أدان المعهد العالي للصحافة بالعاصمة الفرنسية باريس ما تعرضت له سهى العماري، الطالبة الصحافية في السنة الثالثة بالمؤسسة ذاتها، وابنة إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في وقفة احتجاجية نظمت مؤخرا بباريس، تضامنا مع بائع السمك الراحل محسن فكري. واتهم معهد الصحافة الفرنسي، في بلاغ لرئيسه غيوم جوبان توصلت به هسبريس، أعضاء في الحزب الاشتراكي الموحد، كانوا يشاركون في الوقفة الاحتجاجية، بكونهم "طالبوا سهى العماري بمغادرة المكان، وبأن تمنحهم كاميرا التصوير، وأن تدمر الشريط، كما وجهوا لها عبارات من قبيل "والدك عدو للحرية"، و"أبوك رجل المخزن"". ووصف المصدر ذاته الواقعة بكونها "نوعا من الشمولية التي تخالف القوانين المعمول بها داخل فرنسا حيال ابنة العماري وزميلتها الصحافية التي كانت برفقتها، واللتين لم تقوما سوى بعملهما المهني؛ ضدا على قيم الديمقراطية وحرية التعبير، خاصة منها حرية الصحافة". العماري ومنيب نجلة العماري عبرت عن موقفها مما حدث لها بالقول في "تدوينة فيسبوكية"، إنها كانت "ضحية لقمع لم تستعمل فيه عصي ولا مسدس وظيفي، قمع لم تنزف إثره قطرة دم، قمع عذب ومزق وشتت واستشهد على إثره مفهوم النضال وعطر الإنسانية التي تفوح منه". وتابعت العماري: "من اتهموني اليوم ظلما وأصدروا ضدي حكما سريعا، وحاولوا إجباري على مغادرة مكان عمومي، هم الأشخاص أنفسهم الذين ينددون بفساد القضاء، وعدم توفر شروط المحاكمة العادلة، وهم الذين كانوا يتوددون إلى من سموه اليوم عميل الجلاد، الذي كان أيضا ضحية سنوات الرصاص، ولكنه اختار المصالحة مع الماضي لبناء المستقبل". وامتنع المعهد العالي للصحافة بباريس عن تحديد هوية "المعتدين" على نجلة العماري، في وقت تعرضت القيادية السابقة بالحزب الاشتراكي الموحد، فتيحة أعرور، لحملة عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي، تتهمها بالتهجم على الطالبة الصحافية، فيما نفت المتهمة أي علاقة لها بما حدث. وفي تعليق لها على الموضوع أفادت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، في تصريحات لهسبريس، بأنها لا تتوفر على جميع معطيات ما وقع رغم علمها بالواقعة، مشيرة إلى أن فتيحة أعرور قدمت استقالتها من "حزب الشمعة" منذ أزيد من شهر ونصف. وأوضحت منيب أن "الاشتراكي الموحد ربى مناضليه تربية عالية"، مضيفة: "لا نهاجم أحدا كتابة ولا شفويا، لأن ذلك ليس من ثقافتنا السياسية"، وزادت أن "من حق الجميع الحضور إلى الوقفة الاحتجاجية تضامنا مع بائع السمك"، قبل أن تكمل قائلة: "لا أفهم بتاتا ما الذي دفع أعرور إلى فعل ذلك". أعرور: ليس من أخلاقي من جهتها قالت فتيحة أعرور، في تصريحات لهسبريس، إنها لم تعد يربطها بالحزب المذكور أي علاقة، مشددة على أنها لا تعرف سهى العماري شخصيا، وسبق لها أن شاهدتها منذ سنوات خلت عندما كانت طفلة، وأن أخلاقها لا تسمح لها بالتعرض لأي شخص كيفما كان. وأردفت أعرور بأنه ليس من شيمها ولا سلوكاتها أن تحاسب تلك الطالبة الصحافية بجريرة مواقف والدها السياسية، وقالت: "حتى والدها إلياس العماري أختلف معه سياسيا فقط، ولم يسبق لي أن شتمته أو أهنته.. الاختلاف معه سياسي وإيديولوجيي محض، ولا ذنب لابنته فيه". وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن "من غير المنطقي أن تعمد إلى إثارة مشكلة في الوقفة الاحتجاجية التي تجري تحت أعين الشرطة الفرنسية"، مبرزة أن قناعاتها أكبر من أن تقوم بذلك التصرف الذي اتهمت به من طرف البعض، داعية إلى مشاهدة مقطع الفيديو الخاص بتغطية الوقفة، والذي قالت إنه يثبت براءتها مما نسب إليها. وبخصوص من يكون وراء اتهامها بمحاولة طرد وتعنيف ابنة العماري وسط الوقفة الاحتجاجية بالعاصمة الفرنسية، أوضحت أعرور أنها لا تستبعد أن يكون لمن سمتهم "دخلاء جددا في الحزب الاشتراكي الموحد" يد في ما وقع، قبل أن تستغرب حكم منيب عليها دون أن تتأكد من حقيقة ما جرى.