لم يكن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعين، ليهدد بالعودة إلى الملك محمد السادس في حال فشل في تشكيل الحكومة المكلف لو لم يستشعر بأنه وصل إلى الباب المسدود في مفاوضاته مع الأحزاب الممثلة في البرلمان. بنكيران قال، أمام أعضاء الأمانة العامة لحزبه وقبلها اللجنة الوطنية، "سأعود لجلالة الملك وأخبره بأني فشلت في تشكيل الحكومة"، رافضا فكرة حكومة أقلية مثل ما نادت بها عدد من قيادات العدالة والتنمية، مبررا رفضه لهذا التوجه؛ "لأن فيه شبهة سأكون مضطرا للاستعانة بالمعارضة، وهذا سيدخل البلاد في متاهة سياسية"، على حد قول أمين عام المصباح. وفي الوقت الذي لم تحدد فيه الوثيقة الدستورية آجالا تلزم رئيس الحكومة بتشكيل حكومته، بالإضافة إلى غياب بديل عن الحزب المتصدر للانتخابات، وهو ما ينص عليه الدستوري صراحة، يرى الباحث في القانون الدستوري أمين السعيد أن "هناك فراغا دستوريا فيما يتعلق بالمدة الدستورية"، موضحا أنه "عند استقراء بعض النماذج المقارنة في هذا السياق، نجد بعض التشريعات الدستورية التي تحدد مدة دستورية لتشكيل الحكومة، وعرض برنامجها الحكومي". الباحث في علم السياسة بجامعة محمد الخامس بالرباط سجل، في تصريح لهسبريس، أنه "يصعب توصيف مسلسل المشاورات الحكومية التي يجريها رئيس الحكومة المكلف مع قيادات الأحزاب السياسية بكونها وصلت إلى الباب المسدود"، مبررا ذلك بكون "دستور 2011 لم يحدد بدقة الجواب الدستوري والسياسي على إشكالية تعذر حصول رئيس الحكومة المكلف على تحالفات حزبية تمكنه من ضمان أغلبية مريحة داخل مجلس النواب". السعيد أكد، في توضيحاته للجريدة، أن "الممارسة، في ظل دستوري 1992 و1996 وفي ظل التجربة الحكومية الأولى من دستور 2011، بيّنت أن الزمن السياسي يعرف نوعا من التأخر في تشكيل الحكومة"، مرجعا ذلك إلى "طبيعة المشهد السياسي المبلقن، وبفعل تعدد سلطات المتدخلين في تشكيل الحكومة". "أمام صمت المشرع الدستوري على مسألة فشل رئيس الحكومة المكلف، وأمام سكوت القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، والوضع القانوني لأعضائها يمكن أن نخرج بملاحظات أساسية"، يقول السعيد الذي أبرز أن الملاحظة الأولى "أنه لا يمكن تعيين الحزب الثاني، لكون الفقرة الأولى من الفصل 47 من دستور 2011 ربطت بشكل غير قابل لأي تأويل تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لأعضاء مجلس النواب"، مشيرا من جهة ثانية إلى أنه "لا يتصور من الناحية الدستورية تعيين رئيس الحكومة من خارج الحزب المتصدر". وفي هذا الاتجاه، يرى المتحدث نفسه أنه "في حالة فشل رئيس الحكومة، يمكن اللجوء إلى أحد الحلين؛ الأول عودة رئيس الحكومة المكلف إلى الملك وتقديمه استقالته، وتعيين الملك لشخصية من الحزب نفسه مضيفا أنه "سيتم منحه فرصة إجراء مفاوضات لتشكيل الحكومة من جديد". ويتمثل الحل الثاني، حسب الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، في تقديم رئيس الحكومة المكلف لاستقالته طبق للفقرة السادسة من الفصل ال47 والفصلين ال42 وال99 من دستور 2011 ودعوة الملك إلى إجراء انتخابات مبكرة.