يستعد المغرب لدخول غمار الاستحقاقات الانتخابية الثانية بعد دستور 2011، وذلك تحت إشراف سياسي لأول مرة من طرف رئيس الحكومة، ولجنة مركزية برئاسة وزيري العدل والحريات والداخلية. ووسط احتجاجات من طرف المعارضة البرلمانية، التي تطالب بلجنة مستقلة تكون مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية، تطرح تساؤلات في الأوساط السياسية المغربية حول مدى قدرة المملكة على اجتياز امتحان نزاهة الاستحقاقات التشريعية، خصوصا أن وزارة الداخلية لازالت المتحكم الرئيسي في العملية برمتها. جواد الرباع، الأستاذ الزائر بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر أن "العملية الانتخابية في الأنظمة الديمقراطية لحظة سياسية مهمة للشعب لتأكيد اختياراته والتقرير في شؤونه العامة عن طريق اقتراع عام شفاف ونزيه"، مشيرا إلى أنه "على خلاف ذلك فإنها داخل الأنظمة غير الديمقراطية تروم تجديد شرعية النظام القائم، وتكريس ديمقراطية الواجهة، وبالتالي تكون التعددية الحزبية القائمة شكلية داخل الحياة السياسية فحسب"، حسب تعبيره. وأكد الباحث ذاته في العلوم السياسية، في تصريح لهسبريس، أن "السلطة المركزية في المغرب توظف مجموعة من الآليات القانونية لتثبيت حضورها القوي والمشدد في الانتخابات"، مؤكدا أن "هذا الأمر يجعل العملية الانتخابية تعرف أعطابا بنيوية تؤثر على المشهد السياسي برمته"، على حد قوله. وفي رصده لآليات الداخلية لضبط العملية الانتخابية، يرى الرباع أن أولها يتجسد في "النمط الانتخابي والتقطيع الذي لا يسمح بوجود أغلبية مطلقة للحزب الذي يتصدر الانتخابات، خصوصا بعد تخفيض نسبة العتبة الانتخابية من 6 إلى 3 في المائة"، مبرزا أن هذا الوضع "يسمح للسلطة المركزية برسم الخريطة الانتخابية وتوجيه التحالفات الحزبية، كما يخدم الكائنات واللوبيات الانتخابية، ويؤدي إلى مزيد من التشرذم الحزبي والبلقنة السياسية"، حسب تعبيره. وأشار الباحث ذاته في القانون الدستوري إلى أن "ظاهرة الترحال السياسي، التي لم يوضع لها حد إلى حدود الساعة، تؤشر على عبثية المشهد السياسي المغربي، وتجعل المواطن يعزف عن العمل السياسي والحزبي"، منبها إلى أن "هذه الممارسات السياسوية تفقد المؤسسات الدستورية والحزبية مصداقيتها، كما تؤشر على ممارسة سياسية هجينة تفتقد فيها الأحزاب السياسية إلى أي مرجعية أو برامج حزبية؛ الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من البلقنة للمشهد السياسي المغربي، والعزوف وفقدان الثقة لدى المواطن في جدوى العملية السياسية، ما يمس شرعية الدولة والمؤسسات الدستورية معا"، وفق منظوره.