريس، أبرز نور الدين أنه في إطار التحضير لهذه الزيارة وردت أسئلة حول علاقة الجزائر والمغرب، وأن جواب سلال حولها يندرج تحت عنوان "سياسة التضليل التي تمارسها الجزائر في إطار علاقتها بأصدقاء المغرب، سواء كانوا عربا أو لا، لاعتبارات عدة؛ أولها رفض الوساطة بينها وبين المغرب". وأفاد المتحدث بأن "الجزائر تتفادى الضغوط السياسية الدولية عليها للقبول بأي وساطة لترفع يدها عن ملف الصحراء"، مضيفا أن "ادعاءها بأن المغرب بلد شقيق يسمح لها بتفادي هذه الوساطة التي إذا ما تمت ستكذب ادعاءاتها بكونها بلدا محايدا"، واعتبر أن "الوساطة من أي دولة ستؤدي إلى انفضاح الجزائر أمام هذه السلسلة من الأسئلة التي يطرحها المغرب". الباحث في قضية الصحراء أورد أن "المغرب لا يطلب من الجزائر سوى تطبيق ما تدعيه"، وقال: "تدعي أنها محايدة والعكس هو ما يتم؛ فهي التي تمول الانفصاليين فوق تندوف، وهي التي تحتضن القواعد العسكرية للبوليساريو، وهي من يمول تسليحهم ودراستهم في مدارسها العسكرية، وغيرها من التحركات التي تثبت عدم حيادها". ولم يفوت نور الدين الفرصة دون التذكير بالتصريحات الرسمية للمسؤولين الجزائريين حين انعقاد القمة المغربية الخليجية بالرياض، قبل أشهر مضت، صرحت خلالها السعودية بكونها تدافع رفقة دول الخليج عن مغربية الصحراء، مبرزا أن "تصريحات المسؤولين الجزائريين كانت تهاجم المملكة العربية السعودية مباشرة وتتهمها بالتدخل في ما لا يعنيها". وعدّد المتحدث ردود الفعل الجزائرية التي أعقبت هذه القمة ووصفها ب "العدائية"، قائلا إن الجزائر "اتجهت إلى إرسال ثلاثة مبعوثين فوق العادة إلى محور الشر المناهض لدول الخليج العربي؛ إذ توجه رئيس الحكومة عبد المالك سلال إلى موسكو وصرح خلال زيارته بأن الجزائر مع الإبقاء على نظام بشار الأسد بسوريا، كما قام رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية، بزيارة إلى طهران، فيما توجه عبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي، إلى دمشق في عز المجازر التي ترتكب ضد الشعب السوري".