بخطوات وئيدة بدا الملك محمد السادس، وهو ينزل بضعة أدراج في اتجاه النصب التذكاري الذي شيد تكريما لضحايا الإبادة الجماعية برواندا، وذلك في منطقة جيسوزي بضاحية العاصمة كيغالي، وهي الإبادة التي راحت بسببها أرواح آلاف الضحايا، بلغ عددهم نحو مليون ضحية. وفيما كان مدير النصب التذكاري هونوري غاتيرا، الذي كان مرفوقا بجون داماسين بيزيمانا، الأمين التنفيذي للجنة الوطنية لمكافحة الإبادة الجماعية برواندا، يشرح حيثيات إقامة النصب التذكاري لضحايا الإبادة الجماعية بالبلاد، ظهر العاهل المغربي منصتا باهتمام لتلك الإفادات. وبعد أن وضع الملك، الذي كان مصحوبا بالأمير مولاي إسماعيل، إكليلا من الزهور على إحدى المقابر الجماعية، حيث دفنت رفات الآلاف من ضحايا الإبادة الجماعية، وبعد أن وقف دقيقة صمت ترحما على أرواح الضحايا، دلف إلى داخل المتحف الذي يضم صور وذكريات الإبادة الجماعية. وظهر العاهل المغربي مستغرقا في التأمل في عدد من صور الأطفال الصغار الذين طالتهم نيران الإبادة المأساوية التي شهدتها رواندا سنة 1994، كما بدا وهو يقرأ بعض المعطيات والشروحات التي توضح سياق ما جرى، وظروف وقوع تلك المأساة الإنسانية الأليمة التي هزت العالم بأسره. ولم يفوت الملك محمد السادس فرصة حضوره إلى مركز النصب التذكاري، حيث بادر تسطير عبارات في الدفتر الذهبي، حيث كتب بخط يده ما يلي: "إن الإبادة الجماعية فترة مظلمة في تاريخ وذاكرة الشعب الرواندي، بل إنها مأساة إنسانية ستظل تسائل ضمير البشرية جمعاء". وتابع الجالس على عرش المملكة بنبرة تفاؤلية في المستقبل: "رواندا اليوم تفتح ذراعيها للحياة، بثقة في الحاضر، وأمل وتفاؤل في مستقبل واعد، تسوده المحبة والتعايش والوئام، والأمن والاستقرار"، قبل أن يوقع في الدفتر الذهبي للنصب التذكاري بعبارة "محمد السادس ملك المغرب". ويضم مركز النصب التذكاري لجيسوزي، الذي دشن في أبريل 2004 بمناسبة الذكرى العاشرة للإبادة الجماعية الرواندية، ثلاثة معارض دائمة تقدم ظروف وقوع هذه المأساة، وأسباب تأجيج التوتر بين الجماعات الإثنية بهذا البلد الواقع في شرق إفريقيا، والتي أدت إلى اندلاع الإبادة الجماعية ووقائع هذه المأساة. وتعتمد مختلف المعارض في مركز النصب التذكاري لجيسوزي على صور وأشرطة فيديو وشهادات موثقة ومقالات مختلفة، وكذا على عدد من الملصقات. وشيد هذا النصب التذكاري تكريما لمجموع ضحايا الإبادة الجماعية، وهو يشكل آلية قوية للتحسيس موجهة إلى الأجيال المقبلة.