حذر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مما أسماه "النتائج الوخيمة لاستعمال المال والدين في العملية الانتخابية"، ومن مغبة "الانحراف عن المسار الانتخابي السليم، والانسياق وراء الأفكار المضللة والسلوكات المشينة التي من شأنها الإضرار بصورة البلاد وإشعاعها"، حسب تعبيره. وأورد الحزب ذاته، في بلاغ توصلت به هسبريس، أنه في خضم حملته الانتخابية ليوم السابع من أكتوبر، تلقى رسائل وبيانات، من طرف مئات الشخصيات والمثقفين والأطر، من مختلف الفعاليات الوطنية، من كتاب وشعراء وفنانين وصحافيين وأساتذة باحثين وأطباء وصيادلة ومهندسين ومحامين ورجال أعمال، عبروا فيها عن عزمهم دعمه، كقطب رئيسي في قوى اليسار. وشدد التنظيم السياسي ذاته على أنه "تم إجهاض الانتقال الديمقراطي الذي كان من الممكن أن يسمح به الدستور الجديد، بعد أن منحت الرتبة الأولى في الانتخابات السابقة لأوانها لحزب كان باستمرار، منذ نشأته، معاديا للمطالب الديمقراطية الحداثية، وكرس ذلك بمختلف السياسات اليمينية التي مررها في الحكومة والبرلمان، على كل الواجهات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية"؛ وذلك في إشارة واضحة إلى حزب العدالة والتنمية، القائد للأغلبية الحكومية. وحذر "حزب الوردة" من وجود محاولات للتمدد والتغلغل في أوساط المجتمع، "تُروج خطابا متشددا وتأويلا متطرفا ومتزمتا وظلاميا للدين الإسلامي، يضرب الحريات الجماعية والفردية وحرية الفكر والإبداع، بهدف الهيمنة السياسية، وبناء مشروع مجتمعي، مناقض كلية، لما ورد في الدستور، الذي ينص على أن المغرب بلد متعدد الهويات والروافد الثقافية ومنفتح على الحضارات الإنسانية"، حسب البلاغ المذكور. حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عاد إلى كلام كاتبه الأول، الذي تحدث سابقا عن التدخل الأجنبي في الشأن السياسي المغربي، وقال: "أكدت التطورات الخطيرة التي تشهدها عدة بلدان عربية أن التيارات الرجعية متحالفة مع التدخل الأجنبي، الذي يتخذ عدة أوجه، ولم تؤد إلا إلى إشعال نار الفتنة، والحروب الأهلية، وتفشي الإرهاب، وتمزيق وحدة الأوطان، لذلك يحذر الحزب من كل محاولات التدخلات الأجنبية". وندّد الحزب ذاته بما أسماه "استعمال المال في بعض الحملات الانتخابية"، واسترسل: "ندين المظاهر السلبية والمشينة التي رافقت العديد من الحملات الانتخابية، من استعمال المال والدين من طرف تجار الانتخابات وتجار الدين، ما يضرب في الصميم تطلعات الشعب المغربي، التواق للحياة الكريمة ضمن مجتمع ديمقراطي حداثي، أفقا لمغرب اليوم والمستقبل، المحتضن لكل التحديات الرافعة للوطن الحر المبدع". ورفض الاتحاد الاشتراكي بدوره الحديث عن القطبية الحزبية المتداولة قبيل انتخابات السابع من أكتوبر الجاري، والتي وصفها ب"الوهم"، مؤكدا على أن "الحل الديمقراطي، لمجمل الأوضاع والمخاطر، ليس هو الترويج لأطروحة قطبية مفتعلة ومصطنعة، ليست سوى وهم، لا يستند إلى أي تحليل ملموس وعلمي، سوى زرع اعتقاد خاطئ بأن هناك خطا ثالثا، يعطي، عمليا، المصداقية لوجود خطين خارج المشروع الديمقراطي الحداثي، الذي يواجه اليمين بمختلف تلاوينه". واعتبر التنظيم ذاته أن الترويج لأطروحة القطبية "اجتهاد غير موفق"، موردا أن من شأنه "تبرئة ذمة الحزب الذي تحمل المسؤولية الرئيسية في تدبير الشأن العام"، في إشارة إلى "البيجيدي". وأضاف: "ما يتم ترويجه يمْنح، بشكل مجاني، فرصة التنصل من السياسة اليمينية والتسلطية التي قدمت خدمات للمركب المصالحي/ اللاديمقراطي، كما يساهم عمليا في تشتيت القوى الديمقراطية، بدل تجميعها، ما يخدم الرجعية والتسلط، كما حصل في عدة تجارب انتخابية شهدتها بلادنا، إذ إن تشردم قوى اليسار أدى عمليا إلى تفوق اليمين، انتخابيا، بمختلف تشكيلاته، وأتاح له الفرصة لتنفيذ سياساته، المعادية، للديمقراطية وحقوق الإنسان، والمناهضة لمبادئ المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروات". وأكد الحزب ذاته أن قوى اليسار، مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، برص صفوفها وتكتلها، من أجل الحصول على نتائج تمكنها من الفعل الحقيقي في السياسات العمومية، واقتراح البدائل والتغيير والإصلاح ومحاربة الفساد، والقدرة على تنفيذ ذلك في أرض الواقع، معتبرا أنه "لا يمكن أن ينجح هذا إلا بدعم القوة اليسارية الأولى القادرة على مواجهة التراجعات الخطيرة التي تمت إلى حد الآن على المشروع الحداثي الديمقراطي".