فيما تزداد سخونة المواجهة السياسية بين الأحزاب المتنافسة برسم انتخابات السابع من أكتوبر المقبل، يجري صراع آخر في العالم الافتراضي، بسبب الاستحقاقات التشريعية ذاتها، بين أنصار الأحزاب المختلفة، وبين هؤلاء ودعاة مقاطعة الانتخابات، وكلهم وجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي فضاء للتعبير عن آرائهم، وأيضا الدخول في "حروب كلامية" مع خصومهم السياسيين، سواء عبر التعليقات، أو الصور والفيديوهات، والصور المفبركة الساخرة. وبعد مضي حوالي أسبوع على انطلاق الحملة الانتخابية، ظهر جليا كيف أن جل الأحزاب السياسية أولت أهمية لمرتادي المواقع الاجتماعية، وتعمل على استمالتهم، بالإضافة إلى حدة الصراع بين أنصار الأحزاب، من خلال التعليقات والصور ومقاطع الفيديو المهاجمة والساخرة، إلى درجة أن أحزابا اضطرت أكثر من مرة إلى إصدار بيانات تعلن فيها أنه لا صلة لها بصور يتم الترويج لها لمرشحين وشخصيات سياسية. ويرى يوسف سعود، الصحافي المتخصص في التكنولوجيا، أنه "لا يمكن قراءة الزخم الذي يصاحب الحملة الانتخابية عبر شبكات التواصل الاجتماعي دون التدقيق في البيانات المرتبطة بذلك؛ فحسب الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، يتضح أن أزيد من 80 في المائة من استخدامات المغاربة في الإنترنت تركز على الشبكات الاجتماعية، خاصة "فيسبوك"، الذي يستحوذ على حوالي 93 في المائة". وانطلاقا من هذه المعطيات، يؤكد سعود أن الأحزاب السياسية، خاصة تلك التي استعانت بخبراء في التواصل الرقمي، سواء عبر مكاتب متخصصة أو عبر التوظيف، أدركت أهمية معطيات ال"ANRT"، مضيفا أن شبكات التواصل الاجتماعي "منحت الأحزاب السياسية مساحة جديدة وأكثر فعالية في التواصل مع الجماهير، للتسويق لمنتوجها السياسي، أو استهداف الخصوم، عبر "الإشاعة" أو التضليل، في كثير من الحيان"، وفق رؤيته. وحسب يوسف سعود، فإن "بعض الأحزاب تلجأ إلى نشر إشاعة عن خصم سياسي، لأنها تعلم أن حجم انتشارها أكبر من تكذبيها"، معتبرا أن هذا الأمر يدخل في إطار "حروب افتراضية تخوض خلال الأحزاب معارك يحددها المحتوى، وسرعة انتشاره، وكذا عمره الافتراضي، وتتجاوز سقف التعامل السياسي مع المحتوى إلى استهداف رموز وقيادات الأحزاب، وذلك عبر "أسلحة" افتراضية يغيب عنها الحد الأدنى من الأخلاق"، حسب تعبيره. ويؤكد المتحدث ذاته أن هذه "الحروب لم تنطلق مع الحملة الانتخابية، بل مع انطلاق الحكومة الحالية، وكانت منصات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لتعاظمها، خاصة مع سرعة الانتشار، عبر تقاسم المحتوى من قبل صفحات كانت إلى وقت قريب غير معنية بالتنافس السياسي، فأصبح هذا المحتوى يشكل مادة دسمة لرفع تفاعلها". ويخلص سعود إلى أن "الأحزاب السياسية، التي أدركت أهمية منصات التواصل الاجتماعي، واستثمرت بيانات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، سيكون حضورها قويا، وقدرتها على التحكم في تدفق المعلومات عبر المنصات أفضل، وطريقة تفاعلها مع المحتوى أقوى، خاصة تلك التي تتوفر على "خزان بشري افتراضي" مهم، ورأسمال بشري مؤهل للتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي".