دقّت جمعية "بييزاج"، الناشطة في مجال حماية البيئة بمدينة أكادير، ناقوس الخطر بشأن الوضع البيئي بشاطئ أنزا. وقد جاء هذا الموقف على إثر تقريرٍ أعدّتْه بناءً على زيارة ميدانية لخبرائها، حيث جرى الوقوف على استمرار قذف مخلّفات السوائل والدهون والزيوت والأحوال والموادّ السامة القادمة من المصانع والمعامل الموجودة بكثرة في المنطقة؛ وهو ما اعتبرته الجمعية "جريمة" بيئية. وبالرغم من عشرات المحاضر المنجزة في وقتٍ سابق من لدن اللجان الإقليمية المختصّة بخصوص قذف مخلّفات السوائل في شاطئ أنزا، خاصة منها النفايات السائلة والصلبة، وإيفاد لجنٍ بيئية مختلفة إلى عين المكان؛ فإن "التجاوزات الخطيرة وغير المقبولة ما زالت مستمرة، والمملكة المغربية تعكف على تنظيم مؤتمر كوني حول اتفاقية الأطراف للتغير المناخي وحماية البيئة (كوب 22)"، حسب ما جاء في التقرير. وأوْردتْ "بييزاج"، في تقريرها الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، جُملة من مظاهر التلوث البيئي التي يعرفها شاطئ مدينة أنزا، الواقعة غير بعيد عن مدينة أكادير. وفي هذا السياق، ذكرت الهيئة الناشطة في مجال حماية البيئة أنّ بعض الوحدات الصناعية الخارجة عن القانون تلقي بمئات الأمتار المكعبة من مخلفات صناعيةٍ موادَّ كيماويةً وأوحالا ومخلفات الزيوت ذات معايير فيزيائية وكيميائية وبيولوجية وبكتيرولوجية غير عادية تهدد التنوع البيولوجي لطيور النورس وتسبب نفوق الأسماك. وتصل هذه الموادُّ الملوِّثة للبيئة إلى شاطئ أنزا، حسب ما جاء في التقرير، عبر قنوات الصَّرف الصحي المنزلي. وفي هذا الإطار، أفادت الجمعية بأنّ الوحدات الصناعية تلقي هذه الموادّ في قنوات الصرف دون تصفية أولية ضدّا على القانون، الذي يفرض إنشاء محطة للتصفية الأولية بالمنشآت الصناعية لعزل النفايات الصلبة والزيوت وبعض المواد الوحلية، لحماية البيئة البحرية قبل تمريريها عبر قنوات الصرف الصحي لمحطة المعالجة المحدثة بأنزا. وكانتْ محطة التصفية الأوّلية قد أُنشئت بمدينة أنزا، التي تحتضن عددا كبيرا من الوحدات الإنتاجية، والتي تعمل، بالخصوص، في مجال تصبير السمك، سنة 2013. وبالرغم من أنّ "بييزاج" تعتبر أنّ لهذه المحطة منافع؛ فإنّها في الوقت ذاته تؤكّد أنّ إقامتها بمحاذاة شاطئ أنزا له تداعيات كبيرة على البيئة. وانطلاقا من معاينتها للوضع من لدن خبرائها، فقد أوردت الجمعية، في تقريرها، أنّ الوحدات الصناعية "ما زالت تلقي شلالات من نفايات سائلة مباشرة في الشاطئ مختلطة بمواد كيماوية خطرة عديدة، تأتي على الأخضر واليابس في البحر والرمل"، مضيفة أنّ شدّة هذه المركبات الكيميائية والفيزيائية أدّتْ إلى تآكُل قنوات الصرف". وانطلاقا من الأبحاث الميدانية التي أجرتْها بعين المكان، حولَ ما تسمّيه ب"الأفعال الخارجة عن القانون"، التي أدّتْ إلى تسرّب الموادَّ السامّة المضرّة بالبيئة إلى شاطئ أنزا، توصلت الجمعية إلى أنّ السبب راجع إلى استقبال محطة المعالجة والتصفية لكميات كبيرة من النفايات الصناعية الشبيهة بمادة (الماستيك)؛ وهي خليط نفايات سائلة ومركبات كيماوية ودهون، قادمة من إحدى الوحدات المرتبطة بشبكة الصرف الصحي المنزلي، ترسبت على شكل أوحال لزجه عطلت المحطة واختنقت. وحسب ما جاء في تقرير "بييزاج"، فقد أدّى هذا الوضع إلى تسرّب المياه العادمة بداخلها ليلة الجمعة وطيلة يوم الجمعة والسبت الماضيين. وكادت الحداثة، يضيف التقرير، أن تؤدي إلى إتلاف محطة المعالجة، لصعوبة هذه النفايات اللزجة والتصاقها كالعَلق؛ وهو ما اضطر معها التقنيين بشكل طارئ إلى تنفيسها عبر إخراج كميات من هذه النفايات اللزجة والذهنية والزيوت وغيرها في قناة احتياطية ثانية، التي توقفت وتعطلت لمدة يوم ونصف اليوم، لتنظيفها. ووصفت الجمعية حجم الأضرار التي يتكبّدها شاطئ أنزا ب"الكارثي"، ماديا وبيئيا وإيكولوجيا، مشيرة إلى أنَّ زيوتا تطفو فوق مياه البحر، كما أنّ لونْها تغير، "من خلال مواد غريبة لم نعهدها من قبل، لفظها البحر في شكل حصى كثيرة لزجة وأشبه بالبلاستيك خضراء اللون من حيث التركيبة، تنتشر صفوفا على مسافة تقدر بأكثر من 854 متر اعلى طول الرمال، مكونة من مواد ذهنية وخليط مواد ومركبات ذات روائح كريهة، تلتصق بالأحذية بشكل متين حيث يصعب تنظيفها"، يورد التقرير. وعبّرت "بييزاج" عن تنديدها وشجبها لما وصفتْه ب"الممارسات البدائية في التعامل مع البيئة الشاطئية الساحلية"، معتبرة إيّاه "جريمة بيئية غير مسبوقة تستوجب فتح تحقيق نزيه ومسؤول"، وداعية إلى "تحميل المسؤولية البيئية الكاملة للمتسببين في هذه الكارثة، واتخاذ المساطر القانونية والقضائية وتطبيق القانون والتعويض عن الأضرار التي لحقت محطة التصفية، واستصلاح البيئة الشاطئية والرملية المشبعة بالتلوث، والأضرار التي لحقت الشاطئ".