لا أعرف على أي فصل من الدستور اعتمد الذين يقولون بإمكانية تعيين رئيس الحكومة من الحزب الثاني أو من خارج الأحزاب السياسية في حال فشل الحزب المتصدر للانتخابات في تشكيل أغلبية، حتى يخرجوا بهذا الاستنتاج؟ إن الدستور المغربي لسنة 2011 واضح في الفصل 47 منه الذي ينص في فقرته الأولى على أن "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها". صحيح أن الدستور فيه فراغ من هذه الناحية، ولم يعط حلا في حالة فشل الحزب المتصدر للانتخابات في تشكيل أغلبية مريحة، أو في حالة تعادل حزبين في عدد المقاعد، ولكن أن يجتهد البعض ويقول بإمكانية الذهاب للحزب الثاني أو لشخص تكنوقراطي ضدا على منطوق الدستور فهذا يجانب الصواب في العديد من الجوانب. أولا: الدستور تحدث صراحة عن تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر الانتخابات وهو ما يعني حصر التعيين في الحزب الذي نال المرتبة الأولى فقط دون غيره، والنقاش هنا منصب حول حرية الاختيار للملك من داخل الحزب فقط (الأمين العام أم أي عضو آخر). ثانيا: ينبغي قراءة الدستور في شموليته، فالدستور وإن كان فيه فراغا بخصوص ما العمل في حالة فشل الحزب المتصدر في تشكيل الحكومة، فهو ينص كذلك على ثوابت المملكة ومنها الخيار الديمقراطي، والخيار الديمقراطي يقتضي الاحتكام إلى صناديق الاقتراع دون تحويرها تحت أي مبرر كان، وبالتالي تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي أعطاه الناس أصواتهم في الانتخابات التشريعية وبوؤوه المرتبة الأولى ليسير شؤونهم. ثالثا: الإعتماد على الفصل 42 من الدستور للخروج باستنتاج تعيين رئيس الحكومة من خارج الحزب المتصدر للانتخابات هو قراءة مغلوطة للفصل، لأن الأخير يتحدث عن اختصاصات المؤسسة الملكية باعتبارها".. ضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي...". إن هذا الفصل يعضد ويزكي الفصل 47 على اعتبار أنه يتحدث عن اختصاصات الملك في شموليتها، ويبقى الفصل 47 من الدستور إحدى تفاصيل هذه الاختصاصات، فالملك إذن هو الساهر على احترام الدستور وهو ما يفضي إلى أن تعيين رئيس حكومة خارج الحزب المتصدر عمل غير دستوري، كما فيه إضرار وضرب للخيار الديمقراطي. وليس في هذا الفصل ما يمكن الاستناد عليه للقفز على الفصل 47 من الدستور. رابعا: بربط المعطيات أعلاه وللتمكن من تطبيق فعلي للفصل 47 وفي ظل الفراغ الدستوري يبقى الحل هو إعادة الانتخابات على غرار باقي الديمقراطيات العريقة. وبذلك ستفرز أغلبية جديدة تمكن الحزب المتصدر من تشكيل تحالف، وتمكن بالتالي من تطبيق الفصل 47 من الدستور. غير هذا فإنه يبقى غير دستوري، وغير ديمقراطي. *باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية جامعة محمد الخامس بالرباط-أكدال-